داعش تتمدد من جديد في دير الزور

محطة الكم التي تم استهدافها بالهجمات الأخيرة تصوير بدر الدين سلامة

محطة الكم التي تم استهدافها بالهجمات الأخيرة تصوير بدر الدين سلامة

"التنظيم لا يكاد يمرر عاصفة غبارية تجتاح المحافظة إلا ويشن هجوما حيث يستغل الغبار الذي يحول دون الرؤية بوضوح لتسيير عرباته المفخخة"

أحمد الأحمد

جمال الصالح (45 عاماً) وهو اسم مستعار لأسباب تتعلق يسلامته طبعا يقيم قرية الشعفة آخر معاقل تنظيم داعش في منطقة البوكمال القريبة من الحدود العراقية. ويشير الصالح إلى هجرة عكسية بدأت باتجاه المناطق التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية.
ويقول الصالح لحكايات سوريا: “في هذه الأيام حيث يسود الهدوء على الجبهات يعيد مقاتلو الدولة الاسلامية عوائلهم إلى منطقتنا. كما نلاحظ رحيل بعضهم واختفاءهم عن الأنظار”.
الصالح الذي يتنقل بين مناطق قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وداعش يساعد مقاتلي التنظيم في لم شمل عوائلهم. وعن ذلك يقول: “غالبا وفي طريق عودتي إلى قريتي أنقل نساءً وأطفال الى هناك حيث يكون ذلك بالتنسيق مع عناصر الدولة هناك”.
ويلفت الصالح إلى “استعدادات وتجهيزات يقوم بها عناصر الدولة الإسلامية (داعش) هناك. الدولة قامت بتغيير شبه كامل للأمراء العسكريين في صفوفها. ودائماً يخطبون في المساجد عن غزوات جديدة على مناطق سيطرة النظام في دير الزور ويدعوننا للمشاركة بها”.
ويأتي ما قاله الصالح بعد ما بدا وكأن فكرةَ البقاء التي طمح إليها تنظيم داعش قد تلاشت، وبعد تبدد مقوماتها على أيدي قوات النظام وميليشياتها من جهة، وقوات قسد ومجلس دير الزور العسكري من جهة أخرى.
وبعد خسارة التنظيم لما يقارب 95% من مناطق نفوذه في سوريا والعراق، وانحساره في قرى وبلدات محدودة في ريف دير الزور الشرقي .عاد التنظيم مرة أخرى في محاولة جديدة منه لكسب ثقة المؤيدين. واختار استغلال مسألة حساسة وهي ما قيل أنه رفع الأذان الشيعي فوق مساجد أهل السنة في المنطقة.

الشيخ سليمان إمام احد مساجد المنطقة يقول “إن رفع الأذان الشيعي طامة كبرى حيث تعمد هذه الميليشيات إلى تدنيس المساجد بأفكارها وبشعائرها في محاولة لنشر معتقداتها بقوة السلاح أو بوفرة المال”. الشيخ سليمان أيّد بشدة “الهجمات التي شنها مقاتلو الدولة على أماكن تمركز الميليشيات الشيعية”.
إذا داعش تلعب على الوتر الحساس. فهي تسعى للتمدد مرة أخرى، ولعلها بفكرتها هذه أعادت الأمل إلى قلوب أنصارها. حيث عمد مقاتلو داعش مؤخرا إلى سحب نسائهم وأطفالهم من مناطق سيطرة قسد إلى ريف البوكمال.

الصحفي عبداللطيف الحمد يروي لـ”حكايات سوريا” عن النشاط المتجدد للتنظيم في المنطقة خلال الأسابيع الأخيرة. ويقول الحمد: “التنظيم يعتمد على العمليات الانغماسية والهجمات السريعة في 17 آذار/مارس 2018، تمكن التنظيم من السيطرة على محطة محطة الكم النفطية في بادية البوكمال”.
وبحسب الحمد تمت السيطرة هذه إثر هجوم بدأ من منطقة معزيلة. ويتابع الحمد: “هذا الهجوم لم يكن الأول ولكنه كان الأقوى فالتنظيم هاجم مقرات النظام والميليشيات المساندة له في أرياف البوكمال مراراً. واستخدم طريقته المعتادة في الهجوم ففجر عربة مفخخة بالقرب من مقر لواء الباقر المدعوم إيرانيا”.
ويرى الحمد أن داعش تستغل الظروف المناخية لهجماتها “التنظيم لا يكاد يمرر عاصفة غبارية تجتاح المحافظة إلا ويشن هجوما حيث يستغل الغبار الذي يحول دون الرؤية بوضوح لتسيير عرباته المفخخة”.
هجمات التنظيم التي تتركز على الحقول والمحطات النفطية لم تكن عشوائية بل هي عملية منظمة بدقة. فالتنظيم يسعى لبناء اقتصاده مجددا، حيث أشرف اقتصاد التنظيم على الانهيار لولا ما يملكه من بعض الآبار النفطية التي لم تخرج عن سيطرته حتى اليوم.

وكانت صفحة فرات بوست على موقع فايسبوك قد نشرت خبراً مفاده “أن تنظيم داعش يعيد فتح نقطة إعلامية في مناطق سيطرته، إضافة لعودة عمل السيارات التي تجول في البلدات داعية عبر مكبرات الصوت الى التعاون مع التنظيم، وتحث الجميع على الوقوف معه، كما أشادت بصمود مقاتليها ودعتهم للصمود على الجبهات”.
إن الهيكلة الإدارية التي تقوم بها داعش الآن في أحلك الظروف تفيد بأن داعش استفادت من أخطاءٍ ارتكبت على مستويات إدارية رفيعة سابقا، أدت إلى خسارة التنظيم مساحات شاسعة كانت تحت سيطرته. وقد تم اعتقال عدد من الأمراء العسكريين في صفوف التنظيم بتهمة التقاعس في المعارك ضد قوات النظام في مدينة الميادين.