أمسيات أدبية وشعرية في كفرنبل

"مجموعة من الأدباء والناشطين شكّلوا جسماً يجمع أدباء الثورة تحت اسم اتحاد كتاب سوريا الأحرار منذ بداية الثورة"

فيما كانت الطائرات الحربية تحلّق في سماء المنطقة، وفيما كانت تدور معارك شرسة قريباً من الحدود الإدارية لمدينة إدلب بين قوات الحكومة وثوار المدينة، كانت مجموعة صغيرة من الأهالي وبعض أعيان كفرنبل يجتمعون في أحد المراكز الأدبية غير أبهين بما يجري في الخارج.
مجموعة من الأدباء والناشطين شكّلوا جسماً يجمع أدباء الثورة تحت اسم اتحاد كتاب سوريا الأحرار منذ بداية الثورة، وشارك التشكيل الجديد في عدد من المؤتمرات أحدها في الكويت.
تفرّع عن اتحاد كتاب سوريا الأحرار أربع روابط منتشرة في سوريا أحدها في الشمال السوري الذي يضم ريف حلب ومحافظة إدلب.
رئيس رابطة الشمال لاتحاد كتاب سوريا الأحرار عصام الرجب يقول: “إن الهدف من الاتحاد أن يكون هناك مؤسسة تجمعنا، نكتب باسمها ونوثق نتاج الثورة، ولكن القبضة الأمنية كانت تسيطر على معظم مناطقنا. وهذا ما أجبرنا على تأجيل الإعلان ليتحول نشاطنا إلى العمل السري، واقتصر العمل على المشاركة في المظاهرات، وكتابة بعض اللافتات والأناشيد الثورية”.
الرجب وغيره من الأدباء يهدفون إلى التعبير عن أدب الثورة وحقوقها ومطالبها بعيداً عن السلاح والقتل والدمار، حيث تقيم الرابطة شهرياً أمسيات شعرية وأدبية في الشمال السورية.
الأمسية الأولى التي قام بها الاتحاد كانت في أنطاكيا عام 2013، ونقلت من قبل قناة الجزيرة، سبق ذلك أمسيات شعرية في ريف حلب وإدلب لاقت حضوراً واسعاً.
أما اليوم فيعتمد الاتحاد في نشاطه بالداخل على الرابطات الأربعة التي أنشأها، وتقوم هذه الرابطات بأمسيات أدبية وشعرية، كان آخرها الأمسية التي أقامتها رابطة الشمال في مدينة كفرنبل، سبقتها أمسيات أخرى في كل من جرجناز وخان السبل ومعرة النعمان.
حضر أمسية كفرنبل الشعرية التي أقامتها الرابطة عدد لا بأس به من الأهالي، وبعض مثقفي المدينة، وفي حين أثنى البعض على الشعراء، كان للبعض رأي آخر.
يقول الأديب والكاتب عبد العزيز الشاكر من مدينة كفرنبل: “إن محاولات الرابطة وإصرارها على المحافظة على الكتاب الشباب في المناطق المحررة أمر مهم جداً، لكن أحسست بالأمسية بنوع من التقليد، يجب علينا الابتعاد عن الشعر القديم ومفرداته”.
ويضيف الشاكر: “البتار والصاعق والقاطع، مفردات كانت لفترة الشعر العربي الموغل في القدم، وهي فترة أشعر بأنها انتهت، واليوم لا أعتبره شعراً، يجب علينا أن نستخدم الجمل الشعرية التي يتعب عليها الشاعر ويمزجها بتعبه وعرقه حتى يوصل المعاناة”.
ويختم الكاتب عبد العزيز الشاكر: “أحسست في فترة من فترات الأمسية أنني لا أسمع شعراً، بل صخباً، مع هذا أنا أُقدر الحالة بكل مقاييسها، وأشعر بأنها حتى بمستوياتها إن كانت مميزة أو متواضعة يجب أن نحافظ عليها”.
رئيس رابطة الشمال يوضح أن من بين أهداف الرابطة “تشجيع الكتاب والشعراء المغمورين على المشاركة في هذه الأمسيات التي تعتبر منصة لكل من يرغب بعرض إنتاجه الأدبي، لهذا نرى مستويات شعرية متفاوتة بين مميزة ومتواضعة”.
هجاء الحكام العرب، وإبراز المعاناة والآلالم التي يعيشها الشعب السوري، عناوين عريضة للقصائد التي ألقاها الشاعر فؤاد الحميدي (35عاماً) والعضو في رابطة الشمال في الأمسية الشعرية.
الحميدي يعتقد أن “على الكتاب والشعراء مسؤولية إبراز المعاناة، وتغيير نظرة الآخرين للثورة الثورية على أنها فقط عسكرية هدفها إسقاط حاكم، هناك أناس شتتوا وقتلوا وهجروا من منازلهم، ويجب تسليط الضوء على هذه القضايا”.
وفي ما يخص مستويات الأمسية الشعرية يقول الحميدي: “الجمهور وحده من يحكم على مستويات الأمسية، بالإضافة إلى أن النص الشعري له دور كبير في رفع مستوى الأمسية”.
يتساءل البعض عن مدى قدرة اتحاد كتاب الأحرار في الدفاع عن قضايا الثورة السورية، وردم الهوة بين ما يسوقه أدباء النظام في الدفاع عنه، وبين حالة الشد والجذب التي يعيشها كتاب المناطق المحررة حول ما يكتبون ومدى جدواه.
بينما يؤكد فؤاد الحميدي “نحن قادرون على أن نكون مؤسسة بديلة عن اتحاد الكتاب السوريين في مناطق النظام بعد انحيازه إلى بشار الأسد والدفاع عنه، رغم إراقة دماء الأبرياء، وقتل الأدباء أنفسهم والشعراء كالروائي محمد رشيد رويلي، والروائي إبراهيم خريط الذي قتل في العام نفسه مع ولديه”.
الاتحاد وبالإضافة للأمسيات الأدبية والشعرية التي تقيمها بها روابطه الأربعة، يصدر شهرياً مجلة “مداد” التي تهتم بنشر إنتاج الاعضاء فيها، ولا تمتلك صفحة رسمية في فيس بوك أو موقع الكتروني خاص بها، وتنشر على صفحة الاتحاد على شكل ملف pdf.
وبحسب رئيس رابطة الشمال عصام الرجب “لا يتلقى الاتحاد دعماً مادياً وهو يعتمد على مساهمات الأعضاء”.
يصر الأديب عبد العزيز الشاكر “على استمرار هذه الأمسيات، والعمل عليها، وتجاوز العقبات التي يمر بها الأدب في المناطق المحررة”.