من ظلم النظام إلى جمعية أنصار المظلومين

مساعدات لإغاثة النازحين من جمعية أنصار المظلومين تصوير رزان السيد

مساعدات لإغاثة النازحين من جمعية أنصار المظلومين تصوير رزان السيد

"وجاء تأسيس الجمعية على يد عدد من الناجين من سجون النظام السوري، الذين تجمَّعوا في بادئ الأمر بغيةَ مساعدةِ بعضهم البعض "

رزان السيد

سنوات الظلمة التي أمضاها في سجون النظام دفعت حسام الحلبي (50 عاماً) إلى أن ينطلق كل يوم بسيارته المحمَّلة بالمساعدات، لإغاثة النازحين والفقراء من أهالي حلب ووادي بردى ممن هُجِّروا من ديارهم بسبب قصف النظام وحلفائه.

بعدما نال حريته أصبح حسام يسعى لـ “رفع أعباء الظلم عن كاهل هؤلاء الذين لا ذنبَ لهم إلا أنهم عايشوا نظاماً، اتخذَ من ظلم شعبِه وقتلِه وسيلةً للإستمرار في السلطة”. بحسب ما قال لموقع حكايات سوريا.

حسام هوَ واحد من 850 عُضواً منتسبين إلى جمعية أنصار المظلومين، وهي جمعية سورية إنسانية، تأسست في 28 كانون الأول/ديسمبر 2012، وتعمل في العديد من المجالات الحقوقية والإغاثية والتعليمية وفي مجال الإيواء.

وجاء تأسيس الجمعية على يد عدد من الناجين من سجون النظام السوري، الذين تجمَّعوا في بادئ الأمر بغيةَ مساعدةِ بعضهم البعض والبحث عن طرق قانونية لمحاسبة النظام وفضح ما تعرَّضوا لهُ من أذى على أيديه جرّاء سجنهم، وذلك عن طريق جمع الأدلة وتوثيق الجرائم في السجون لرفعها إلى المحاكم الدولية…

يقولُ حسام متحدِّثاً عن أوضاعه قبل وبعد الثورة: “لطالما كنّا كسجناء رأي مهمَّشين فلا يحق لنا التقدّم إلى الوظائف الحكومية، أو القيام بأي نشاط مدني أو سياسي”. ويضيف حسام، بأنهم وجدوا كسجناء سابقين أملهم في جمعية أنصار المظلومين كي يكونوا فاعلين في المجتمع من خلال نشاطات الجمعية التي غطّت كل من حلب وإدلب وريفهما، وريف دمشق.

المهندس نبيه عثمان (65 عاماً) رئيس المكتب التنفيذي في الجمعية يتحدَّث إلى موقعنا عن أحد مشاريع الجمعية وهي نشاطات تثقيف وتعليم أبناء المعتقلين الحاليين، أو المُفرَج عنهم من سجن تدمر.

يقول عثمان: “هذه النشاطات هي من أولويات مشاريعنا، وذلك لمساعدة هؤلاء الأبناء، ومحاولة تعويضهم عن سنوات اليُتم التي عاشوها بعيداً عن آبائهم، أو التي يعيشها أبناء المعتقلين الحاليين، ولذا خصَّصنا لهم دعماً مادياً ومعنوياً من خلال دوراتٍ تثقيفية وتدريبات تعليمية في المناطق المُحرَّرة” (أي المناطق التي تُسيطر عليها المعارضة).

ويُشار إلى أنَّ التدريبات التعليمية تستهدف بالإضافة لأبناء السجناء، جميع الراغبين بالتعلُّم من طلاب المرحلة الإعدادية. ومدّة كل دورة تدريبية هي سنة كاملة، يتم فيها تعليم الطلاب اللغتين العربية والتركية، بالإضافة إلى تعليم المهن ومنها الكهرباء والإلكترونيات والحلاقة والخياطة.

