وتركنا لبنان وغادرنا إلى تركيا
شبان ينزحون من مدينة الى مدينة اخرى في اليونان - تصوير احمد الخليل
" كثرت المشاكل فقال لي زوجي سنخرج من هذا المنزل، سنذهب الى تركيا لنرى وضع المعيشة هناك. "
في لبنان كنا نقيم في منزل عبارة عن 3 غرف وصالة. ذات ليلة رن هاتف أخي الذي كان يقيم معنا هو وعائلته، وإذ بابنة خالي تسأله أين نقيم فهي آتية إلينا. أعطاها اخي العنوان وبقينا بانتظارها.
بعد وقت قصير وصلت ومعها أخويها وابني عمها. أخبرتنا أنهم اعتقلوا زوجها ولم يعد من خيار أمامها إلّا الهرب. أصبح منزلنا مثل المدرسة في كل غرفة ما لا يقل عن 5 اشخاص وكانت المصاريف كثيرة جداً. الجيران كانوا يشتكون. كل يوم يأتي جار الينا ويقول ـخفضوا أصواتكم.
أقاموا عندنا قرابة الشهر، وجدوا منزلا وانتقلوا إليه، ولو أن بدل إيجاره مرتفع. لم يمض الشهر على انتقالهم إلى بيتهم حتى وصل خال زوجي. أقام عندنا قرابة 15 يوما. غادر وبعده فوراً جاء شقيق زوجي مع عائلته.
أقام شقيق زوجي عندنا قرابة 3 أشهر. كان يبحث عن عمل ولا يجد. ثم قرر زوجي أن يعطيه مكانه في العمل، ليجمع القليل من المال ويجد منزلاً لاستئجاره. وبدأ في العمل بالبحث عن منزل إلى أن وجد مخزناً استأجره.
ذهب زوجي ليرى المخزن وإذ به فارغ لا يوجد فيه شيء. وبدأ بتجهيزه له من مطبخ وفرش وكل شيء. أتموا التجهيزات وانتقلوا إليه. وبعد أسبوع على مغادرتهم أتت عمتي وبنيتها السفر إلى مصر. حيث كان عمي يقيم هناك وقد استأجر منزلاً.
وبعد سفرها بـ 15 يوماً اتصلت بأخي وأبلغته أن المعيشة رخيصة في مصر، أرخص من لبنان. فقرر أخي الذهاب الى هناك ليعاين الوضع بنفسه. وبعد ذهابه اشتعلت المعارك مجدداً بين منطقتي جبل محسن وباب التبانة في طرابلس في لبنان. وبدأ القصف على منطقتنا.
اتصلت بأخي وأخبرته بما يحصل، فأبلغني أن المعيشة في مصر رخيصة جداً، ولكن صدر قرار منع دخول السوريين إلى مصر. وطلب مني أن أبلغ زوجي ليبحث عن منزل آخر في منطقة آمنة. وجد زوجي منزلاً في منطقة البداوي ساعدنا أقاربنا على نقل الأثاث.
وبعد يومين عاد أخي، والحمدلله كنا سعداء جداً في منزلنا الجديد. وعشنا أياماً عائلية سعيدة الى أن أتى أخوال والدي إلى لبنان. وكانوا لا يبعدون عن بيتنا كثيراً، وأصبح أخي يذهب اليهم ليسهر عندهم بشكل متكرر.
وما إن مضت بضعة أسابيع حتى أحسست أنا وزوجي بتغير كبير بمعاملة أخي لنا. وبدأت المشاكل تكبر. وعلمنا أخيراً أنهم يحرضونه ضد إقامتنا معه في نفس المنزل. ونحن كنا مجبرين على الإقامة مع أهلي لأن كلفة المعيشة في لبنان مرتفعة جداً، وزوجي يعاني مرض الديسك في ظهره ورقبته وكان عمله قليلاً بعض الشيء.
كثرت المشاكل فقال لي زوجي سنخرج من هذا المنزل، سنذهب الى تركيا لنرى وضع المعيشة هناك. وذهب زوجي هو ورفاقه إلى تركيا، مكث هناك 4 أيام وعاد ليبلغني أن المعيشة في تركيا أفضل. فقررنا الذهاب إلى تركيا.
كانت عندي قطعة ذهب بعتها ورتبنا أغراضنا. ذهب زوجي ليحضر التذاكر، وكان موعد الحجز بعد 3 أيام حزمنا أمتعتنا للسفر. وكان في وداعنا أخي وأختي الصغيرة وأمي. وصلنا المرفأ ونقلنا أمتعتنا للتفتيش وتم ختم جوازتنا وخرجنا.
انطلقت الباخرة في تمام الساعة الثامنة مساءً. أخذنا قسطا من الراحة قرابة الثلاث ساعات قال زوجي لنصعد إلى سطح الباخرة قليلاً. وإذ بابني يقول لي بأنه جائع نزلت وحضرت لهم سندويشات، كنت قد أحضرت معي علبة جبنة وعلبة شوكولا وقليلا من الموز. تناولنا طعامنا وخرجنا إلى سطح الباخرة.
شاهدنا مجموعة من الرجال يجلسون ويتكلمون اللغة التركية. كانوا سائقي السيارات والشاحناتز بدأوا ينظرون إلينا ويتكلمون ويضحكون. لم نكن نعرف ماذا يتكلمون غضب زوجي من الأمر. هدّأته وقلت له هيا لننام قليلاُ فأمامنا يوم شاق غداً. نزلنا نام أطفالي على كنبة وانا على كنبة وزوجي على الكرسي.
استيقظنا في الصباح على صوت الركاب يقولون أننا وصلنا. خرجنا ونظرنا واذا باليابسة أمامنا تبعد عنا قليلاً. وماهي إلا ساعة حتى وصلنا إلى المرفأ فنادوا علينا أنه لايمكننا النزول حتى إفراغ الباخرة حمولتها من السيارات الموجودة.
انتظرنا قرابة الساعتين حتى نزلنا ودخلنا إلى الجمرك التركي، وكانت معاملتهم جيدة. أنهينا الأوراق اللازمة، ودخلنا إلى تركيا وكانت الساعة العاشرة صباحاً بتاريخ 22 حزيران/يونيو 2014.
راضية السعيد (31 عاماً) أم لولدين تسكن في مدينة نزب في جنوب تركيا.