معهد شاين يؤهل الشباب لدخول سوق العمل

افتتحت منظمة شاين معهداً للعلوم المهنية والتجارية في معرة النعمان، لتطوير ما لدى الشباب من قدرات وكفاءات وتعزيزها وتحويلها إلى مصدر دخل وعمل يفيدهم. وتسعى المنظمة بحسب ما تعرّف عن نفسها إلى تمكين الطالب في عدة مجالات حسب رغبته. الشاب السوري يملك حرية اختيار المهنة المحببة لديه ليكسب رزقه منها .

وتأتي هذه المبادرة بعدما أرخت الأزمة السورية بثقلها الكبير على الشباب. حيث ترافق النزيف البشري والإقتصادي بضياع مستقبلهم وأحلامهم. مما اضطرهم  لترك الدراسة بسبب ما يمارسه النظام عليهم من ضغوطات واعتقالات تعسفية، وانحسرت بذلك أمامهم فرص العمل وأصبحت قريبة من المستحيل.

المدير التنفيذي للمعهد محمد السلطان (30عاماً) يتحدث عن المشروع مبيناً أهدافه ومبادئه بقوله: “نريد أن نرتقي بجيل الشباب ليصبحوا قادرين على العطاء والاعتماد على النفس، دون أن يكونوا عالة على المجتمع”. وبحسب السلطان “تشمل الدراسة في المعهد، المعلوماتية وصيانة الحاسوب والإلكترونيات والبرمجة. إضافة إلى التجارة والاقتصاد وإدارة المشاريع الصغيرة والمتوسطة. وعلى الطالب أن يختار الفرع المناسب لإمكانياته ويدرس بعد ذلك المواد الأساسية مقرونة بالعمل والتطبيق.

الطلاب يتابعون الشرح في معهد شاين تصوير سونيا العلي

ويخضع الطالب لدورة أكاديمية في الاختصاص، ويثبت في نهاية الدورة أنه قادر على القيام بالعمل أكاديمياً ونظرياً حسب شهادات أساتذته وخضوعه للتجربة والامتحان. وبعدها يتم توظيف الطالب بشكل تطوعي لدى المحلات والورشات المتعلقة بتخصصه. وكان المعهد قد تعاقد مع عدد من المؤسسات بهدف توفير فرص عمل للمتخرجين. ليخرج الطالب بشهادة خبرة من رئيسه المباشر في العمل وعلى ضوئها يمنح الشهادة النهائية من معهد تشاين.

ويلفت السلطان إلى أن شهادات المعهد مرخّصة من إدارة التعليم العالي والتربية في إدلب. والهدف الأسمى لهذا المشروع هو تثبيت الشباب ضمن الأراضي السورية وعدم التطلع إلى اللجوء والاغتراب عن طريق توفير فرص عمل توصلهم إلى الإكتفاء الذاتي. وأبواب المعهد مفتوحة أمام الجميع سواء من حملة الشهادات أو لا، والانتساب إليه ليس حكراً على الشباب بل الشابات أيضاً اللواتي يخضعن لدورات يتعلمن خلالها كيفية استخدام الكمبيوتر والتعامل مع البرامج والنسخ وكتابة النصوص.

أما المدرسين والمدربين في المعهد فجميعهم من حملة الشهادات الجامعية، يقول المهندس فياض الأحمد (42عاماً) ويضيف : “للمدرسين خبرة عالية وإلمام جيد في التدريس والتعليم، وهم متخصصون في عدة مجالات منها الهندسة، اللغة الإنكليزية، الرياضيات والإقتصاد. كما أنهم يعملون بكل جد ونشاط. تجمعهم روح التعاون مع أن العمل يتم في بيئة صعبة وظروف عمل استثنائية يفرضها عليهم القصف العنيف والمتواصل من قبل النظام وحلفائه على مدينة معرة النعمان”.

الدراسة في المعهد عبارة عن دورات متتالية وفي نهاية كل دورة يتم تأمين فرص عمل لثلاثة متفوقين، ونسعى جاهدين لتأمين فرص عمل لجميع خريجي المعهد. وقد بلغت كلفة المشروع حتى تاريخ كتابة هذه السطور  75 ألف دولار ويتقاضى المدرّس 150 دولار شهرياً.

كان مبنى المعهد عبارة عن مدرسة مهدمة خارج الخدمة، تم تأهيلها وترميمها وشراء مولد كهربائي وأجهزة كمبيوتر، ومعدات صيانة. وتم تخصيص قاعة مخبرية. ويؤكد المهندس فياض الأحمد “أن جميع الأجهزة الضرورية متاحة ولكن القصف المتواصل يربك الطلاب ويعرض حياتهم للخطر”.

كامل عبد الجواد (20عاماً) أحد المستفيدين من المعهد يقول: “تركت الدراسة قبل أن أحصل على الشهادة الثانوية مع أن مستقبلي وكل طموحاتي كانت متوقفة عليها. ولكننا نعيش في المناطق المحررة وهناك صعوبة في الذهاب إلى مناطق النظام لتقديم الامتحانات حيث يعرض ذلك حياتنا للخطر. وبعد ذلك أصبحت أعيش حالة صعبة بسبب الفراغ وقلة العمل وغلاء المعيشة، لكن الانتساب إلى المعهد أعاد الأمل إلى حياتي من جديد. والدراسة فيه ممتعة ومفيدة فلا يعرف الملل طريقاً إلى قلوبنا لأننا ندرس المواد النظرية مقرونة بالعمل، وبذلك نتعلم أكثر وأسرع، كما أنني منسجم كثيراً مع زملائي وجميع المدربين الذين يقدمون لنا المعلومات بكل محبة وتفان”.

أما فؤد الباشا (23عاماً) من الريف الشرقي لمعرة النعمان فهو مولع بعالم الحاسوب وعندما سمع بالمعهد وجد فيه ضالته. ويقول الباشا: “اليأس والإحباط سيطرا على حياتي مثل سائر شباب سوريا حتى أنني بدأت أخطط للسفر إلى إحدى الدول الأوروبية بحثاً عن العمل والاستقرار. ولكن بعد دخولي المعهد أصبح لدي فرصة جديدة للبقاء لأنني تعلمت مهنة محببة إلى فؤادي وبات تعلمها سلاحاً في يدي لمواجهة الحياة الصعبة المفروضة علينا”.

المدير التنفيذي للمعهد محمد السلطان يختم كلامه قائلاً: “كانت سنوات الحرب كافية لنشر حالة من اليأس بين الشباب الذين لم يبق لديهم متسع للأحلام، حتى أصبحوا يبحثون عنها في الهجرات عبر رحلات الموت إلى خارج البلاد هرباً من واقعهم المرير ومعاناتهم الكبيرة. لذلك كان المشروع خطوة أمل  تسير بشبابنا إلى مستقبل أكثر أماناً، فهم الأمل المتبقي لهذا الوطن الجريح، فهم بناة سوريا المستقبل” .

بإمكانكم قراءة هذا المقال باللغة الإنكليزية على الرابط التالي