أُنصرْ… بين الإغاثة والتمكين

من النشاطات توزيع الوقود على المشافي الصورة من موقع المنظمة

من النشاطات توزيع الوقود على المشافي الصورة من موقع المنظمة

مقص، مشط، سشوار (جهاز تصفيف الشعر)… من خلال أدوات بسيطة، استطاعت أمل (28 عاماً) من بلدة حاس، أن تنفق على أطفالها الثلاثة بعد وفاة الزوج. أصبحت تعتمد على نفسها بإتقانها مهنة تصفيف الشعر.

خضعت أمل لدورة تدريبية في مركز الياسمين التابع لـِ الهيئة العالمية للإغاثة والتنمية (أُنصُرْ) -Onsur Syria. وهي واحدة من مئات المستفيدين من مشاريع أُنصر، وتقول عن تعلّمها مهنة تصفيف الشعر: “تعلّمتُ مهنةً ملائمة لوضعي كأرملة، كي أستطيع العمل والإنفاق على أبنائي. وأتاحَ لي مركز الياسمين تعلُّمها خلال شهرين فقط، لأعود بعد ذلك إلى معترك الحياة، لكن بسلاح العمل”.

تأسست منظمة أُنصر في العام 2012، وحصلت على ترخيصها بشكل رسمي في تركيا، في العام 2014. وتُعتبر من المنظمات التي لعبت دوراً كبيراً في مساعدة المجتمعات السورية المحلية، إن من خلال مشاريع الإغاثة، أو من خلال تمكين الأفراد وإخراجهم من الحاجة إلى الإنتاج والإعتماد على الذات.

تنتشر مكاتب وشبكة علاقات أُنصر داخل سوريا وفي دول اللجوء المجاورة… حيثُ لها مكاتب في مناطق سيطرة المعارضة في حلب وإدلب وريفهما، وفي الغوطة الشرقية المحاصرة، كما في غازي عنتاب في تركيا، وفي صيدا وعرسال في لبنان… ولها حضور في الأردن وكردستان العراق.

المدير التنفيذي للمنظمة حمزة العبدالله (39 عاماً) يقول لـِ حكايات سوريا: “عملتْ أُنصُرْ خلال السنوات الماضية على أكثر من مسار… أطلقنا عدة قوافل من المساعدات الإنسانية، بالشراكة مع منظمات عربية. واستطعنا من خلالها إيصال خمسة ملايين دولاراً أميركياً إلى الشعب السوري… وتنوعت القوافل بين الشتوية والطبية والغذائية وغيرها”.

يضيف العبدالله: “إضافة إلى قوافل المساعدات هناك مسار الإغاثة العاجلة في حال الكوارث والطوارئ، سواء غذائية أو غير غذائية كالمحروقات ومستلزمات الشتاء والملابس”.

وإلى جانب المشاريع الإغاثية وقوافل المساعدات، تعمل أُنصر على مشاريع تنموية، يعتبرها العبدالله الأهم، ويقول أنَّ المنظمة تمنحها الأولوية… باعتبار أنَّ هذه المشاريع تمكّن العوائل النازحة داخل سوريا من أن تعتمد على نفسها، مما يساهم في تعزيز صمودها.

وتتنوع المشاريع التنموية في أُنصر، بين القروض الصغيرة والمشاريع التشغيلية، ومراكز التدريب كالتي تدربت فيها أمل، وكذلك تدريب كوادر المنظمة نفسها.

 

 

عامر الحسين (40 عاماً) أحد النازحين في ريف إدلب، هو واحد من المستفيدين من مشروع القروض الصغيرة. يعيش مع عائلة مؤلفة من تسعة أشخاص، وكانت أوضاعه المعيشية صعبة جداً، إلى أن حصل على قرض صغير من أُنصر.

يقول الحسين لموقعنا: ” كان حالنا من سيء إلى أسوأ، نتيجة الفقر والنزوح ووجود عائلة كبيرة، بينما لم يكن لدي أي عمل… إلى أن حصلت على هذا القرض وفتحتُ محلاً لبيع الخضار، فصرتُ قادراً أن أُنفق على أسرتي وأُسدّد جزءاً من قيمة القرض”.

أمّا علاء (38 عاماً) أحد المستفيدين من المشاريع التشغيلية، حصل على وظيفة في السوق الخيري في ريف إدلب. يقول لموقعنا: “عدا عن أنَّ للسوق فائدة للمحتاجين، من خلال تقديم القسائم المالية لشراء احتياجاتهم… كذلك أمَّنَ فرص عمل للعديد من الأشخاص، ومنهُم أنا، فصارَ لي وظيفة أعتاش منها”.

وتعمل أُنصر في مجالات متنوعة، كمشروع إصلاح شبكات المياه، بالإضافة إلى مشاريع موسمية في رمضان والأعياد.

ولم يغب المجال الطبي عن اهتمامات أُنصر، فهي تقوم بتسيير عيادات طبية متنقلة ومجهزة بمعدات مع طبيب وممرضة في القرى النائية… التي قد تخلو من الخدمات الطبية. فتقدم لأهاليها خدمة المعاينة والعلاج مجاناً.

وتدعم المنظمة المشافي. ابراهيم الخطيب (30 عاماً) أحد الممرضين العاملين في مشفى كفرنبل، يُشيد بدعم المنظمة للمشفى الذي أوشك على الإغلاق بعد نفاذ مادة الديزل، فيقول: “قدمتْ لنا أُنصر 3 آلاف ليتر من الديزل، ما مكننا من تشغيل المولدات ومتابعة العمل في الإسعاف والعلاج”.

وتستهدف منظمة أُنصر العوائل القاطنة خارج المخيمات في دول اللجوء، باعتبار أنّ ليس لديها ما يصل للعوائل في المخيمات.

أبو محمد (41 عاماً) يسكن مع عائلته وعائلة أخرى في غرفة واحدة بالإيجار في بلدة عرسال في لبنان. يقول: “انتشلتنا منظمة أُنصر وأمَّنتْ لنا سكناً مناسباً ووضعت لنا بعض الأثاث فيه… فشعرنا أنَّ الحياة الطبيعية عادت لنا من جديد، بعد مضي عام كامل من الفقر والتشرد”.

يتحدث مدير منظمة أُنصر بحسرة عن المناطق المحاصرة داخل سوريا، ويلفت إلى أنّ المنظمة تساعد سكان تلك المناطق من خلال حفر الآبار، وتأمين خروج المياه لو بطرق يدوية، وكذلك مساعدة المزارعين لتأمين الأمن الغذائي.

وتتجلى التحديات التي تواجه المنظمة، بحسب حمزة العبدالله بالنظر إلى المشهد الإنساني في سوريا ككل، حيثُ هناك ما يزيد على مليون شخص محاصر، وأربعة ونصف مليون في مناطق يصعب الوصول إليها، بالإضافة إلى ما يزيد على 6 ملايين نازح داخل سوريا… وهذا المشهد هو غاية في التعقيد.

أما الصعوبات، فتتجلى بصعوبة الوصول إلى المناطق المحاصرة، وقطع الطرقات… كل ذلك يكون مرافقاً للقصف الجوّي الذي يستهدف منظمات المجتمع المدني ضمن أهدافه.

مع ذلك يقول العبدالله: “يبقى هدف أُنصر أن تخلق فرقاً في حياة الأشخاص الذين تستهدفهم المشاريع، رغم كل التحديات والصعوبات، نعمل دوماً في خطين متوازيين… الإغاثة والتمكين”.