وأصبحت مربية أطفال في تركيا
انسة سورية تعطي درساً لاطفال نازحين في مدرسة أقيمت بشكل مؤقت في بلدة المسيفرة بريف درعا الشرقي.
"انقضى شهر على عملي هذا، واستلمت أول راتب لي منذ قدومي لتركيا، لا أستطيع وصف سعادتي بهذا الأمر. أخذت أطفالي في نزهة، واشتريت لهم مايحبون. "
بعد ان عاينت ما يعانيه زوجي في عمله، قررت أن أبحث عن عمل يعيننا على سد مصاريف المنزل. وطلبت من ابني الكبير أيضاً أن يبحث عن عمل.
أصبح من الضروري أن تتحسن أوضاعنا المادية، فالأطفال يكبرون وطلباتهم تزداد، ولا أستطيع أن ألبّي جميع طلباتهم. ما يتقاضاه زوجي لا يسمح بذلك. وهذا الأمر يزعجني. وبما أنني لا أعرف أحداً في هذه المدينة، طلبت من جارتي التركية أن تسأل لي عن عمل لا يتطلب خروجي من المنزل سوى لساعات قليلة.
انقضى أسبوع وظننت أن لا أمل بالعمل، فأنا لا أملك شهادة ولا أتقن اللغة التركية ولا الكردية. هناك نسبة كبيره من الأكراد تعيش هنا ايضاً. كنت مع أطفالي وزوجي نتناول الطعام عندما بدأ جرس الباب يرن بقوة. استغربنا جميعاً من سرعة الطارق.
قام زوجي مسرعاً، مرتبكاً، ليعرف من بالباب، وعندما فتح فإذا بها الجارة، وعلى وجهها ابتسامة كبيرة. وقفت من فوري وذهبت مسرعة لإليها، وطلبت منها مشاركتنا الطعام. رفضت قائلة: يجب أن تعطيني شيئاً حلواً بدل الطعام.
نظر زوجي غلي مستغرباً، فسألتها ماذا تقصد؟ وأخبرتني أن هناك امرأه تعطي دروساً خصوصية للطلاب في مكان قريب لمنزلي، وتريد من يعتني بأولادها وقت خروجها للعمل. وان عملي لن يكون لأكثر من 3 ساعات في اليوم. يعني كما طلبت فهذا الوقت يناسبني.
علت ابتسامة على وجهي وبدأت استفسر منها بعد أن جلسنا. على عكس زوجي الذي تغير وجهه وبدا غاضباً. لقد طلبت منها البحث عن عمل دون علمه، فهو يرفض هذا الأمر تماماً. ولكني كنت مصرة على مساعدته ولم آبه لغضبه. كنت أعرف أنني أستطيع اقناعه في النهاية.
أخذت بعض المعلومات من الجارة عن مكان المنزل وعدد الإطفال، وإن كانت المرأة تتحدث العربية. والأهم من كل هذا أن يكون المنزل آمناً. لا رجال فيه وقت حضوري لمراعاة الأطفال وخروج المرأة لعملها.
كان كل شيء جيداً، وأخبرتني جارتي أن المرأه وزوجها طيبان جداً. الزوج موظف لا يأتي إلى البيت إلّا في المساء. كان هذا الامر مريحاً بالنسبة لي. ذهبت الجارة إلى منزلهاـ بعد أن تواعدنا أن تأخذني في اليوم التالي لتعرفني بالمرأة وأطفالها.
زوجي كان يبدو غير مرتاح لكل هذا، وبدأ يصرخ رافضاً أن أذهب إلى بيت غريب. وأنه ليس بحاجة لعملي، فهو يستطيع أن يبحث عن عمل آخر ويوفر لنا ما نطلب. ولكنني كنت مصرّة على العمل، كنت أعرف أنه لا يستطيع أن يقوم بعملين دفعة واحدة. طبيعة عمله صعبة جداً.
أخبرته أنني سأذهب وأرى وضع المنزل والعائلة، وإن لم يعجبني الوضع أعود ولن أخسر شيئاً. والجارة تعرف العائلة جيداً وستكون معي. ولو أنها تعرف أن المكان ليس مناسباً فلن تخبرني عن هذا العمل.
وطلبت منه أن يأتي معي لنرى الوضع معاً. وفعلاً وافق، وأخبرني إن لم يعجبه الوضع حتى لو أعجبني فلن أعمل. وافقت على كلامه، وذهبنا في اليوم التالي أنا وزوجي والجارة، لنتعرف على العائلة. كان البيت قريباً لبيتي، أقل من 5 دقائق سيراً على الأقدام. وهذا كان شيئاً جيداً بالنسبة لي.
وصلنا إلى المنزل، فتح الزوج الباب، كنا قد أخبرناهم بقدومنا. وأنه يجب أن أراهم وأرى الأطفال أولاً، وبعدها أقرر. الأطفال كانا ولد وبنت فقط. كانا نظيفين مرتبين وقريبين للقلب. تبتسم بمجرد النظر إليهما. الطفل يبلغ من العمر 5 سنوات. والطفله سنتين ونصف السنة.
كان يبدو الزوج والزوجة محترمين ومثقفين. ولحسن الحظ ان الزوجه من اصول سورية وتتحدث العربية جيداً.، تناولنا الشاي وتبادلنا أطراف الحديث، وكان اللقاء إيجابياً. خاصة بالنسبه لزوجي الذي أخبرني أنه كان مرتاحاً جداً، وأن أصحاب المنزل نالوا رضاه، وبالتالي وافق على عملي عندهم.
كنت سعيدة جداً بأنني سأغير قليلاً من الروتين الذي أعيشه. اتفقت مع أصحاب المنزل على راتب محدد، صحيح أن الراتب لم يكن كبيراً، ولكنه كان جيداً بالنسبة لساعات العمل التي لا تتجاوز 3 ساعات.
وذهبت في اليوم التالي على الموعد الذي اتفقنا عليه. كانت السيدة تهمّ بالخروج، وكانت قد أخبرتني عمّا يحب الأطفال، وما أفعله في حال بكائهما، وموعد نومهما، ونوع الطعام الذي يتناولانه، وذهبت إلى عملها. بدأت بالحديث مع الطفلين، كانا لا يفهمان ما أقول ولكن حركات وجهي ويدي تجعلهما يضحكان. لقد فهما أنني أحاول ملاعبتهما وإضحكاهما.
انقضى شهر على عملي هذا، واستلمت أول راتب لي منذ قدومي لتركيا، لا أستطيع وصف سعادتي بهذا الأمر. أخذت أطفالي في نزهة، واشتريت لهم مايحبون. دعوت الله أن يستمر هذا العمل حتى أستطيع تلبية طلبات أطفالي.
فاطمه إبراهيم (38 عاماً) ربة منزل، أم لثلاثة أطفال. نازحة مع أسرتها في تركيا حيث تبحث عن عمل.