منظمة “اتحاد المكاتب الثورية”: التظاهرات مستمرة

أداء المنظمة واسعة النفوذ موضع تجاذب بين معارضيها ومؤيديها.

مصطفى الجلل

  (كفرنبل، سوريا) – في نهاية العام 2012 وبعد سيطرة “الجيش الحر” على مدينة كفرنبل، تشكلت “منظمة اتحاد المكاتب الثورية” في المدينة، وضمّت هؤلاء الذين اعتادوا تنظيم المظاهرات والمشاركة فيها منذ ربيع العام 2011، ولهم يعود الفضل في وضع مدينة كفرنبل على خارطة العالم من خلال اللافتات والرسومات الكاريكاتورية التي رفعوها على هامش تحركاتهم.
التقى موقع “دماسكوس بيورو” رئيس مجلس إدارة المنظمة رائد الفارس، الذي شرح آلية عملها التي تعتمد على برامج ومشاريع وأنشطة محكومة بإدارة مالية مركزية، يتولى تنفيذها نحو 225 شابا وشابة يعملون لصالح المنظمة وتتراوح أعمارهم بين 17 و35 عاماً.

ورشة تعليم الخياطة هي إحدى مبادرات مشروع "مزايا" لقضايا المرأة، الذي يشرف عليه "اتحاد المكاتب الثورية" - المصدر: فيس بوك
ورشة تعليم الخياطة هي إحدى مبادرات مشروع “مزايا” لقضايا المرأة، الذي يشرف عليه “اتحاد المكاتب الثورية” – المصدر: فيس بوك

