في كفرنبل ينتظرون سيارة لإطفاء الحرائق
وقف أعضاء فريق الدفاع المدني في كفرنبل عاجزين وهم يراقبون احتراق السائق خلف المقود. كانوا ينتظرون وصول صهريج المياه لإطفاء السيارة بعد تعرضها لصاروخ. الدفاع المدني في كفرنبل لا يملك سيارة إطفاء، أما العناصر فهم متطوعون، اختاروا هذا المهمة لسبب إنساني. فالقصف المدفعي وصواريخ الطائرات تستهدف أهلهم وجيرانهم، ولا يمر يوم واحد دون مشاهدتهم لصور الدمار وجثث الشهداء من المدنيين.
رئيس مركز الدفاع المدني في كفرنبل عبيدة العثمان (26 عاماً) يقول ل”دماسكوس بيورو”: “عند كل غارة تشنها طائرات النظام على كفرنبل والقرى المجاورة، ينطلق شباب مركز الدفاع المدني مسرعين للقيام بواجبهم الإنساني تجاه أهل المنطقة، دون تذمر أو خوف لعلمهم بأن تأخرهم عن القيام بواجبهم يمكن أن يؤدي إلى كارثة أو مصيبة للمدنيين، رغم صعوبة العمل في ظل الغارات المتكررة التي تشنها طائرات النظام، وتنوع الأسلحة المستخدمة من صواريخ وبراميل متفجرة وغازات الكلور”.
ويتابع العثمان :” تم تأسيس المركز في تشرين الأول/أكتوبر 2013 ، تم إخضاع عدد من الشبان لدورات خاصة في البحث والإنقاذ مع منظمة اكوت (Akut)التركية. ويبلغ عدد أعضاء الفريق الآن 26 عنصراً خضع جميعهم لدورات في كافة مجالات الدفاع المدني، من بحث وإنقاذ وإسعافات أولية وإطفاء. موزعين على ثلاث زمر بدوام اربع وعشرين ساعة , في كل زمرة يوجد فريق انقاذ وفريق إطفاء وفريق طبي واسعافات أولية واعلامي , وكل فريق مؤلف من عنصرين إضافة إلى المشرف المناوب . ويعد مركز الدفاع المدني في مدينة كفرنبل أول مركز تم استحداثه على مستوى المناطق المحررة في سوريا”.
وأشار العثمان :”إلى أن اتساع نطاق عمل المركز لا يساعد في تنفيذ أعضاء الفريق مهمتهم بالسرعة المطلوبة، حيث يضم نطاق العمل 36 قرية تابعة لمدينة كفرنبل، بمساحة 20 كم مربع إضافة إلى مساندة المراكز المجاورة في حال طلب المؤازرة , إضافة إلى مساندة بعض الفصائل العاملة على الأرض و التي تمتلك لمعدات غير متوفرة في المركز مثل الرافعات و صهاريج المياه الكبيرة “.
مسؤول الإعلام في المركز وائل العمر (27 عاماً ) يشكو عدم وجود تعاون بين مركز الدفاع المدني وكافة الهيئات والمنظمات، وعدم تقديم أي دعم حتى لو كان دعماً معنوياً من قبلهم، رغم المحاولات الحثيثة من إدارة المركز لبناء علاقات تعاون جيدة مع هذه الهيئات والمنظمات.
ويقول العمر: “إن غياب العنصر النسائي عن هيكلية مركز الدفاع المدني، يسبب بعض الإرباكات في العمل أثناء تنفيذ بعض المهام، مع غياب الوعي لدى الأهالي لدى إسعاف الإناث المصابات من قبل أعضاء الفريق”.
عن احتياجات المركز والمصاعب التي تمنع عناصره من القيام بعملهم على أكمل وجه، يقول معاون مدير مركز الدفاع المدني في كفرنبل محمد الحنيني (26 عاماً ): “إن أهم ما يحتاجه المركز سيارة إطفاء، لأن غارات طيران النظام ينتج عنها بالدرجة الأولى حرائق، يختلف حجمها و شدتها حسب مكان القصف، إضافة إلى عدم توفر الدعم المالي لإعادة تعبئة أنابيب الإطفاء الفارغة، وبسبب وجود سيارة إسعاف واحدة يقوم أعضاء المركز بنقل المصابين بالسيارات الخاصة القريبة من مكان القصف. علماً أن أعضاء المركز لم يتقاضوا أجورهم منذ ستة أشهر”.
ويعتقد الحنيني أن عدم توفر وسائل الاتصال وبُعد مقر المركز عن وسط مدينة كفرنبل، وضعف الأجهزة الخاصة بالبحث والإنقاذ يؤثر سلباً على عمل أعضاء الفريق .
أصيب الحنيني في اليد والبطن بشظايا صاروخ أطلقته إحدى طائرات النظام في غارتها الثانية، عندما كان يقوم بإجلاء جرحى الغارة الأولى، مما ترك عنده بعض آثار الخوف من غارات الطيران. ويقول الحنيني : “إن أصعب اللحظات التي مرت على أعضاء فريق الدفاع المدني عندما تم انتشال 12 جثة من تحت الأنقاض، أثناء إحدى مؤازرات الفريق في قرية احسم”.
رئيس المجلس المحلي في كفرنبل نزيه البيوش (49 عاماً) يرد سبب عدم مساندة المجلس لمركز الدفاع المدني إلى قلة الدعم الذي يتلقاه المجلس المحلي، والذي لا يكفي لتغطية ما يخطط المجلس لتنفيذه في المدينة. ويشير البيوش إلى أنه تم مخاطبة الحكومة المؤقتة بلا طائل، إضافة إلى عدد من الهيئات والمنظمات دون تحقيق أي نتيجة. ويقوم المجلس حالياً بمقايضة إحدى الروافع المتوفرة لدى المجلس بسيارة إطفاء مع إحدى الفصائل المقاتلة، وسيتم تسليمها لمركز الدفاع المدني مباشرةً.
تعرضت أم عبدو (28 عاماً) الحامل في الشهر الثامن إلى إصابة خطيرة في الرأس، إثر استهداف الطائرة لمنزلها القريب من مشفى أورينت، نجح فريق الدفاع المدني بإسعافها بسرعة إلى أحد مشافي كفرنبل ومن ثم تم نقلها إلى تركيا وهي الآن بصحة جيدة وعلى وشك أن تضع جنينها. تقول أم عبدو:”لا أعرف كيف أشكر فريق الدفاع المدني وأنا وطفلي ندين لهم بحياتنا بعد الله سبحانه وتعالى”.
لم يتكمن فريق الدفاع المدني من إنقاذ عبد الستار الأقرع (17عاماً) الذي قضى بعد إصابته بشظايا صاروخ، عندما كان متوجهاً إلى المشفى للاطمئنان على والده الذي يعمل ممرضاً، بعد سماعه بتعرض المشفى للقصف. عجز الفريق عن أداء مهمته بسبب قلة الموارد والمعدات والآليات.
بحسب رئيس المركز عبيدة العثمان: “إن أهم ما يحتاجه المركز حالياً بعد سيارة الإطفاء، هو تجهيز خيمة خاصة لمعالجة الإصابات بالسلاح الكيماوي أو غاز الكلور. على أن يتوفر في هذه الخيمة خزان مياه كبيرن وعدد من الأسرة و أنابيب أوكسجين وكافة الاحتياجات واللوازم الطبية للحالات الصعبة”. ويتمنى العثمان عدم تكرار ما حصل معهم في قرية كفرعويد التي تم استهدافها ببرميل يحوي مادة غاز الكلور، بحسب ما يقول.
.