وبدأت بعملي الخاص على مواقع التواصل الاجتماعي

"كنت فخورة بنفسي وبعملي، عندما تلقيت المديح الكثير والثناء من عائلتي ولأصدقائي، وتعليقات رائعة ذات أهمية معنوية كبيرة. كل هذا زاد من حماسي وثقتي بعملي"

حلا العاصي

في ليلة من ليالي شهر يناير/كانون الثاني من العام الجاري 2108، في أحد أحياء العاصمة، كنت أتصفح مواقع التواصل الإجتماعي بحثاً عن معلومة مفيدة.
من منشور لمنشور، ومن شخص لآخر من شدة الملل وقعت عيني على صفحات ومواقع ومجموعات تهتم بالأشغال اليدوية والمهارات الفنية، وتحويل المواد التي اعتدنا رميها إلى ما يستفاد منه بأشياء جميلة وممتعة، وبأسعار تناسب الجميع وتقوم بإرضاء جميع الأذواق.
لمعت الفكرة بمخيلتي. قلت في نفسي: لماذا لا أعمل على هذه المبتكرات لأملأ وقت الفراغ وأحارب الملل الفظيع؟ وبنفس الوقت أعتمد على نفسي، لأبني شخصيتي المستقلة، ولتلبية متطلباتي دون الاعتماد على أحد.
بعد انتهائي من دراستي لم أجد فرصة عمل مناسبة، أو في مجال تخصصي. واجهت الكثير من المصاعب عندما حاولت البحث عن عمل. صادفت أشخاصاً عديمي الرأفة يريدون استغلال الفتاة قبل أن تعمل. هناك الكثير من العوائق والصعوبات التي تواجه الفتاة الشرقية. أغلب الشركات تقوم باستغلال الفتيات لمصالح شخصية.
بدأت أهتم أكثر وأكثر بالتعرف على كيفية صنع هذه الاشياء، والمبتكرات الفنية الجميلة والمفيدة. اشاهد الفيديوهات وطريقة الصنع اغلب الأوقات، لأنمي مهارتي ولأغني معلوماتي أكثر، ولأتعلم بطريقة حرفية مناسبة، وبنفس جودة العمل ومستوى الدقة والمهارة والحرفية المطلوبة.
وبعد أيام بدأت بزيارة الأسواق القريبة لأحضر المواد الأولية. والتي كنا اعتدنا أن نصنع منها هدايا وزينة لجدران المدرسة في الأعياد. هذه المواد كانت بأسعار رمزية. كنت أراقب طريقة صنع الصناديق والأشكال والمجسمات، وطريقة رسم الشخصيات الكرتونيةـ وأبحث عن المواد المناسبة لإنتاجها.
كنت أبحث عن الأفكار الملفتة والتي يمكن ان تكون بمنتناول الجميع، لترضي جميع الاذواق. للأطفال وللكبار وللمراهقين. وتصبح أعمالي هدايا رمزية معنوية رائعة للأصدقاء وللأحباب ولأفراد العائلة. وبدأت بصنع هذه الاشياء في محاولة لصنع هدف لنفسي لأحققه، ولأرى مستوى مهارتي في هذه المبتكرات.
عندما صنعت أول صندوق كانت فرحتي بإنجازي لا توصف. قمت بوضع صورة الصندوق على جميع مواقع التواصل الإجتماعي. لم أكن أفكّر حينها بالتجارة وبالبيع بقدر ما كنت فخورة بما أنجزت. أردت أن أبيّن للجميع أن أي فكرة ممكن ان نصمم على تنفيذها ولو واجهتنا صعوبات.
كنت فخورة بنفسي وبعملي، عندما تلقيت المديح الكثير والثناء من عائلتي ولأصدقائي، وتعليقات رائعة ذات أهمية معنوية كبيرة. كل هذا زاد من حماسي وثقتي بعملي. كانت أول من دعمني إحدى صديقاتي المقربات. طلبت مني أن أصنع لها صندوقاً لتضعه كهدية تذكارية مني في غرفتها.
وراحت تخبر صديقاتها الأخريات عن عملي. الصديقات بدأن يطلبن مني إنجاز أفكار مشابهة. كنت كلما انتجت فكرة أصورها وأنشرها على مواقع التواصل الاجتماعي. وبدأت أنشرها على النت والمواقع التجارية ومواقع البيع والشراء. كما أصبحت أبيع بعضها بطريقة مباشرة بتوصيلها للزبائن.
وأبيع عن طريق التجار وبائعي الجملة ومحلات الهدايا والألعاب. صحيح كان صعب للغاية التعامل مع التجار، لكن الوصول إلى المبتغى المطلوب يحتاج بعض الجهد. أذكرفي يوم عيد العشاق في 14 فبراير/شباط، في هذا العيد جميع الناس تهدي بعضها بعضاً، مما زاد زبائني.
استعنت بشبكة الأنترنت كوسيلة ترويج، حيث الإعلان عن المنتجات والأعمال يتم بطريقة سهلة وجميلة وتخدم الجميع. وبدأ الزبائن يزدادون وتزداد الطلبيات لمناسبات متنوعة. عمل تلو الآخرـ كانت سعادتي ل اتوصف. بدأت أصوّر وأطور عملي أكثر. أعمل على راحة الناس وإسعادهم.
اعتمدت على نفسي كثيراً في مصروفي وتلبية احتياجاتي. وعملت على انشاء موقع ألكتروني لي ولأعمالي. آمنت بنفسي وضرورة تطوير مهاراتي لمواجهة الصعوبات والمواقف المختلفة. كنت أعمل على تشجيع كل من يئس من عمله أو حاله. وأشجع جميع الفتيات على تطوير أنفسهن ومهاراتهن.
آمنت بأنه لا بد لكل فتاة من أن تعمل على تكوين نفسها وحياتها، من خلال خطوات صغيرة، وعليها ان تسعد نفسها وتسعد جميع من حولها. بحيث لا يستطيع أحد أن يعيّرها أو أن يعاملها على أنها أقلّ مما تستحق من احترام وتقدير، فهي تستطيع أن تكون قوية ومستقلة .
حلا عاصي (22 عاماً) من دمشق طالبة جامعية تعمل كمدرسة اطفال وفي الأشغال اليدوية.