شظف العيش في حلب

رشا الطبشي

تصدرت الأعمال العسكرية الأنباء عن مدينة حلب منذ خمسة أشهر وحتى اليوم، في حين كادت تغيب التغطية الإخبارية بشكل شبه كامل عن الاوضاع المعيشية الصعبة، سواء في المناطق التابعة للـ”جيش السوري الحر” أو للجيش النظامي. عاصمة سوريا الإقتصادية باتت تعيش أسوأ ايامها بعد انقطاع الخدمات الأساسية، حيث عاد الجميع إلى زمن إضاءة الشموع في المنازل.

حلبيون يجمعون الحطب - فيس بوك
حلبيون يجمعون الحطب – فيس بوك

الخبز

بدأ سعر ربطة الخبز بالإرتفاع منذ تفجر القتال في حلب، حيث أصبح سعر الربطة الواحدة غير المدعومة 45 ل.س. بدل 35 ل.س.، والسبب يعود إلى النقص في مواد المحروقات (المازوت والغاز وغيرها). ولكن منذ شهر تقريباً بدأت أزمة الخبز بالتفاقم وبشكل سريع، حتى أصبح سعر الربطة غير المدعومة يتراوح بين 200 و350 ل.س، عدا عن أن الربطة تحتوي على 8 أرغفة فقط بدل 14 رغيفاً.

الأسباب وراء الأزمة كما يقول علاء السيد، وهو محامٍ من حلب يوثق الأحداث في المدينة على صفحته في فيس بوك، تعود إلى أن معظم الأفران التي تبيع الخبز المدعوم توقفت عن العمل بسبب انقطاع المازوت المدعوم  واضطرارها لشراء هذه المادة في السوق السوداء، مما أدى إلى ارتفاع سعر ربطة الخبز.

لا تزال هناك مؤسسة واحدة تبيع الخبز غير المدعوم، ويقال إن طاقتها الإنتاجية تبلغ عشرات الآلاف من الربطات يومياً، وتقوم بشراء الطحين والمازوت من السوق السوداء. وبما أن المؤسسة تقع على طريق دمشق حلب، لا يستطيع الأهالي الوصول إليها لشراء حاجتهم من الخبز، فقامت المؤسسة في بداية الأزمة بالإتفاق مع عدد من الموزعين، تسلمهم يومياً 50 ربطة بسعر 60 ل.س. ليبيعوها بسعر 75 ل.س.، كما خصصت منفذ بيع للسيارات العابرة.

ولكن عندما توقفت أفران الخبز المدعوم و زاد الطلب، وعلى الرغم من أن هذه المؤسسة لم تزد أسعارها، قام بعض الموزعين برفع أرباحهم في الربطة الواحدة إلى حوالي 200 ل.س.، حسبما يفيد بعض الأهالي في حلب.
البعض من الحلبيين ممن استطاعوا تأمين الطحين بدأوا بالخبز في منازلهم ونشر وصفات الخبز المنزلي على مواقع التواصل الإجتماعي لمساعدة بعضهم البعض.

انقطاع الكهرباء وغلاء المحروقات

للكهرباء في مدينة حلب حكاية أخرى، فمنذ شهر تشرين الأول/أكتوبر بدأ انقطاع التيار الكهربائي بشكل كامل عن الكثير من المناطق، مثل منطقة السكن الشبابي في الأشرفية وبعض الأحياء من منطقة حلب الجديدة، وهي من المناطق التي تشهد مواجهات عسكرية بشكل دائم.

حالياً، تعود أزمة الكهرباء بشكل أساسي إلى قصف المحطة الحرارية التي تغذي مدينة حلب من قبل طائرات الجيش السوري بعد أن سيطر عليها عناصر من “الجيش الحر” يوم 5 كانون الأول/ديسمبر، بالإضافة إلى تضرر محطة التوليد في “سد تشرين” إثر الإشتباكات التي دارت في “مدرسة المشاة” العسكرية يوم 17 كانون الأول/ديسمبر.

وفي ظل تعذر الإتصال بمصدر حكومي، قال السيد إنه تأكد من خلال تواصله مع بعض العاملين في شركة الكهرباء من أن المحطة الحرارية قد أصلحت ولكنها لم تعمل بكامل طاقتها بعد بسبب الوضع الميداني.

وقد فرض هذا الأمر على الكثير من الأهالي شراء المولدات الكهربائية، التي لقيت نصيبها من الغلاء أيضاً.

أزمة انقطاع التيار الكهرباء ولدت مشكلة تتعلق بتأمين مصادر التدفئة، خاصة وانه بعد غلاء أسعار المحروقات اعتمد الكثير منهم على التدفئة الكهربائية، وكبديل بدؤوا باحراق الأوراق والأخشاب والأحذية وكل ما تيسر لهم من مواد قابلة للحرق، فلم تسلم الأشجار ومقاعد الحدائق وأبواب المنازل من الحرق واستعمالها للتدفئة والطهو.

وقد بلغ سعر أنبوبة الغاز (نصفها فارغ) 4800 ل.س.، وسعر ليتر المازوت 225 ل.س.، كما بلغ سعر ليتر البنزين 210 ل.س.، وارتفع سعر طن الحطب إلى 25000 ل.س.، وقد ساهم انخفاض سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار في ارتفاع أسعار المحروقات، حيث يبلغ سعر صرف الدولار في السوق السوداء حالياً نحو 98 ل.س. بعد أن تجاوز سعر صرفه عتبة المئة ليرة في وقت سابق من هذا الأسبوع.

بعض الحلبيين بدؤوا باعتماد وسائل غريبة من نوعها للاحتيال على صعوبات حياتهم اليومية، ومنها استعمال “شمعة البطاطا”، حيث يتم إدخال الزيت ومنديل ورقي على شكل فتيل إلى حبة البطاطا، ويتم إشعالها لتستمر لنحو ثمان ساعات وهي بديل للشمع الذي أصبح سعر الواحدة منها 50 ليرة سورية.

وفي سياق متصل بالأزمة المعيشية كانت وكالة “رويترز” قد نقلت عن التلفزيون السوري أن رئيس الوزراء وائل الحلقي قام بزيارة إلى المدينة يوم 17 كانون الأول/ديسمبر وأنه وعد بتقديم مساعدات بقيمة ما يقارب الأربعة ملايين دولار.