وأصبحت أرى بفضل العملية في دمشق
"انطلقنا إلى دمشق وفي صباح اليوم التالي حضر الطبيب. أجرى لي الفحوصات للإستعداد للعملية الجراحية"
أذكر في عام 2011 ومع بداية الأحداث في سوريا، أحسست بألم شديد في عيني. واستمر الألم لأيام عدة. حتى أنّي لم أعد أحتمل. لم أكن قد أخبرت أحداً عن ألمي وعمّا أحس به، ﻷن اﻷوضاع لم تكن آمنة في تلك الفترة.
مع ازدياد اﻷلم لم أعد قادرة على الاحتمال، أخبرت أبي وفي اليوم التالي اصطحبني إلى الطبيب، وهو في قرية مجاورة. لم يكن لدينا أطباء عيون في قريتنا في ريف حماه الغربي. وصلنا إلى الطبيب الذي عاينني وبعد المعاينة قال أنني بحاجة إلى زراعة قرنية.
صدمنا هذا الامر، لم يكن في الحسبان. خرجنا من عند الطبيب وعدنا إلى قريتنا. وأصبح القلق ينتاب لم يكن لدينا القدرة المادية على تحمل تكاليف العملية التي تبلغ نحو 500 ألف ليرة سورية.
أبي لم يعد يحتمل السكوت عن هذا الموضوع أكثر من ذلك. وفي صباح اليوم التالي استيقظ باكراً، فسألته وأنا في حيرة من أمره: “ما بك يا والدي؟” فأجابني بكل هدوء: “لا عليكِ ياأبنتي فسأذهب إلى مدينة حماه كي لأعرض الصور على طبيب عيون مشهور هناك”.
وبالفعل أخذ أبي الصور وذهب إلى المدينة. وعندما عاد أبي من عيادة الطبيب كانت حالته قد ازدادت سوءاً، ﻷن الطبيب كان قد أكد له ضرورة إجراء العملية، وأنه لا غنى عنها وأن الليزر لا ينفع في هذه الحالة. قمنا جميعا أنا وأمي وأخوتي بالتخفيف عن أبي وأن اﻷمور ستكون بخير. وكنا واثقيين بكرم الله.
لم يستطع أبي أن يبقى مكتوف اليدين أمام حالتي التي تزداد سوءاً، وفي كل يوم كان يأخذ الصور إلى طبيب جديد. وفي إحدى المرات أخذ الصور وذهب إلى مدينة محردة، وأيضا كان رأي الطبيب أنني بحاجة إلى عملية.
في طريق عودته قرر أبي أن يغير وجهته، فذهب إلى صديق له في بلدة خان شيخون. روى لصديقه وزوجته القصة، فكان الفرج بحمد الله على يد رفيقه، إذا أن أحد أقاربه يعمل في مشفى ابن النفيس في دمشق، اتصل به وأخبره القصة.
ولحسن الحظ والحمد الله أجابه رفيقه أنه سيتم ادخال اسمي في التسجيل، لإجراء العملية. وفي ثالث أيام عيد اﻷضحى اتصل بنا عامل اﻹستعلامات في المشفى يسأل عني. وقد قال لي أنه من الواجب أن أكون في المشفى صباح اليوم التالي.
انطلقنا إلى دمشق وفي صباح اليوم التالي حضر الطبيب. أجرى لي الفحوصات للإستعداد للعملية الجراحية. وفي المشفى التقيت بأشخاص قد اتو أيضا لنفس الغرض الذي اتيت لأجله، وهو زرع القرنية. فتاة في مثل عمري من دير الزور أتت ايضاً استعداداً للعملية.
وفي صباح اليوم التالي أجرى لي الطبيب العملية وقد استغرقت ساعتين ونصف الساعة. وعند انتهاء العملية اخبر الطبيب والدي بنجاحها والحمدلله. وهنا تنفس اهلي الصعداء، لان الدكتور قبل إجرء العملية كان قد اخبرهم أنه من الممكن ألّا تستجيب العين.
وبعد عدة ايام في المشفى، أخبرنا الطبيب أن العملية نجحت وأن العين استجابت. لكن فرحتي لم تكتمل لأن احد المرضى الذين قد اجرو العملية معي لم تنجح عمليته. حزنت لأجله كثيراً. وبعد فترة اخبرنا أن الطبيب سيعيد إجراء العملية وانه سيكون بخير. وبعد أن اطمأن ااطبيب على العملية وقع لنا أوراق الخروج وخرجنا من المشفى عائدين الى قريتنا في ريف حماه الغربي.
في طريق العودة أحسست وكأنني أرى الطريق لأول مرة. وتمنيت الشفاء لكل مريض. كلنت الأفكار تضج في رأسي، فلم أشعر بطول الطريق. إلى ان قالت امي: باقي على وصولنا ربع ساعة. تفاجأت من سرعة وصولنا. انتابتني الفرحه العارمه لأني كنت أعرف أن أقربائي كلهم ينتظرون وصولنا.
يا الهي ماأجمل الأقرباء. كلهم بانتظاري وأنا أحمدلله بصحة جيدة وعيني بحالة جيدة، لكنها بحاجة إلى فحص دوري كل ستة أشهر. من أجل الاطمئنان على حالة القطب. ولا زلت أضع النظاره لأن عيني الثانية بحاجه إلى نفس العملية. والحمدلله على كل حال .
ريم الحموي (25 عاماً) من إحدى قرى ريف حماه الغربي، حاصلة شهادة الثانوية العامة.