التهمة نقل محاضرات طالب حقوق

 

بتاريخ 19 تموز/ يوليو 2014 وقبل انطلاق الحافلة من الحسكة إلى مدينة الرقة،  طلب  “م” من أخته أن تخفي بطاقته الجامعية جيداً كي لا تتحول في لحظة ما إلى بطاقة إدانة تتسبب في اعتقاله وجلده.

البطاقة تشير إلى أنه طالب في كلية الحقوق، وهي إحدى الكليات المحرمة لدى “داعش” والتي باتت في ظل هذه حكم “دولة الخلافة ” كلية للكفر والإشراك، وبات طلابها ملاحقون ومعرضون للخطر. منذ سيطر التنظيم على مدينة الرقة ومعظم الطرق المؤدية إليها بتاريخ 13 يناير/كانون الثاني 2014، باتت حركة  “م” وتنقلاته محروسة بالحجج والأكاذيب التي ربما تكون مقنعة لعناصر التنظيم.

عند وصول الحافلة إلى حاجز التنظيم، صعد أحد العناصر  وهو ملثم ، بلباس عسكري ، ويتكلم بلهجة رقاوية، ليتفقد بطاقات الخدمة العسكرية والبطاقات الجامعية للشباب.

وصل إلى “م” وطلب  بطاقته فأجابه فورا أنه لا يدرس ويرافق أخته كمحرم.  يفرض التنظيم على الفتيات عدم التنقل على الطرقات الرئيسية الواصلة بين الرقة والمدن الأخرى دون محرم. والمحرم يعني بحسب ما نقله أبي سعيد الخدري عن رسول الله محمد (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفراً يكون ثلاثة أيام فصاعداً ، إلا ومعها أبوها ، أو ابنها ، أو زوجها ، أو أخوها ، أو ذو محرم منها).

أنهى العنصر عمله دون وجود أي ملاحظات أو مشاكل  ونزل من الحافلة . كانت عيون “م” تراقبه واستمرت بذلك عن طريق النوافذ، اتجه العنصر إلى مستودع الحقائب حيث وقعت يده على حقيبة “م” فتحها وإذ بمحاضرات طالب الحقوق تظهر له،  وبعد أن قرأها وأدرك أنها أوراق كفر وإشراك اتجه مجددا إلى الحافلة. همست الأخت لأخيها: “أنكر الموضوع ، لا تعترف قل له أن المحاضرات ليست لك”. وبقيت هي جالسة في محلها كي لا تستفز العناصر بنزولها. تمالك هو نفسه وترجل من الحافلة متوجهاً إلى العنصر.

  • لمن هذه المحاضرات؟
  • ليست لي
  • إذا من صاحبها
  • صديق لي أعطاني إياها

لحسن حظه كتب على تلك المحاضرات اسم هاني ، صعد العنصر من جديد إلى الحافلة وبدأ يصرخ باسم هاني ولكن لم يجبه أحد لأن هاني كان شخصية مبتكرة من قبل “م” كي ينقذ نفسه من ظلم وبطش هذا التنظيم.

نزل العنصر من جديد

  • يجب أن تذهب معنا
  • لا أستطيع ترك أختي لوحدها دون محرم
  • الأمر ليس بيدك ستذهب معنا
  • اعلم أن الأمر ليس بيدي لكنني لن أترك أختي تسافر لوحدها

وبعد سجال بين العنصر والشاب أنهاه العنصر بقوله “سندعك تذهب هذه المرة لكن سنصادر المحاضرات. أخبر صديقك هاني أن يأتي ويأخذها من الحاجز ” فأجابه الشاب “إنشاء الله”.

تنفس “م” الصعداء واستعان بما بقي لديه من طاقة، بعد أن أنهكه التعب والتفكير بالقادم والمتوقع وجرجر أقدامه إلى الحافلة . كانت عيون الركاب تعبر عن الخوف والقلق والترقب. حاولوا مواساته  “المهم أنك عدت لنا سالماً المحاضرات ليست ذات أهمية”.

كانت لحظات عصيبة تلك التي عاشها، لاسيما أن حياته كلها كانت بيد هذا العنصر، الذي قد يقتنع أو لا بالحجة التي قدمها. قد يحكم عليه بالبراءة أو يتسبب له بأحكام لا احد يعلم شرعيتها ومصدرها. شعر “م” بالكره  والمقت حيال هذا التنظيم وتمنى لو استطاع الرحيل عن هذا البلد وصعوبات الحياة فيه.