معهد طبي للإعداد العلمي والأكاديمي في ريف إدلب

تحبّ رؤى (20 عاماً)عملها في التمريض، بعد أن خضعت لدورة تمريض مدتها ثلاثة أشهر في أحد المراكز النسائية، حيث حصلت على شهادة خبرة، بدأت تعمل بموجبها في إحدى العيادات الخاصة. وتطمح رؤى لزيادة مهارتها في هذا المجال، ولهذا السبب انتسبت إلى المعهد الطبي في كفرنبل، ما إن تم تأسيسه في بداية العام 2016.
تقول رؤى “دفعتني الحاجة المادية والحياتية في الظروف الراهنة إلى تعلم مهنة التمريض. بتنا وسط حرب شعواء، وأهم ما يمكننا فعله هو أن نكون ضمن كوادر طبية لإنقاذ المصابين أولاً، ولتأمين فرصة عمل ثانياً”. وتوضح رؤى أنها التحقت بالمعهد لأنه يعتبر بمثابة استكمال للخبرة بعد الدورة التي خضعت لها سابقاً في المركز النسائي، فقامت بالانضمام لقسم المعالجة الفيزيائية الخاصة بالفتيات في المعهد.
المعهد الطبي في كفرنبل بدأ كتجربة جديدة بإمكانيات متواضعة، وبمجهود شخصي من قبل بعض الناشطين والأطباء في منطقة ريف إدلب. ولأن التجربة كانت ناجحة ولاقت إقبالاً كبيراً، بدأ العمل على تطوير المعهد، فتحول إلى معهد يقوم على فريق عمل من الأطباء من مختلف الاختصاصات.
مدير المعهد مناف الحميدي (35 عاماً) يقول “إن إعداد الكوادر الطبية علمياً وأكاديمياً هو الهدف من إنشاء المعهد، وذلك نظراً للحاجة الملحة لوجود طواقم طبية تمتلك الخبرة الجيدة”. ويشير إلى “أن مدة الدراسة المقررة في المعهد كانت في البداية ستة أشهر ولكنها أصبحت سنتين وذلك بعد الحصول على اعتراف به من قبل مديرية صحة إدلب الحرة، ليكون هنالك فرصة لطلاب المعهد للتوظيف في المنشآت الطبية والمشافي الميدانية التابعة لمديرية الصحة في محافظة إدلب. ومن أجل تزويد المعهد بما يحتاجه من كوادر ومدربين ورواتب ولوازم تعليمية وغيرها.
سالم (21 عاماً) أحد طلاب المعهد يقول “توقفت عن الدراسة بعد حصولي على شهادة البكالوريا وذلك لعدم وجود جامعات خاصة بالائتلاف، ولكن في هذا العام تم افتتاح أقسام عديدة من الجامعات والمعاهد ليتاح للطلاب الالتحاق بها وإكمال دراستهم”. ولأن سالم يحب العمل في المجال الطبي لم يتردد في الإنتساب للمعهد وخاصة وأنه موجود ضمن مدينته كفرنبل وبالتالي فإن سالم ليس مضطراً للسفر لأي مكان من أجل الدراسة كما يفعل الآخرون.

من إحدى المحاضرات في المعهد الطبي في كفرنبل تصوير هاديا المنصور

تقسم الدراسة في المعهد إلى قسمين، قسم دراسة نظرية يدرس الطالب فيها سبعة مواد طبية تتناول أساسيات التمريض مثل الاسعافات الأولية والمعالجة الفيزيائية، التشريح وأنواع الأدوية، هذه المواد يدرسها الطالب في مبنى المعهد، أما القسم الثاني فهو التدريب العملي ويتم في النقاط الطبية والمشافي الميدانية المتواجدة في منطقة ريف إدلب.
الدوام في المعهد يوميا ماعدا العطل الرسمية والصيفية، ويشترط بالمتقدمين أن يكونوا دون الثلاثين من العمر، وأن يكونوا حاصلين على شهادة ثانوية.
يضم كادر المعهد سبعة من الأطباء المتخصصين، إضافة لصيادلة ونخبة من المدربين من ذوي الشهادات والخبرات في المجال الطبي.
الطبيب أحمد البيوش (30 عاماً) وهو أحد المدرّسين في المعهد، يقوم بتعليم الطلاب بعض العلوم الطبية وأقسام جسم الإنسان المختلفة والأمراض التي تصيب هذه الأقسام وكيفية علاجها والوقاية منها. وكذلك يفعل الطبيب زاهر حناك. أما بالنسبة للصيدلاني محمد الحسني فهو يعرّف الطلاب على أنواع الأدوية وأسمائها وكيف تعطى للمريض إضافة لتعريفهم بالتأثيرات الجانبية، ونبذة عن شتى أنواع المضادات الحيوية.
أما الممرض المتمرس خالد قاطوف فهو يدرّب الطلاب على مبادئ الاسعافات الأولية وطريقة عمل الجبائر وكيفية تركيب القثطرة الوريدية وغيرها. يقول قاطوف “نقوم بتعليم الطلاب كل ما يلزم ليتمكنوا من إسعاف الجرحى ضمن سيارات الإسعاف، التي لا تتوقف عن نقل المصابين بشكل يومي، منذ بداية الثورة وحتى الآن، فنحن بحاجة للكوادر المؤهلة”.
لم يقتصر المعهد على كونه مركزا للتدريب الطبي وإنما أيضا هو مركز ثقافي طبي للندوات الطبية، حيث يتردد عليه أطباء اخصائيين حتى من غير الكادر التدريسي لإلقاء محاضرات طبية وتوعوية. عدا عن ذلك يقام في المعهد دورات محادثة إنكليزية – تركية لجميع الطلاب، حتى إن كانوا غير منتسبين للمعهد. والجدير بالذكر بأن المعهد يحصل على دفعات رمزية من الطلاب في بداية السنة الدراسية.
صهيب (18 عاماً) يتردد على المعهد لحضور الندوات والمحاضرات ولتعلم اللغات، يقول صهيب “أشعر بالفائدة عندما أقصد المعهد وخاصة أنني أحضر نفسي للحصول على الشهادة الثانوية هذا العام، ودورات اللغات جد مهمة بالنسبة لي”.
أما بالنسبة لطلاب المعهد فلكل منهم طموح يريد تحقيقه ومنهم لؤي (19 عاماً) الذي يسعى ليكون واحداً من الممرضين العاملين في مجال إنقاذ حياة المصابين حيث يقول “احتراماً لأفراد الكوادر الطبية الذين قضوا أثناء القيام بعملهم الإنساني في إسعاف الجرحى، أحببت أن أكمل السير على نهجهم وأعمل في المجال ذاته، لأكون عونا لإخواني السوريين الذي باتوا ضحايا يوميين لإجرام النظام وأعوانه”.