“خالف تَعرف” حملة تستهدف اليافعين السوريين

من نشاطات مبادرة خالف تعرف

من نشاطات مبادرة خالف تعرف

مع نهاية شهر أيلول/سبتمبر الماضي، أطلق راديو سوريات مشروعاً بعنوان “خالف تَعرف” يهدف إلى تعزيز ثقافة تقبل الآخر لدى اليافعين السوريين، وتشجيعهم على تغيير أنماط حياتهم، وتكوين علاقات جديدة خارج إطار الحلقات الاجتماعية المعتادة.

بدأت فكرة الحملة مع ملاحظة ازدياد تقوقع وانغلاق جيل الشباب في سوريا على الحلقات الاجتماعية المتشابهة في أنماط التفكير والسلوكيات، وعدم القدرة على الخروج من هذه الحلقات، مما يعني الوقوع في خطر الانقسام وارتفاع نسبة التعصب وعدم تقبل الآخر، فهو يصبح بمثابة المجهول المختلف الذي يصعب الاقتراب منه والتعرف إليه يوماً بعد آخر. وهي واحدة من أخطر الآثار الاجتماعية السلبية للحرب التي تعيشها سوريا منذ أكثر من ستة أعوام.

ولمواجهة هذه المشكلة التي تعيشها سوريا اليوم وهي من من اخطر آثار الحرب المستمرة منذ 6 سنوات، صمم فريق راديو سوريات، وهو يعمل في الداخل السوري، مشروع “خالف تَعرف” انطلاقاً من فكرة تقبل الآخر لدى اليافعين على وسائل التواصل الاجتماعي من خلال نقاشاتهم ومنشوراتهم.

ويسعى المشروع إلى توسيع حلقات الأصدقاء لتصبح أكثر غنىً بمن هم مختلفين عنهم. أياً كان نوع هذا الاختلاف وسواء كان دينياً أم سياسياً أم اقتصادياً أم جنسياً، مما سيؤدي إلى التعلم والمعرفة وبالتالي المساهمة في بناء المجتمع والحفاظ على أسسه بطريقة سليمة.

كما يهدف المشروع إلى تدريب اليافعين على كيفية ممارسة حريتهم في التعبير عن الرأي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بما يضمن حريتهم وعدم تعرضهم لحريات الآخرين. مما يساهم في عدم تكريس مظاهر التحزب والانغلاق، والتأكيد على فكرة أن الاختلاف ليس مسبباً للخلاف، بل هو ظاهرة طبيعية وضرورية في المجتمع، تجعله أكثر تلوناً وتنوعاً ووعياً لقيمه وحقوق أفراده، مع التأكيد على ضرورة الحفاظ على الاحترام المتبادل.

يتألف مشروع “خالف تَعرف” والذي سيمتد على ثمانية أسابيع من ثلاثة أنشطة أساسية: حملة الكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي تتألف من منشورات ذات محتوى بصري وسمعي. بالإضافة إلى مجموعة من اللقاءات المباشرة مع اليافعين في مناطق متعددة الخصائص الاجتماعية في سوريا. أما النشاط الأخير فهو عبارة عن دليل استرشادي سيتم من خلاله العمل على تحويل جميع الارقام والمعلومات التي تم جمعها والحصول عليها خلال النشاطين السابقين إلى مادة معرفية تكون متاحة للجميع وتحتوي على أهم النتائج والتوصيات.

انطلقت الحملة الالكترونية في الأسبوع الأخير من شهر أيلول/سبتمبر، وذلك من خلال منشورات يومية على موقعي فيسبوك وانستاغرام. تنوعت المنشورات بين اقتباسات تحفز اليافعين على الانفتاح على الآخرين. مشاركة تجارب مشابهة حول العالم لحملات الكترونية هدفت لتعزيز ثقافة الانفتاح والتسامح ونبذ العنف والتطرف. رسومات وصور متحركة تشجع على الانفتاح وتقبل الآخر. معلومات إحصائية حول مدى أهمية مشاركة الشباب واليافعين في العمل المدني.

إضافة إلى ما سبق يتم نشر مقالات علمية ذات صلة من إنتاج شركاء في الحملة، مثل مبادرة طبيبي وشبكة الباحثون السوريون. كما تتضمن المنشورات استبياناً الكترونياً يهدف لاختبار سلوكيات مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، وطرق تفاعلهم وتقبلهم لبعضهم البعض.

