آراء معارضة من دمشق: لنجد بديلاً عن “الإئتلاف الوطني”

مريم عبد الله *

22
صورة لندوة نظمها “الائتلاف الوطني” عن السلاح الكيميائي في سوريا وتظهر تعليقات منتقدة للائتلاف بجانبها – صفحة الائتلاف الوطني على فيس بوك

 تعاني أبرز قوى المعارضة خارج سوريا من مشاكل جمة، فقد شهد التجمع الرئيسي الذي يضمّها، وهو “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية”، عدة هزات مؤخراً، أبرزها ما تبع انتخاب غسان هيتو رئيساً لحكومة انتقالية، تمهد لتسلّم السلطة من نظام الرئيس بشار الأسد. لم تحظَ هذه الخطوة على رضى أحزاب المعارضة في الداخل، الممثلة في “هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي” والتي تتهمها معظم قوى الائتلاف بأنها مقربة من الأسد. من ناحية أخرى، لم ينل هيتو تأييد بعض الأطراف الممثلة في “الائتلاف الوطني” نفسه. فالحكومة الانتقالية لم ترَ النور بعد أكثر من شهر ونصف على انتخاب هيتو، بسبب الخلافات بين أطراف المعارضة الخارجية.

هذه المشاكل ليست الوحيدة التي تعاني منها المعارضة خارج سوريا، إذ ثمة الكثير من المواطنين داخل سوريا ممن يعارضون نظام الرئيس بشار الأسد، ولكنهم في الوقت نفسه يترددون في منح المعارضة الخارجية ثقتهم.    

 محمد (42 عاماً) هو مهندس معارض يعيش في دمشق، حاول أكثر من مرة الانخراط في العمل السياسي المعارض داخل سوريا، إلا أنه امتنع عن ذلك بسبب ما يصفه بـ”الضبابية” التي تحيط بعملها، وآثر العمل في مجال الاغاثة. يرفض محمد أن تكون المعارضة منقسمة بين الداخل والخارج، ويرى ان الاستئثار بالحكومة الانتقالية من قبل طرف واحد هو عمل غير شرعي فالانتخابات لا غنى عنها، ولو كانت لاختيار حكومة مؤقتة، لأنها يجب أن تشكل تغييراً ملموساً في تفكير الشعب السوري. يقول محمد “إن كان ولا بدّ من حكومة ظلّ، فلتكن عن طريق برلمان ظلّ منتخب من قبل المجالس المحليّة والتنسيقيّات، ما يَدْفع للتشاؤم، هو أنّ هذه التشكيلات والهيئات لا تُقدّم نموذجاً يُحْتذى، مثلاً طريقة تعيين هيتو، وكذلك عدم الفاعليّة والنجاح حتّى في إدارة المناطق التّي تقع تحت سيطرة الجيش الحرّ والمعارضة”.

يلاقي هذا الرأي صدى في تعليق المحامي إيهاب (35 عاماً) الذي تعرض أكثر من مرة للاعتقال بسبب نشاطه السياسي المعارض، فهو يعتبر أن كل هذه الهيئات هي مجرد “قناع صنعته القوى العالمية”.

يقول إيهاب “لا يخفى على أحد مدى الارتباط العضوي بين الكثير من أعضاء “الائتلاف”، وقبلها “المجلس الوطني” مع القوى الغربية وخاصة اوروبا وأميركا، وللأسف، للبعض منهم علاقة مع إسرائيل؛ عندما قبلنا بالمجلس الوطني وبعده الائتلاف قبلت الناس لأنها كانت تعتقد أن (الذرائع الغربية) بتشرذم المعارضة سوف تنتهي وسيكون هناك موقف دولي جدي من القضية السورية، المهم وعلى حين غرة من الشرفاء في المعارضة الخارجية تم السطو السياسي، بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، على الواجهة السياسية للثورة”.

يضيف إيهاب أن القوى الخارجية حاولت إبتزاز “الائتلاف الوطني” لتمرير الكثير من الإجراءات السياسية المثيرة للجدل، فلولا “وطنية” رئيسه المستقيل الشيخ معاذ الخطيب وبعض الآخرين لتم تمرير السلام مع اسرائيل دون قيد او شرط، والتعهد بمحاربة “جبهة النصرة”، والقبول بحكم ذاتي للأكراد، بالإضافة إلى وقف أي شكل من أشكال دعم المقاومة في فلسطين، والأهم من كل هذا، يقول إيهاب، أن هذه الدول كانت ستتقاسم عقود إعادة اعمار سوريا بعد الحرب.

أما في ما يتعلق بفاعلية الائتلاف في الداخل، فيرى إيهاب أنه عاجز ولا سلطة له لا على المجموعات المسلحة ولا لجان التنسيق المحلية، لذا  فالحكومة المؤقتة هي “مشروع فاشل”.

يربط البعض بين تشرذم قوى المعارضة من جهة وطول أمد الأزمة وغياب الحل من جهة أخرى، ولكن البعض الآخر يذهب إلى حد اتهام الهيئات الرئيسية في المعارضة بالفساد والسرقة.

تقول ميساء (34 عاماً) وهي تعمل مدرسة إن  “الائتلاف الوطني” هو من “أكبر أخطاء الثورة… فمهمته السرقة ثم السرقة ثم السرقة، وأصبح مكشوفاً لكل الثائرين على الأرض لذلك لن يكون له أي اثر في أي حل بعد سقوط النظام”.

بعض المعارضين الذين تحدثوا إلى موقع “دماسكوس بيورو” اقترحوا إيجاد هيئات بديلة عن “الائتلاف الوطني” تتكون من قدامى المعارضين الذين يحظون بثقة معظم السوريين، تكون قادرة على التفاوض مع النظام لإنهاء الحرب الدائرة.

يقول منصور، وهو ناشط إعلامي على الإنترنت “لانريد أصدقاء ولا مؤتمرات ولا ورش عمل ولامساعدات إنسانية ولاحكومة إنتقالية في المنفى… نريد فقط مجموعة صغيرة تستطيع التفاوض مع النظام لإنهاء هذا الصراع الذي ربما لن ينتهي أو سينتهي بأسوأ السيناريوهات”.

 وتؤكد زويا، وهي محامية تبلغ من العمر أربعين عاماً أهمية التفاوض مع النظام وإيجاد بديل عن المعارضة الحالية التي عقّدت المشكلة بدلا من حلها “التفاوض يبدأ مع الداعمين للنظام وأولهم روسيا فعندما تأخذ روسيا تطمينات فستبدأ بالتغيير نحن لا نريد لا مجالس ولا ائتلاف، فمن يريد استمرار القتال هو خارج سوريا، لأن الموت يطال من هم فيها من كل النواحي ومنها التفجيرات والقذائف إضافة إلى صواريخ (جيش) النظام التي تشن بمنهجية إعدامات للبشر والحجر والتاريخ”.

* مريم عبدالله هو اسم مستعار لصحافية تعيش داخل سوريا