خبّأته من القصف تسعة أشهر في بطنها والآن أين ستخبّئه؟
مع تحول الثورة السورية المدنية التي انطلقت في آذار/مارس عام 2011 إلى ثورة مسلحة، خرج زوج زهراء للجهاد بعد دخول الجيش النظامي مدينة إدلب. كانت تزوره بين الفترة والأخرى.
انتقلت زهراء واستقرت مع زوجها في منطقة بروما في ريف إدلب الشمالي. وبقيت زهراء مع زوجها هناك لفترة حتى قصف الطيران الحربي تلك المنطقه، فقرر خالي زوج زهراء النزوح من جديد إلى قرية كفرجالس خوفاً على زوجته وبناته ريماس ولين وهاجر. وكانت زهراء حامل بالطفل الرابع وهو ذكر.
استيقظت زهراء باكراً صباح 6 نيسان/أبريل 2015، وهي تخطط لتنظيف منزلها، هي تكاد تدخل شهرها التاسع والمولود سترحب به قريباً، كان الجو هادئا خالي من الطيران. بدأت بالعمل على مهل فهي لاتستطيع القيام بالعمل لوحدها بسبب حملها، وبناتها يلعبن على تراس المنزل. تسكن زوجة خالي وعائلتها في بيت كبير واسع، في الدور ثاني سقفه قرميد، وله فسحات شاسعة، ويتألف البيت من غرفتين، واحدة سقفها خشبي، بالتالي فهي خطرة.
ما إن انتهت من توضيب الفسحه أمام غرف منزلها، حتى سمعت صوت الصاروخ قد سقط قريب من بيتها. أسرعت لتدخل بناتها عن تراس المنزل الخارجي، فيما كان الدخان يعم المنطقه، وهي تلهث من خوفها، شعرت بانقباض في بطنها حتى طفلها شعر بالصاروخ،
وقبل أن تصل إلى الغرفه ومعها بناتها، وإذ بالطائره عادت لتحلّق بالسماء كالغول القادم، وأسقطت الصاروخ الثاني وكان صوته أقوى من السابق. سمعت صوت دوي الصاروخ وصراخها معه، سقط خلف منزلها.
زهراء خائفة على أطفالها الصغار، لم يكبروا بعد ولايعرفون شيئاً من هذه الحياة المرعبه، وأيضاً خائفة على طفلها الذي ستنجبه بعد أيام قليلة وربما ساعات. ماذا ستفعل وزوجها لم يكن معها في تلك المحنه الصعبة؟
وضعت هاجر في حضنها ولين التي كانت تصرخ “ماما” وهي تبكي بشدة، أما ريماس فكانت في الغرفة ذات السقف الخشبي، جلست في أرضها ولم تتحرك، لم يتح لها المجال لتركض وتحضن أمها، خلال لحظات وأثناء هبوط الصاروخ كان المنظر مرعباً فظيعاً. زوجة خالي ترى السقف الخشبي يتساقط فوقها وزجاج الأبواب والنوافذ يتطاير من حولها. صرخت بأعلى صوتها “يا الله” وانفجرت بالبكاء. صعدت يمامة ابنة جارتها للطابق العلوي لترى ما حل بزهراء وبناتها. أنزلتهم يمامة إلى الطابق الأرضي ومضت على خير.
لم تصدق زهراء نفسها، هل هي وأطفالها لايزالون على قيد الحياه؟ أم هذا كان حلماً ولم تستيقظ منه بعد؟
نزحت زهراء إلى منزلنا ومعها أطفالها وزوجها لمده يومين. ذهب خالي ليتفقد البيت. بعد يومين عادت زهراء إلى المنزل وأنا معها كانت مصرّة على تنظيف منزلها، فطفلها آن له ان يأتي.
يوم الأثنين 4 أيار/مايو 2015، وقعت زهراء في نفس مشكلة المرة السابقة أسقطت الميغ صواريخ هزت بهم القريه، أمسكت هاجر بي وهي مجهشه بالبكاء وصرخت ماما حملتها للطابق الأرضي، الرعب يكاد يأكل قلوبنا. ومن شدة خوف زوجة خالي، رجعت في اليوم الثاني إلى بيتنا، ونتيجة الخوف الذي أصابها بدأت تشعر بمخاض الولادة بعيد منتصف الليل بقليل. ركبت زهراء سيارة والدي مع خالي وأمي، كانوا في حيرة من أمرهم، أين ستلد زهراء؟ خاطروا بأنفسهم بوجود الطائرات في الأجواء والتي كانت تستهدف أضواء السيارات. هل ينقذون زهراء وابنها ويخاطرون بأنفسهم ويذهبون للقابلة والطائرة تجول؟ أم ينتظرون ساعات أخرى؟ أخذها خالي وأمي وجدتي لبيت القابلة القانونية، بقيت هناك قرابة الساعتين، وأنجبت ابنهما عمر عند الساعة الثانية والربع فجر يوم 5 أيار/مايو 2015، كما أسماه خالي. وإلى الآن وانا أكتب والطائرة تحلّق في الأجواء.