أما اللقاءات المباشرة مع اليافعين فقد بدأت في الأسبوع الأول من شهر تشرين الأول/أكتوبر، وكان اللقاء الأول مع يافعي منطقة المزة 86، حيث استمر لمدة ثلاث ساعات مع حوالي 20 يافع ويافعة تراوحت أعمارهم بين 13 و16 سنة.

خلال الجزء الأول من اللقاء الذي امتد على ما يقارب ساعة ونصف الساعة، نفّذ فريق المشروع والمكون من عدد من الميسرين والخبراء النفسيين الاجتماعيين تمريناً تفاعلياً هدف إلى محاورة المشاركين وفهم شخصياتهم، حيث وُزع استبيان مكون من 11 سؤالاً على اليافعين، بهدف اختبار سلوكياتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.

تم توزيع مجموعة من الصور المتنوعة على المشاركين، وطُلب من كل منهم تشكيل صفحته الشخصية على أحد مواقع التواصل الاجتماعي بواسطة هذه الصور، ثم قام كل يافع بالتعليق وإبداء الرأي بصفحات الآخرين الشخصية. وكان هذا التمرين التفاعلي نقطة انطلاق للدخول في الجزء الثاني من اللقاء الذي خُصص للحديث عن حق حرية التعبير والضوابط لممارسة هذا الحق، بالإضافة للحديث عن أثر التربية والمحيط في سلوك تقبل الآخر.

وستعقد لقاءات مشابهة خلال الأسابيع الخمس التالية مع يافعين من محافظات مختلفة هي: دمشق وريف دمشق والسويداء وطرطوس وحمص. وذلك بهدف تغطية نماذج مختلفة من اليافعين السوريين. الأرقام التي سيتم الحصول عليها من خلال الاستبيانات واختبارات الشخصية التي وزعت بشكل مباشر ضمن اللقاءات أو تم نشرها عبر الانترنت، ستكون بمثابة معلومة يتم من خلالها تحديد الاحتياجات ونقاط التدخل والبناء على النقاط الإيجابية وتعزيزها.

تأسس راديو سوريات في سوريا عام 2014 كمشروع إعلامي مستقل. يهدف المشروع لخلق منبر تفاعلي حرّ يناقش قضايا المرأة السورية والعربية، عبر برامج متخصصة بأسلوب شيق وبسيط يصل إلى الجميع وعبر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والتقليدي، ومن خلال نشاطات وحملات تعمل على إدماج شريحة الشباب في قضايا المرأة. ومنذ تأسيسه اعتمد راديو سوريات في عمله على عدد من المراسلين ومعدّي البرامج المحترفين الموجودين داخل سوريا، كما عمد إلى تشجيع روح التطوع لدى الشباب من خلال الاعتماد على خبرات شبابية وتطوعية.

تم احتضان راديو سوريات عام 2015 من قبل مركز الأعمال والمؤسسات السوري، ومنذ ذلك الحين قام الراديو بتنفيذ العديد من المشاريع عن طريق التشبيك مع مختلف فرق ومنظمات المجتمع المدني داخل سوريا وخارجها، والمشاركة في الحملات المدنية والفعاليات التي تساهم في تأسيس مجتمع مدني سوري متماسك وفعال. وتطور عمل الراديو بما يتناسب مع حاجات المجتمع ليعمل أيضاً على تنمية الإعلام وتغيير الصورة النمطية للمرأة، بالإضافة إلى تسليط الضوء على الإعلام كأداة لبناء السلم المجتمعي بما في ذلك وسائل الإعلام الحديثة.

ومن المشاريع التي عمل عليها الراديو وشارك فيها خلال العامين الماضيين، حملات لإنهاء العنف ضد المرأة، وفعاليات لرفع الوعي بأهمية التعليم، وتوثيق الأدوار النسائية المميزة في سوريا، والتدريب على مهارات إعلامية عديدة لإعلاميين داخل سوريا، يضاف إليها مشروع “ضمّة وردية” الذي يعتبر من أوائل المشاريع السورية الهادفة إلى حماية المرأة صحياً عبر رفع الوعي لديها في ما يتعلق بأمراض الصحة النفسية وسرطان الثدي.

يعد مشروع “خالف تَعرف” جزءاً من برنامج يعمل عليه الراديو منذ تأسيسه، من خلال عدة مشاريع وحملات تهدف الى محاربة التطرف على مستويات متعددة، وضمن شرائح مجتمعية متنوعة، وذلك انطلاقاً من المسؤولية المجتمعية التي يتحملها الراديو كمؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني في سوريا، الساعية إلى إحلال الديمقراطية وتكريس المساواة وخصوصاً التي تخص المرأة.