كما أطلقت الجمعية حملات عديدة، منها حملة “الدفئ” التي استهدفت المهجَّرين في العراء، لتقدِّم لهم الألبسة والبطانيات والمواد الغذائية. أيضاً أطلقت مؤخّراً حملة “نداء حلب” مساعدة المهجرين من المدينة.

حيّان العوض (35 عاماً) نزح من مدينة حلب مع عائلته إلى أحد المخيمات الصغيرة في جبل الزاوية. العوض الذي حصل على مساعدات من الجمعية، يلفت إلى أنّ اهتمام الجمعية بالمخيمات الصغيرة أمر في غاية الأهمية، لأنَّ المخيمات الكبرى غالباَ ما تجد الرعاية، على عكس المخيمات الصغيرة.

يقول العوض: “لا أعرف ما الذي كنت سأفعله لولا مساعدة جمعية أنصار المظلومين التي أمَّنت لنا الكثير من الإحتياجات في الوقت الذي كنا بأمَس الحاجة لأي مساعدة بعدما خرجنا من منازلنا دون شيء وسط حرب طاحنة وبرد أكلَ أجسادنا”.

والمساعدات لا تقتصر على المخيمات في جبل الزاوية، حيثُ يوجد أكثر من 25 مركزاً تابعاً للجمعية في تلكَ المنطقة. تقوم من خلالها بمشاريع خدمية وتنموية، منها توزيع المياه مجاناً. وبشكل خاص في القرى النائية إضافةً لتوزيع اللحوم والخبز على الأُسر الفقيرة.

أُم علي إمرأة خمسينية واحدة ممن يتلقّون المساعدة في ريف جبل الزاوية، زوجها متوفي وتحصل من الجمعية على صهريج مياهٍ بشكل ٍشهري. تقول أم علي لموقعنا: “أنا ممتنَّة للجمعية التي لطالما تتفقَّد أحوالي، وتقدِّم لي المياه والسلل الغذائية والألبسة”.

قامت الجمعية أخيراً بتوزيع مبلغ 25 ألف دولاراً أمريكياً على النازحين في مخيمات أطمة والجزيرة ومخيمات جبل الزاوية. وتأتي حملة المساعدات هذه ضمن مشروع يُعتبر الأول من نوعه في المنطقة، وقد لاقى استحسان النازحين الذين لم يعودوا بحاجة لبيع بعض سلالهم الغذائية من أجل شراء ما يحتاجونه من موادٍ أخرى.

تحصل جمعية أنصار المظلومين على دعمها من رجال أعمال سوريين مغتربين، كما عبر شراكات مع بعض المنظمات، ومنها الأي سي يو والهلال الأحمر القطري.

يلفت المهندس نبيه عثمان مدير المكتب التنفيذي للجمعية، إلى وجود بعض الصعوبات في التنسيق مع المجالس المحلية، التي يريد بعضها أن يستلم وحده جزئية التوزيع، في حين أنهُ يجب أن يكون ذلك تشاركياً مع الجمعية.

كما هناك بعض الضعف في التنسيق مع المنظمات الأُخرى التي تقدِّم المعونات، ما ينتج عنهُ أنَّ بعض الأُسر تحصل على عدّة سلال غذائية، وأُخرى لا تجد أي نصيب منها! ويقول عثمان: “لا يمكننا أن ننسى العائق الأكبر وهو القصف المتواصل، والتطورات العسكرية المتسارعة وخسارتنا لمراكز متعددة للجمعية في حلب”.

“جمعية أنصار المظلومين تجربة فريدة قدّمها سجناء الرأي الفاعلين في مجتمعهم، الذين خرجوا من ظلمتهم للنضال من أجل حقوقهم وحقوق غيرهم من المظلومين. فبين الظلمة والظلم، نظامٌ يقصف ويقتل، وأيادي سوريّة تتشابك معاً”.  بهذه الكلمات اختتمَ عثمان حديثه لموقع حكايات سوريا.