بارقة أمل لتمكين المرأة السورية سياسياً
ندوات لتمكين السوريات سياسياً في إدلب تصوير هاديا منصور
تابعت هيام الصديق (30 عاماً) التدريبات السياسية التي أقامتها منظمة بارقة أمل بحماس كبير. في هذه الورشة التدريبية عرّفتها أكثر على الوضع السياسي الراهن، وبينت لها أهمية مشاركة المرأة في الحياة السياسية.
تقول الصديق وهي نازحة من ريف حمص: “لطالما تم تغييب المرأة السورية عن العالم السياسي، ولكن آن الأوان لتثبت ذاتها وتقول للعالم بأنها موجودة وصاحبة رأي وقرار”. وتعتبر الصديق أن قلة التوعية السياسية كانت السبب الرئيسي لهذا التغيب غير أن ما توفره منظمة بارقة أمل في هذا المجال من شأنه أن يمحي الجهل السياسي لدى قسم كبير من النساء ويشجعهن على المشاركة السياسية الفاعلة.
منظمة بارقة أمل تعمل على تأهيل الكوادر وتدريبها وتقديم الدعم النفسي لأسر المعتقلين خاصة ولكافة أطياف المجتمع عامة .
عضو مجلس الإدارة ومسؤولة القسم الطبي في منظمة بارقة أمل الصيدلانية سوسن السعيد (44 عاماً) تحدثنا عن تاريخ إنشاء المنظمة وأهدافها ومشاريعها فتقول: “تأسست المنظمة بتاريخ سبتمبر 2015 أي بعد تحرير مدينة إدلب من قبضة النظام بستة أشهر، وجاءت فكرة إنشائها من قبل مجموعة نساء بهدف دعم نساء المعتقلين والشهداء وإخراجهم من الحالة النفسية المتعبة”.
وتشير السعيد إلى “أن المنظمة عملت بعد ذلك بشكل مركز على تمكين النساء عامة أمام متطلبات الواقع الصعب الذي يعشنه وسط الحرب العنيفة التي تواجهها البلاد فكان لها نشاطات في التمكين الإداري والإقتصادي من خلال تدريبات في إدارة المشاريع، المراقبة والتقييم، إدارة المشاريع الربحية”.
وتوضح السعيد سبب إهتمام المنظمة بتمكين المرأة السياسي على وجه الخصوص فتقول: “لأننا نحمل هدفاً أساسياً في تعزيز مكانة النساء في مجال أقصين عنه طويلاً أطلقنا تدريبات في مهارات القيادة والإعلام المجتمعي، مهارات التيسير، فض النزاعات، وتعزيز خبرات النساء في مجال صياغة الدستور وأنظمة الإنتخابات، إضافة لتدريبات لتنمية مهارات التفاوض”.
إحدى المشاركات في التدريب وتدعى سميرة المحمد ترى “أن أحوال المرأة السورية باتت أفضل بعد إنطلاق الثورة، وأصبحت أكثر فهماً وجرأة في طرح القضايا سياسياً على جميع الأصعدة، وذلك بعد أن عمل النظام وعلى مدى 40 عاماً على تشويه مكانة المرأة وتكريس الصورة النمطية الضعيفة لها”.
وتعتقد المحمد “أنه لا زالت مشاركة المرأة السورية في الحياة السياسية محدودة ،ولكن الأمر ليس شكلياً كما أيام النظام، حيث شاركت المرأة وانخرطت بالثورة بكل جوانبها وشاركت في المظاهرات والعمل المدني وحاولت أن تدخل مناصب سياسية وأصرت على ذلك، وقد بات الأمر متاحاً للمرأة السورية بعد كسر الكثير من القيود والحواجر أمامها”.
وأطلقت منظمة بارقة أمل مسابقة أدبية للإناث ضمت عدداً من المشاركات في المنطقة المحررة كاملة وذلك ضمن مجالات القصة القصيرة، الشعر، المقالة، وأطلق على المسابقة إسم حكاية وطن وقلم واعتبرت المنظمة هذه المسابقة بمثابة مساهمة في تاريخ الثورة عبر توثيق الكثير من القصص والأحداث خلال تلك المسابقات.
سلاف العبدو (21 عاماً) إحدى المشاركات في المسابقة بقصة قصيرة تقول: “إن مسابقة حكاية وطن وقلم من شأنها أن تستقطب الكثير من المشاركات التي بدورها ستتناول قصصاً وقضايا وحكايا من واقع الثورة السورية”. وتلفت العبدو إلى أنها وثقت خلال قصتها ما جرى معها بعد تهجيرها وعائلتها من “الغوطة الشرقية التي تم تدميرها وإحتلالها من قبل النظام وحليفيه الروسي والإيراني” بحسب ما قالت.
كما وكانت منظمة بارقة أمل من الداعمين للأسبوع الثقافي الذي أقامته جامعة إدلب والذي تضمن فعاليات متنوعة من عروض سينمائية ومعارض فنية ومسابقات شعرية بهدف إعادة تفعيل دور الثقافة بعد انقطاع دام لسنوات طويلة.
وتستهدف بارقة أمل خلال تدريباتها كافة الشرائح وتركز على دمج المعتقلات بالمجتمع فهي تحمل رؤية الوصول بنساء قياديات إلى مراكز صنع القرار، وتم ذلك بالفعل من خلال مشاركة المرأة بالهيئة السياسية ومكتب المرأة والمجلس المحلي للمدينة ومديرية التربية والصحة .
من جهة أخرى تؤيد غادة باكير (45 عاما) مديرة مركز البراءة للدعم النفسي وعضو تجمع عدالة لنساء سوريا فكرة تأهيل المرأة ورفع المستوى السياسي لديها من أجل تسهيل دخولها في الحياة السياسية ووصولها لمستوى إتخاذ القرارات. ولكن باكير تصرّ “أن هذا الأمر لا زال معقداً أمام المرأة السورية لعدم وجود كيان قوي سياسياً حتى الآن، تستطيع المرأة المشاركة فيه. إضافة للفوضى الأمنية التي يعيشها الشمال المحرر” .
لم تقتصر أنشطة بارقة أمل على مركزها الأساسي في مدينة إدلب وإنما كان لها تجارب مع نساء الأحياء اللواتي لا يستطعن متابعة أنشطة المركز الأساسي. فكان لها جلسات توعوية في جسر الشغور، سلقين، الأتارب، تقوم بها مجموعة من المتطوعات والهدف من تلك الجلسات هو زيادة التشبيك وإشراك مختلف المناطق.
وتهتم بارقة أمل بالمجال المهني أيضاً من خلال مركزها في الحي الشرقي في مدينة إدلب لتعليم النساء فنون الخياطة وتصفيف الشعر والتمريض وغيرها من المهن .
أما عن الصعوبات التي واجهت بارقة أمل في عملها فتلخصها السعيد بـ “المعاناة التي تواجه الجميع جراء الوضع الأمني المتردي، خاصة بعد خروج مركز سابق للمنظمة عن الخدمة بعد تفجير استهدف حي القصور. يضاف إلى ذلك بعض الصعوبات المتعلقة بالتكلفة المادية، وقد تم تجاوزها كون الكادر يعمل بشكل تطوعي ويحمل هدفاً محدداً وهو بناء البلد على أسس متوازنة وصحيحة .”
رغم ثقافة الحرب والمجتمع والنظام القمعي الذي غيب دور المرأة السورية الحقيقي في مختلف المجالات، تسعى منظمة بارقة أمل لإعادة تأهيل المرأة بغية تحسين أوضاعها وتعزيز مشاركتها السياسية للوصول لنيل حقوقها وتطلعاتها .