وينحصر عمل المنظمة في الوقت الراهن وبحسب الفارس ضمن مدينة كفرنبل وبعض البلدات المجاورة، رغم سعيها لتوسيع دائرة عملها قدر المستطاع. واصفاً علاقتها مع الهيئات العاملة داخل المدينة بالـ “جيدة إلى حد ما”، يقول الفارس إن “هناك التقاء في الأهداف العامة مع المجلس المحلي، والمنظمة سباقة للتعاون مع أي هيئة في حال وجدت فرص التعاون”.
“المنظمة تحمل في حراكها أهداف الثورة السورية وهي تؤمن أن سوريا وطن للجميع”، يقول الفارس، مؤكداً في الوقت عينه “أن المنظمة لا تتبع أي اتجاه سياسي أو تيار، وهي تعمل دون مرجعيات أو إملاءات مفروضة من أي جهة”.
وعن مشاريع المنظمة وتمويلها يقول الفارس “ليس هناك أي شروط أو قيود على أي جهة تريد التعاون والعمل مع المنظمة، المهم هو نوع العمل أو المشروع الذي يجب أن يتوافق مع أهداف المنظمة”، ويضيف “أن مجلس إدارة المنظمة هو من يملك القرار في قبول أي مشروع أو مذكرة تفاهم. علماً ان المنظمة لا تملك مصدراً مستقلاً لتمويل نشاطاتها وإنما يأتي التمويل من خلال الاتفاقيات مع منظمات مانحة وتتم تغطية نفقات العمل الإداري من خلال السياسة المالية الخاصة بكل مشروع”.
وعلى صعيد المشاريع، تعتبر إذاعة “فرش” (Fresh) من أهم أنشطة المنظمة في المجال الإعلامي. مدير الإذاعة أيهم السطيف قال إنها تهتم بالشؤون المحلية ونقل الأخبار الميدانية لأبناء المنطقة ضمن مجال بثها، وأنها تعمل بكادر شبابي محلي مؤلف من أكثر من 75 شاباً وشابة تابعوا الدورات الخاصة بالعمل الإذاعي.
وتمكنت المنظمة من إيجاد مشروع “محامون من أجل العدالة”، وهو برنامج حقوقي لرفع المستوى القانوني الدولي لدى شريحة الحقوقيين، بحسب مدير المشروع المحامي ياسر السليم.
وتهتم المنظمة بقضايا المرأة من خلال مشروع “مزايا”. مديرة المشروع غالية الرحال تقول: “ننفذ دورات تأهيل خاصة في مجالات الخياطة والنسيج والاسعافات الأولية وغيرها لزوجات الشهداء والمعتقلين ليتمكنَّ من العمل وتأمين لقمة العيش بكرامة”. وتضيف: “هناك منتدى ثقافي نسائي ومجلة خاصة بالمرأة تصدر بشكل نصف شهري تسمى مزايا”.
وأنشأت المنظمة مركزين يهتمان بحماية الطفل وتأمين الرعاية النفسية له، ويتضمنان أنشطة ترفيهية وألعاب تنشيطية, إضافة إلى مشروع مركز التعليم السريع الذي يقوم بتقوية التلاميذ في عدد من المواد الدراسية التي لم يتمكنوا من حضور دروسها بسبب الأوضاع الأمنية.
وتشرف المنظمة على حملة “عيش”، التي تضم مجموعة من الشباب يزيّنون جدران المدينة برسومات فنية رائعة من شأنها إضافة رونق جمالي، كما قاموا ببناء عدة نصب تذكارية خلدت ضحايا القصف الجوي من قبل طائرات الجيش السوري على المدينة.
وتعمل المنظمة على إنعاش مهنة الفسيفساء في كفرنبل. وقد بيّن عضو مجلس إدارة المنظمة معن كليدو أن العمل يتضمن تحويل اللافتات والرسومات التي ترفع في مظاهرات كفرنبل إلى لوحات فسيفسائية وعرضها في الخارج بغرض الترويج لهذه الصناعة لإعادة إلى سابق عهدها رونقها لما لها من نتائج في تشغيل اليد العاملة في المنطقة.
وبدأت المنظمة بتنفيذ مشروع استجرار مياه الشرب لمدينة كفرنبل بتمويل من المجلس الديمقراطي الأميركي بمبلغ وقدره 505 آلاف دولار أميركي، بعد انقطاعها منذ نحو سنتين، وذلك بهدف التخفيف من اعتماد الأهالي على مياه الآبار الخاصة المرتفعة الثمن، رغم ما أشيع عن خلافات بشأن هذا المشروع الحيوي.
الرئيس السابق للمجلس المحلي في كفرنبل الدكتور عبدالله خطيب قال “عندما كنت رئيساً للمجلس المحلي مر تعاون المنظمة مع المجلس بفترات فيها الكثير من التقدم والنجاح وفترات أخرى فاترة قد يعود السبب فيها إلى نوع من التنافس الذي لا يفسد للود قضية…”.
وعن الأخطاء التي ارتكبتها المنظمة يعتقد الخطيب “أن من يعمل يخطئ، وتبقى تلك الاخطاء مبررة مقارنة بذلك الكم الهائل من الخدمات التي يقدمها اتحاد المكاتب إن كان على مستوى مدينتنا أو على مستوى أكبر من ذلك”.
وعن رأي أهالي المدينة في عمل منظمة اتحاد المكاتب الثورية قال حسن حناك، وهو عسكري منشق عن قوات النظام، “إن المنظمة فاعلة ونشاطاتها هادفة وجيدة واهتمامها بالمرأة والطفل شيء ملحوظ… كما أن مشروع المياه حيوي وسيخلص أهالي المدينة من استغلال أصحاب آبار المياه لهم”.
أما ربة المنزل أم محمود فقالت: “لا أعرف عن المنظمة الكثير إلا أنهم وزعوا لنا سلة إغاثية قيمة في العام الماضي، وأعرف إذاعتها التي تنبهنا عند قدوم طائرات النظام وفيها أيضاً برامج دينية وإخبارية وترفيهية”.
ويعتبر محمود البيوش، وهو من الثوار الأوائل، “إن المنظمة تضم مجموعة من خيرة شباب المدينة والأنشطة والمشاريع التي تشرف على تنفيذها مهمة ومنتجة تصب في صالح أهالي المدينة ويكفي أنها أمنت فرص عمل للكثير من الشباب”.
موضوع فرص العمل الذي تحدث عنه البيوش هو المأخذ على المنظمة بالنسبة لتاجر المواد الغذائية أبو عمر، الذي يتهم إدارة المنظمة بأنها توظف الشباب القريبين منها، ويقول: “هم يستفيدون من مشاريع المنظمة لحسابهم الخاص، لكني لا أملك دلائل على هذا التصرف، وأنا لا أثق بهم، لأنهم لم يقبلوا توظيف ابني في الإذاعة… “.
ويؤيد أبو سليمان، وهو موظف حكومي مفصول، ما قاله أبو عمر، متوقفاً عند عدم تأمين عمل له بعد فصله من عمله السابق، وعدم وجود أي عامل من أسرته الكبيرة في المنظمة.
في رده على الاتهامات التي سبق ذكرها، أكد رائد الفارس أن المنظمة معنية لكنها ليست مسؤولة عن تأمين فرص عمل وتوظيف من يفصل من عمله، لكن اهتمامها أكبر بفئة الشباب، كما لا يمكن للمنظمة أن توظف أي شخص لا يملك مؤهلات تمكنه من العمل وبشكل عام إدارة المنظمة لا تتدخل في موضوع التوظيف وهذا من اختصاص إدارة كل مشروع أو برنامج .
تجدر الإشارة إلى أن المظاهرات مستمرة حتى تاريخه في مدينة كفرنبل ولافتاتها تحمل القوة نفسها التي بدأت بها، والفضل يعود إلى إصرار إدارة المنظمة والمكتب الإعلامي الثوري الحفاظ على مبدأ سلمية الثورة منذ البدايات رغم تراجع أعداد المتظاهرين.