رحلة إلى المخيم
إحدى محطات النزوح الطويل تصوير إيهاب البكور
في 28 يونيو/ حزيران 2015، نزحنا إلى إحدى قرى ريف إدلب المحرر، تاركين قريتنا في الريف الغربي لحماه بعدما اجتاحها الجيش النظامي.
كنت قد أنجبت ابنتي الأولى، وكنت متعبة عقب الولادة. كان الحو صيفاً والحرارة مرتفعة. حين تركنا منزلنا، لم نحمل معنا شي سوى أوراقنا وما كان لدينا من المال، وبعض ملابسنا. خرجنا ولا نعلم إن كنا سنعود يوماً إلى بيتنا وأرضنا.
أقمنا انا وزوجي وابنتي الرضيعة في بيت أخي، في بلدة ترملة في ريف إدلب الجنوبي. بقينا هناك لمدة 5 أيام. كنا ننام أحيانا دون عشاء، لم يكن الطعام يكفي هذا العدد الكبير من أفراد العائلة. ولم يكن البيت يتسع لنا حتى للنوم.
وإضافة إلى كل ما سبق من معاناة كانت بلدة ترملة تتعرض للقصف. قررنا ان نترك المنزل، ويذهب كل منا في طريق يختاره لنفسه. القصف المتكرر على البلدة جعل الحياة فيها مستحيلة.
في ريف ادلب الوضع لم يكن مستقراً، كنا نخشى غارات الطائرات الحربية والقصف المتواصل الذي يستهدف أغلب البلدات. ولم يكن بوسعنا استئجار منزل.
اختار بعض اخوتي السكن في بلدة معرة حرمة، والبعض الاخر نزح إلى بلدة معرة ماتر المجاورة أيضاً. أما انا وزوجي وابنتي واخي محمد وأختي ميساء وأمي، فقررنا الرحيل إلى المخيمات الحدودية. افترقنا، كل منا اختار جهة، اصبحت بيننا مسافات كبيرة. هذا ما حل بعائلات سورية كثيرة بفعل الحرب.
بعد وصولنا الى المخيمات، كانت هناك الحياة هادئة. لا أصوات طائرات ولا أصوات قذائف أو اطلاق نار. وهذا ماكنت أحلم به. أن أنام يوما ليلة مطمئنة، دون أصوات تلك الحرب اللعينة، التي أصلتنا إلى هنا.
أذكر كيف رحت في نوم عميق بمجرد وصولي إلى هناك، في ظل أشجار الزيتون. لم نحصل على خيمة لدى وصولنا. دعانا بعض النازحين هناك إلى قضاء ليلتنا الأولى في خيامهم. فتوزعنا على الخيم فقد كنا عائلة كبيرة.
وبعد أيام من الإقامة في خيم الآخرين، قدمت إحدى المنظمات خيمة لنا وخيمة لأمي وأخي وأختي. وكم كانت فرحتنا كبيرة، حصل كل منّا على خيمة!
كانت الحياة صعبة جدا في المخيم. تم نصب الخيام بقرب بعضها البعض. فانعدمت الخصوصية. أما المراحيض فكانت مشتركة. ولا يوجد بديل.
زوجي قرر الالتحاق بإحدى الفصائل المتمركزة في حلب، مقابل راتب كان يرسله إلينا لنعتاش منه، بعد أن خسرنا كل ما نملك.
في المخيم كنت أنام مطمئنة، فلا صوت طائرة يخيفني، ولا اقتحام جيش يؤرق مضجعي. حملت بابني الثاني وانا لا زلت في المخيم.
أذكر حين عاد زوجي في إحدى المرات من الجبهة وقد أحضر بطريق عودته بعض الإسمنت من اجل أرضية الخيمة. كانت الخيمة في الصيف وكأننا تحت الشمس، كنا نسكب الماء فوق رؤوسنا في في ظل عدم توفر الكهرباء. وفي الشتاء كانت أرض المخيم والخيام موحلة رطبة وباردة حتى الموت. وانتشرت الامراض بين اطفال المخيم من حب اللاشمانيا وصولاً الى امراض الجهاز التنفسي.
حاولنا انا وزوجي مراراً الدخول إلى الأراضي التركية، ولكن في كل مرة كانت تقبض علينا الجندرما التركيه وتعيدنا الى المخيم.
امضينا هناك حياة قاسية جداً، نعاني ما نعانيه، ولكننا اعتدنا تلك الظروف. وبقينا في خيمة لا تقي من حرّ صيف ولا من برد شتاء.
نور هشام (23عاماً) متزوجه ام لابناء اثنين تحمل الشهاده الثانويه من ريف حماه الغربي نازحه في ريف ادلب المحرر