باب الهوى: مخيم “نموذجي” ينتظر الافتتاح
رشا الطبشي
بين موت الأطفال من شدة البرد في مخيمات الأردن وطوفان الخيم في المخيمات التركية، وغياب المخيمات الرسمية في لبنان والعراق، تحرك بعض الناشطين السوريين لإنشاء مخيم عند معبر باب الهوى ضمن الأراضي السورية، علّه يريح اللاجئين من العراقيل التي تضعها بعض الدول أمامهم.
لا تزال الظروف تعيق افتتاح هذا المخيم، الذي أراده منشؤوه نموذجياً، على رغم أنه بدأ باستقبال بعض النازحين. فقد تعرض للقصف الجوي بتاريخ 26 تشرين الثاني/نوفمبر، مما أدى إلى تصدع في مبنى المسجد وبعض الحمامات وتدمير عدد من الخيم بشكل شبه كامل، بالإضافة إلى تأخر العمل بسبب الأمطار الغزيرة.
يأتي إنشاء هذا المخيم بعد إنشاء مخيم قطمة في موقع قريب ضمن الأراضي السورية، على قطعة أرض زراعية غير مجهزة لاحتضان أعداد كبيرة من النازحين. وقد وجد الناشطون في معبر باب الهوى المكان المناسب لإقامة مخيم سكني مخصص للعائلات فقط. فالموقع يشمل قطعة أرض تصل مساحتها إلى 30 ألف متر مربع ومعبّدة بالأسفلت بشكل كامل، بالإضافة إلى وجود وحدة لتوليد الطاقة الكهربائية بقدرة 300 KVA وإمدادات صرف صحي ومبنى مخصص للصلاة وسور حجري، بالإضافة إلى أسلاك شائكة تفصل الموقع عن المنطقة المحيطة.
أقسام المخيم
يضم المخيم 550 خيمة سكنية تتسع لـ 5000 شخص، مساحة كل واحدة منها 12 متراً مربعاً وترتفع 20 سنتيمتراً عن الأرض لعزلها عن الماء وتفادي تعرضها لفيضان كما حدث في المخيمات التركية. وخصص لكل شخص احتياجاته الخاصة من فرش اسفنجية عالية الضغط ووسائد وأغطية صوفية، كما تم تأمين مستلزمات خاصة بالأطفال، مثل فرش ووسائد خاصة بهم، بالإضافة إلى بعض الألبسة والألعاب البسيطة. وتم تخصيص أدوات إضاءة مناسبة ومدافئ وأجهزة لإطفاء الحريق، كما جهز المخيم بنظام كهربائي خاص لتفادي وقوع الحرائق او أي تماس كهربائي.
الجزء الثاني من المخيم هو قسم الحمامات، التي يبلغ عددها 136 حماماً، تم وصلها مباشرة بخزان المياه الرئيسي، وتبلغ سعته 70 ألف لتر. هذا القسم مجهز أيضاً بـ 36 جهاز طاقة شمسية، وتم ربط كل خمسة حمامات بغرفة غسيل.
وفي القسم الآخر من المخيم أنشئت خيمة كبيرة تتسع للأطفال صباحاً لتكون بمثابة مدرسة لهم. وفي فترة الظهيرة، من المقرر أن يقوم المشرفون على القاعة بتحويلها إلى قاعة ترفيه وسينما للأطفال، أما مساءً فستتحول إلى مقهى للكبار لعرض نشرات الأخبار وغيرها من البرامج لتكون مكاناً لراحة المقيمين وتخفيف الضغط المعيشي اليومي عنهم.
آلية العمل في المخيم
إعتمد المخيم على تأسيس مجلس إدارة للمخيم عبارة عن مجموعة هيئات تمثل نشطاء وثوار وتضم: جمعية “سورية دعم” و”هيئة أبو عمارة لأعمال الإغاثة” و”شباب وريد” و”كتيبة الخال ظاظا” المسؤولة عن حماية المخيم من الخارج بشكل رئيسي، كما تم الإتفاق مع كافة الكتائب العسكرية في المنطقة للإشتراك في الحماية، وقد اعتبرت الكتائب ذلك بمثابة تطوع من جهتهم، بحسب مسؤولين في جمعية “سورية دعم”. أما داخل المخيم، فمن المقرر توظيف عدد من الشباب المقيمين فيه مقابل رواتب رمزية. ستوكل إلى هؤلاء الشبان مهمة تفتيش الداخلين، تحت إشراف الإدارة، لضمان عدم إدخال السلاح، بالإضافة إلى تعيين شخص يكون ممثلاً عن كل 100 خيمة لنقل المتطلبات إلى الإدارة، وذلك بهدف تعليم كيفية الإعتماد على الذات ضمن الظروف التي يعيشونها، بحسب أشخاص قيّمين على المشروع .
أما فيما يخص تأمين الغذاء، فقد تم إنشاء مطبخ رئيسي ليخدم مخيمي باب الهوى وقطمة، حيث يقوم المشرفون عليه بطبخ 7000 وجبة غداء يومياً، من المفترض أن تزيد في المستقبل القريب إلى 10000 وجبة تكفي المخيمين معاً، كما يتم العمل على تأمين سلل غذائية لكل خيمة تكفي لتأمين الفطور والعشاء لمدة شهر.
من أشد الصعوبات التي تواجه إنشاء المخيم واستمرارية عمله بالشكل الصحيح، حسب رأي أبو محمود الحمصي (إسم مستعار) وهو أحد أهم المشرفين على تأسيس المخيم، هي الأوضاع الأمنية المتردية في المنطقة التي تؤدي إلى ارتفاع بأسعار المواد الغذائية وفقدانها في الكثير من الأحيان، خاصة وأن أغلب المواد تأتي من داخل سوريا.
“المخيم يستوعب عدداً كبيراً من اللاجئين ويقوم بتوريد المساعدات إلى مخيم قطمة،” يقول أبو محمد. “نحن نعتمد على التبرعات التي تأتي إلى جمعية “سورية دعم” والتي تقوم بتوريد التبرعات المادية والعينية مباشرة إلى المخيم.”