القمح السوري ورحلة الإبذار مع الهلال الأحمر القطري
A wheat crop in one of the liberated areas.
“منذ ثلاث سنوات، لم أستطع الذهاب إلى أرضي بسبب انتشار حواجز النظام، وبالتالي لم أتمكن من جني المحصول لموسمين. لكن في الموسم الماضي تمكنت من ذلك، وقد زرعتها قمحاً، من خلال منحة الهلال الأحمر القطري”. يقول الحاج أبو يوسف (67 عاماً) من بلدة حيش، الذي كان ممن وقع الإختيار عليهم للحصول على منحة الهلال الأحمر القطري في موسم 2015-2016، لتنفيذ مشروع زراعة القمح.
وأعلن الهلال الأحمر القطري في تشرين الأول/أكتوبر 2016، وبالتعاون مع وحدة تنسيق الدعم والمؤسسة العامة لإكثار البذار الحرة عن رغبته بإجراء عقود مع المزارعين لموسم 2016-2017 في محافظات سوريّة مختلفة… وقد تمّ تقديم الطلبات لغاية 10 تشرين الثاني/نوفمبر 2016.
يقدم الهلال الأحمر القطري عن طريق مؤسسة إكثار البذار، ضمن هذه المنحة، كل مستلزمات الإنتاج من بذار وأسمدة وأدوية زراعية وغيرها… وذلك على شكل قرض حسَن، يُسترد من المزارعين في نهاية الموسم على شكل قمح من إنتاج الحقول. كما يقوم الهلال بشراء كمية معينة من القمح من كل هكتار متعاقد عليه، بسعر يزيد عن 10% من السعر الرائج في السوق المحلية.
عمار محمد (42 عاماً) مهندس زراعي ومدير فرع المؤسسة العامة لإكثار البذار الحرة في مدينة سراقب، يقول: “يتكرر مشروع إكثار البذار في سوريا للسنة الثالثة على التوالي، والهدف منه هو التشجيع على الزراعة وتأمين الإكتفاء الذاتي في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، وإيجاد الفرص للعاطلين عن العمل”.
ويقول عمار محمد “أنّ مساحة الأراضي المزروعة في موسم 2015-2016 بلغت 2340 هكتاراً وحجم الإنتاج الكلي قارب 9360 طناً من القمح”. ويُضيف: “نحنُ ننتظر محصول هذا الموسم، ونطمح لتجاوز أرقام العام الماضي”.
كما يوضح أنّ تكلفة المشروع لهذه السنة فاق تكلفة العام الماضي، وقُدّرت بنحو مليون وخمسمائة وخمسين ألف دولاراً أمريكياً، وفقاً لخطة توسيع المساحات عبر انتشار خمسة مكاتب للهلال الأحمر القطري في مختلف المحافظات، للإشراف على المشروع.
وعن آلية وشروط التقديم للمنحة، يقول أحمد مصطفى جنكي (37 عاماً) رئيس المجلس المحلي في بلدة حيش، أنَّ المشروع يُنفّذ في محافظات إدلب، حلب، حماه، حمص، درعا، ريف دمشق والقنيطرة. وأول شرط للتقدم إلى المنحة هو أن تكون الأرض صالحة للزراعة ومساحتها بين 1 و8 هكتار، أي من 10 إلى 50 دونماً. كما يجب تقديم مستندات من المجالس المحلية تُثبت ملكية الأرض”.
ويُكمل جنكي: “بعد ذلك يتم تقديم الطلبات في مراكز مؤسسة الإبذار في المحافظات. وتكون وظيفة المجالس المحلية كممثِّلة للبلدات، تقديمَ نماذج الطلبات للمزارعين من خلال مكاتبها الزراعية، والتأكد من البيانات مع مندوبين من مؤسسة الإبذار، ثمّ كتابة تقارير دورية للهلال الأحمر القطري”.
أحمد سرماني (34 عاماً) عضو في المجلس المحلي لمدينة خان شيخون في إدلب، يقول لـ موقع حكايات سوريا: “هذا العام تزايد الإقبال على المشروع، من لحظة إعلاننا عنه، كوسيط بين المزارعين ومؤسسة الإبذار. ومثل هذه المشاريع تساهم في دعم القطاع الزراعي الذي يُعتبر المورد الأساسي للسكان في كثير من المحافظات ولا سيما ريف إدلب، وبالتالي يتلقون الدعم، كما يحصل الإكتفاء الذاتي”.
من جانبه يرى فاتح الموسى (40 عاماً) وهو مزارع وتاجر حبوب في منطقة كفرنبل أنّ فائدة مشروع إكثار البذار انعكست إيجاباً على الجميع سواء المزارعين والتجّار وكذلك الأهالي. ويقول الموسى: “أمتلك أراضٍ بمساحة 20 دونماً، ولم أتردّد بالذهاب إلى المجلس المحلي من أجل الحصول على طلب لمشروع الإبذار”.
ويُضيف: “يحلم أي مزارع بأن تُقدِّم لهُ أي جهة كل مستلزمات الزراعة، ثمَّ تأتي لتشري منهُ المحصول بسعر أعلى من سعر السوق. وبفضل المشروع استعادت سوق الحبوب رونقها، وها نحنُ نُحافظ على جودة القمح السوري”.
الحاج أبو يوسف حضَّر حقوله لاستقبال الموسم الثاني من القمح مع الهلال الأحمر القطري، وها هو ينتظر مع بقية المزارعين، محصولاً ذهبياً من قمح سوريا، تحقيقاً للإكتفاء في ظل الجوع والحرب، وسعياً إلى إبقاء الزراعة مصدرَ دخلٍ لعيشٍ كريم لآلاف العائلات السورية.