ناشطات “المركز السوري للإعلام” يروين قصة اعتقالهنّ
يهدف “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير” إلى الدفاع عن حرية التعبير والمعتقد بالتعاون مع الهيئات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني. واستمر المركز في العمل خلال العام الماضي و قد أصدرعدة تقارير عن الإعلام وحرية التعبير والإعتقالات والمضايقات التي تعرض لها الإعلاميون خلال كتابتهم عن الثورة السورية، قبل أن تقفله قوات الأمن في 16 شباط/فبراير الحالي. يتوفر مقال مفصل عن عمل المركز عبر هذا الرابط.
“توفيت جدتي مساء البارحة فقمت بتقديم طلب إلى المسؤولين في المخابرات الجوية بالسماح لي بأن أكون قرب والدتي على الأقل خلال الأيام الثلاثة للتعزية، غير أنهم لم يوافقوا إلا على يومٍ واحدٍ فقط،” هذا ما كتبته الناشطة والموظفة في المركز السوري للإعلام وحرية التعبير رزان غزاوي على صفحتها الخاصة في موقع “فيسبوك”. وتؤكد غزاوي أنّ العاملات في “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير في سوريا” مجبراتٌ على مراجعة قوى المخابرات الجوية – فرع المزة لمدة خمس ساعات يوميّاً عدا أيام الجمعة.
“لا نعلم سبب هذه المراجعات أو أي شيء عن مصيرنا. ولا يزال مدير المركز مازن درويش وموظفوه معتقلين منذ 16 شباط/فبراير2012 ولا معلومات عن صحتهم النفسية أو الجسدية،” تقول غزاوي.
ففي خطوة أثارت الإستهجان والتنديد من قبل جميع نشطاء المجتمع المدني أقدمت عناصر المخابرات الجوية برفقة فرقة مداهمة مسلحة بمداهمة مكتب “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير” المرخص في فرنسا، والذي يعمل بشكل شبه علني في دمشق، واعتقال كل الموجودين داخل المركز وهم مازن درويش، يارا بدر، رزان غزاوي، ريتا ديوب، هاني الزيتاني، سناء الزيتاني، ميادة الخليل، عبد الرحمن حمّادة، حسين غرير، منصور العمري، بسام الأحمد، أيهم غزول، جوان فرسو، والزائران هنادي زحلوط وشادي يزبك.
وتقول إحدى الناشطات في المركز إنّ قوات الأمن المسلحة جاءت بحدود الساعة الثانية بعد الظهر وقام العناصر، والذين لم يكشفوا عن مذكرة تفتيش أو توقيف صادرة عن الجهات المختصة، بأخذ الهويات الشخصية لموظفي المركز وموظفاته بالإضافة إلى هواتفهم النقالة وطُلبت منهم التجمّع في غرفة واحدة حتى الساعة الرابعة ظهراً إلى أن تمّ اعتقال الجميع عبر نقلهم بباصٍ كبيرٍ إلى مقر المخابرات الجوية.
مها السبلاني، المديرة التنفيذية للمركز السوري للإعلام وحرية التعبير، والتي بقيت في المركز ولم يتم اعتقالها لأنها تحمل جواز سفر دبلوماسي والجنسية البريطانية، تم التحقيق معها داخل مقر المركز حول نشاطاته والملفات التي تحتويها أجهزة الكمبيوتر، وتقول: “حقق معي في البداية فرع المخابرات الجوية ومن ثم جاء فرع الأمن السياسي ليبدأ التحقيق من جديد وبقيت حتى الساعة التاسعة مساءً محتجزة في مقر المركز حتى انتهوا من التحقيق وأفرجوا عني بعد احتجاز موبايلي وأغراضي الشخصية”. وتمكنت السبلاني من مغادرة البلاد.
موظفات المركز يارا بدر، سناء الزيتاني، ميادة خليل، رزان غزاوي والزائرة هنادي زحلوط أفرج عنهنّ، ولكنهنّ مجبرات على مراجعة فرع الأمن الجوي كل يوم من التاسعة صباحاً حتى الثانية ظهراً، حيث لا يزلن قيد التصرف. تقول إحدى موظفات المركز: “في الأيام الأولى تم التحقيق معنا حول نشاطات المركز ومصدر تمويله، لكن بعد مرور أسبوع، كنا نذهب إلى الفرع ونجلس في أحد المكاتب منذ الصباح وحتى عودتنا إلى المنزل بحدود الساعة الثالثة عصراً دون أي سؤال أو إزعاج من أحد. فنحن أيضا معتقلات لكنا ننام في منازلنا”.
ويؤكد أحد نشطاء المجتمع المدني أن الأجهزة الأمنية ما زالت تحتل مكتب “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير” في شارع 29 أيار وسط دمشق، حيث يقيمون فيه ليل نهار، ربما بانتظار أي زائر من أجل اعتقاله.
وقد حصل المركز قبل اعتقال العاملين فيه، ممثلاً بمديره مازن درويش، على جائزة الكرامة الإنسانية من مؤسسة رولاند برغر الألمانية التي خصصت جوائزها لعام 2011 للثورات العربية. ولم يتمكن درويش آنذاك من حضور حفل التكريم في ألمانيا لمنعه من السفر منذ عام 2007، فوضعت المؤسسة صورته على الكرسي المخصص له. قال درويش في نهاية رسالته الموجهة إلى جمهور الحفل: “إسمحوا لي أن أهدي جائزتكم الكريمة إلى الشعب السوري العظيم الذي جعلني أشعر بالفخر لأني مواطن سوري”.
ويعتبر هذا الإغلاق لمقر “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير” هو الثالث في عهد الرئيس السوري بشار الأسد. فقد أغلق المركز في المرة الأولى عام 2005 وتم مصادرة كل محتوياته. وفي المرة الثانية قامت مجموعة مشتركة من إدارة المخابرات العامة وشرطة محافظة دمشق، بحضور رئيس بلدية منطقة المزة في سبتمبر/أيلول 2009 بإغلاق مكتب درويش في دمشق وعمدت إلى ختمه بالشمع الأحمر مع التحفّظ على كامل موجوداته وذلك دون أي إشعار أو إخطار قانوني بهذا التدبير.