باص الخير للنقل المجاني

باص الخير المجاني في شوارع إدلب تصوير دارين الحسن

باص الخير المجاني في شوارع إدلب تصوير دارين الحسن

"يقوم كل باص بأربع رحلات يومياً، يقطع في كل منها مسافة سبعة كيلو مترات تقريباً. يحتوي الباص الواحد على 33 كرسياً وهو يقدم الخدمة مجاناً لحوالي 300 شخص يومياً"

دارين الحسن

عاد عادل (27 عاماً) إلى عمله، بعدما تركه مرغماً، وذلك بسبب بعده عن مكان سكنه، ولكون طرفه الصناعي لم يكن يسعفه على تحمل مشقة المسير لمسافات طويلة. تمكن عادل من العودة بفعل مشروع باص الخير الذي أطلقته منظمة بنفسج.

تعرّضت قدم عادل للبتر نتيجة إصابة حربية. واستعاض عنها بطرف صناعي. يقول عادل: “شعرنا بعد انطلاق المشروع بالارتياح والطمأنينة، لوجود أناس قلوبهم كبيرة يهتمون بهموم الأهالي ومشكلاتهم.ونجح المشروع بوصل أحياء المدينة ببعضها ونقل السكان إلى مختلف الأحياء بشكل مجاني ودون أية تكلفة. ووفر علي شقاء التنقل ومصاريفه واستطعت العودة إلى عملي لأكسب رزقي من عرق جبيني”.

مشروع باص الخير يهدف لتحسين الواقع الخدمي في مدينة إدلب والتخفيف من حجم معاناة المدنيين. إذ أن العديد من الناس يعجزون عن استخدام سيارات الأجرة ووسائل النقل الخاصة في المدينة، بسبب ارتفاع تكاليفها نتيجة ارتفاع أسعار الوقود.

مدير منظمة بنفسج فؤاد سيد عيسى ( 39عاماً) يقول لـ”حكايات سوريا”: “التمسنا الحاجة الماسة لهذا المشروع بعد عدة دراسات، لذلك قمنا بتسيير باصين داخل مدينة إدلب بخطين متعاكسين يمران على أكثر من 40 موقفاً ضمن مدة زمنية محددة. تبدأ من الساعة السابعة صباحاً وحتى الثانية ظهراً، لنقل الناس الفقراء الذين ليس بمقدورهم دفع تكاليف المواصلات المرهقة، وخاصة طلاب المدارس والجامعات ضمن خط سير محدد ومعروف”.

الباصات مقدمة من بلدية مدينة إدلب وتعود ملكيتها لها. وقد أعادت منظمة بنفسج تأهليها وإصلاحها وتكفلت بتأمين الوقود ورواتب السائقين ومصاريف الصيانة الدورية وغيرها من الاحتياجات، بحسب سيد عيسى الذي يضيف: “لدى المنظمة عدداً من الباصات المجهزة، سيتم استخدامها لاحقاً للتوسع بالمشروع ليشمل خطوط ريف المدينة”.

يعمل ربيع كادك (41 عاماً) سائقاً على أحد الباصات. ويقول كادك: “يقوم كل باص بأربع رحلات يومياً، يقطع في كل منها مسافة سبعة كيلو مترات تقريباً. يحتوي الباص الواحد على 33 كرسياً وهو يقدم الخدمة مجاناً لحوالي 300 شخص يومياً. وتم نشر الجدول الزمني اليومي لسير الباصات وأماكن وقوفها عند مواقف المدينة الرئيسية، وعبر صفحات التواصل الاجتماعي. ليتمكن الأهالي من تنظيم أعمالهم وفق خط سير الباص ومواعيد وصوله”.

ويضيف كادك: “تمر الباصات على أغلب المناطق الحيوية في المدينة من جامعات ومدارس وأسواق وساحات. وتتوقف عند المواقف المخصصة لها لإفراغ ركاب وصعود آخرين. لتقديم الخدمة الأفضل ومساعدة الناس على قضاء حوائجهم. ونسعى لتغطية أوقات دوام الطلاب والموظفين بشكل كامل ومنظم”.

ويؤكد كادك أن المشروع كان فرصة عاد خلالها إلى المهنة التي يحبها، والتي أمّنت له دخلاً معقولاً ورزقاً كريماً، بعد أن كان عاطلاً عن العمل .

الحاج أبو حسين ( 50عاماً) يعمل على بيع الكعك في الطرقات والأزقة. كان يجد مشقة كبيرة في قطع المسافات سيراً. وخاصة في فصل الشتاء بسبب سوء الأحوال الجوية. يتحدث أبو حسين عن مدى استفادته من باصات الخير قائلاً: “النقل المجاني سهل حركتي إلى جميع مناطق المدينة. أصبحت أبيع بضاعتي بسرعة ودون عناء ومشقة، كما استقله عند الذهاب إلى السوق لتأمين حاجات أسرتي”.

نزحت نورة العوض (29 عاماً) من ريف دمشق إلى مدينة إدلب. وهي تعمل كممرضة في إحدى المستشفيات. تقول نورة: “كنت أضطر لركوب تكسي الأجرة للوصول إلى مكان عملي. شكل هذا الأمر عبئاً مادياً كبيراً علي لاستهلاكه حوالي نصف الراتب الذي أحصل عليه. وبعد تسيير الباصات أصبحت أستقلها في الذهاب إلى عملي وفي رحلة العودة”.

تبتسم نورة وهي تضيف “أجمل مافي الباص أن مواعيده دقيقة. لا يؤخرنا عن أعمالنا أبداً، وقد وفر علينا الجهد الكبير والمصاريف الزائدة. ”

رائد حبوش (17 عاماً) طالب في الصف الثاني الثانوي. كان يدفع مصروفه اليومي لتكسي الأجرة لإيصاله إلى مدرسته. اما اليوم فهو يحتفظ بمصروفه لنفسه بفضل باص الخير. ويقول حبوش: “كنا أنا ورفاقي ننفق مصروفنا على تكاليف المواصلات حتى لا نتأخر على المدرسة. لكن باص الخير كان بادرة خير بالنسبة إلينا، حيث أصبح وسيلتنا الوحيدة في التنقل وخفف من الاعتماد على سيارات الأجرة. لذلك نطالب بزيادة أعداد الباصات لتغطي التنقل بين المدينة والريف. ”

عضو المجلس المحلي في إدلب أحمد السليم (44 عاماً) يقول: “حلت باصات الخير أزمة المواصلات في مدينة إدلب، وكان لها دور كبير في تلبية احتياجات الناس والتخفيف من الأعباء اليومية التي أثقلت كاهلهم بسبب الفقر و تردي الأحوال المعيشية. تزامناً مع تراجع دور وسائل النقل العام. لذلك رحب الأهالي بهذه المبادرة التي سهلت حركتهم وتنقلهم بالمدينة، في ظل سعينا كسوريين لإضفاء المزيد من الأمل على قسوة العيش التي نلاقيها جراء الحرب، لامتصاص الأزمات والنهوض بالبدائل من جديد .”