هل ضحك لي الحظ أخيراً؟
طفلة سورية في احدة مدارس المخيمات، ترسم خريطة سوريا، الوطن الذي تحلم ان تعيش فيه امنة
"اقترح علي والدي التسجيل في أحد المعاهد الشرعية. كان قسطها بسيطاً. لم أحب الفكرة أبداً. فأنا أحب الشريعة كمعلومات عامة ليس كدراسة كاملة. "
بعد أن نلت شهادة البكالوريا، بدأت بالتقديم على المنح. لم يحالفني الحظ في البداية. قلت ربما في مرة أخرى، لكن لم يتغير شيء. معظم الطلبة في المرة الثانية حالفهم الحظ ولكن أنا وبعض زميلاتي لم يضحك الحظ لنا.
اقترح علي والدي التسجيل في أحد المعاهد الشرعية. كان قسطها بسيطاً. لم أحب الفكرة أبداً. فأنا أحب الشريعة كمعلومات عامة ليس كدراسة كاملة.
اقترحت علي زميلتي التسجيل في معهد المعالجة الفيزيائية. وكنت أحب هذا المجال، لكن فترة التسجيل كانت قد انتهت.
كان زوج عمتي معلم لغة عربية في معهد لإعداد المدرسين في المدينة المجاورة لنا. وقال لي أنه معهد جيد. سألنا عنه وكانت قد بدأت إمتحانات الطلبة للفصل الأول، ولن أستطيع أن اكمل معهم.
وفي اليوم الثاني جاءني أخي الكبير يقول لي أن هناك منحة لدراسة اللغة التركية وتكلف نحو 700 ليرة تركية فقط. قام هو بتسجيل اسمي وتم قبولي. ذهبت وكان اليوم الأول جيداً. تعرف المعلم علينا وكان عددنا مقبولاً.
كانت المنحنة عن طريق “تجمع الطلبة السوريين” طلبوا القسط الأول وهو 300 ليرة تركية عن مستويين. دفعنا القسط، ولكن مع مرور الوقت لم تكن الإفادة على ثدر التطلعات. المعلم كان محترماً وصبوراً، ولكن لم يكن لديه أي طريقة في التدريس. فهو معلم أطفال وطريقته بتعليم اللغة ضعيفة جداً.
تكلمنا معه ولكن بلا جدوى. أصبح الطلبة يتركون الصف الواحد تلو الآخر.ومن أصل 29 طالباً ممن التحقوا بالصف لم يبق سوى 5 طلاب فقط. وتكلمنا مع الإدارة من دون نتيجة. وسحب تجمع الطلبة يده من الموضوع، وموظفيه من المدرسة وحملونا المسؤولية.
مع نهاية المستوى الثاني إعتذرنا من المعلم وشكرناه، وقررنا الانتقال لمعلم ومعهد آخر. أوقفنا الدورة قرابة الشهر تقريبا حتى وجدنا معهداً آخر. كان قسطه مرتفعاً بعض الشيء. كان عددنا مقبولاً. لكن مع الوقت تقلص أيضاً بسبب الوقت المتأخر والقسط على الرغم من أن المعلم كان ممتازاً.
بدأنا 23 طالبا وأصبحنا 7 طلاب ولم يقدم الامتحان سوى 4 طلاب. المعهد توقف أيضاً بسبب قلة عدد الطلبة. توقفنا فترة شهر تقريباً، وعدنا مع تسجيل طالبة إضافية. أصبح القسط 150 ليرة تركية. كان مبلغاً كبيراً.
أكملنا المستوى الرابع وانتهيت منه. بدأت فترة المنح. سحبت شهادتي للتسجيل حينها وجدت أن الفروع والجامعة التي أريدها لم تكن موجودة ضمن المنحة… ومع كل ذلك لم أستطع أن أتقن اللغة بشكل جيد لأنني لم أكن أستطيع الاختلاط بالأتراك كثيراً…
بعد ذلك بنحو أسبوع فتحت جامعة مصطفى كمال المفاضلة وأعطي القبول للطلبة السوريين فيها على أن يقوموا بالمفاضلة كالطالب التركي بشرط أن يكون الطالب قد اجتاز امتحان تعديل الشهادة للطلاب السوريين لكي تصبح تركية.
في البداية عارض والدي التسجيل، فاالجامعة بعيدة عن منطقة سكننا بعض الشيء. ومن الممكن أن تكون محاضرات ليلية. صمتت انا ولم أتكلم لكي لا أزعجه هو ووالدتي التي كان لديها رغبة في التسجيل.
بعدها بفترة أسبوعين سجّل أحد أقربائي بالجامعة نفسها واتصل بأخي الكبير الذي يدرس في مدينة أخرى وأطلعه على الأمر. اتصل أخي بوالدتي وأقتنع والداي بأن أتسجل في الجامعة. وجاء قريبي وساعدني بالتسجيل.
لم يعارضني والدي على الرغم من عدم اقتناعه الكبير بذالك إلا أنه لم يقف بوجهي وكان بجانبي، كي لا أخسر فرصة اخرى، فهو يريدنا أن نكمل تعليمنا. ولم نستطع الحصول على فرصة عمل بعد التخرج. كان والدي دائماً يقول: الشهادة سلاح لك أنت بيدك ليس للوظيفة.
والدي يحب مجال العلاج الفيزيائي مثلي وهو يشجعني على دراسته بشكل كبير وأتمنى أن أحقق له رغبته وأن أصل لهدفي. كل شئ بالنسبة للطلاب هنا مجهول! ولكني آمل أن أحقق بعض طموحي وإن لم يكن الفرع أو التخصص الذي كنت أحلم به. فهل ضحك لي الحظ أخيراً؟
ورد غدي (18 عاماً) من ريف حماه الغربي لاجئة في مدينة هاتاي التركية حيث تتابع دراستها لتصبح معالجة فيزيائية.