منظمات أهلية تدعم الإنتاج الزراعي في إدلب

أبو أيمن مطمئناً لمحصوله هذا العام، تصوير سونيا العلي

عاد أبو أيمن إلى عمله في الزراعة بعد انقطاع، وبات بإمكانه تسديد ديونه وتأمين ثمن العلاج لابنته المريضة، وهي السعادة التي يتمنى استمرارها.أبو أيمن هو أحد المستفيدين من مشروع دعم الإنتاج الزراعي في سهل الروج الشمالي الذي أطلقته منظمة يداً بيد للإغاثة والتنمية بهدف دعم الإنتاج الزراعي في المنطقة، وتوفير الخضار في الأسواق المحلية بأسعار مناسبة، إضافة لإنعاش المنطقة وعودة الفلاحين للتمسك بأراضيهم وزراعتها، وتحسين وتنويع مصادر الغذاء.

أبو أيمن (46 عاماً) من قرية الشيخ يوسف يتحدث عن استفادته من المشروع قائلاً: “تركت الزراعة وهجرت حقلي مع اندلاع الحرب، بسبب ارتفاع أسعار وتكاليف الزراعة. علمت عن مشروع دعم الإنتاج الزراعي، وتم بعدها قبولي كأحد المستفيدين منه. وحصلت من خلاله على كافة مستلزمات الزراعة، كما تابعوا معي عملية الزراعة حتى الوصول إلى مرحلة الحصاد، ونحمد الله لأن المحصول كان وفيراً، أمنت من خلاله مستلزمات المنزل من الخضار، مع بيع الفائض عن حاجتنا للاستفادة من ثمنها .”

المدير الإعلامي في الداخل السوري لمنظمة “يداً بيد للإغاثة والتنمية” حسام الدين قصير (29 عاماً) يتحدث لحكايات سوريا عن المشروع وأهدافه: “بدأ المشروع في شهر نيسان/أبريل من العام الحالي، بقيام فريق المنظمة بتقييم احتياجات المنطقة من خلال مقابلات مع عدد من المزارعين والمجالس المحلية والفنيين الزراعيين لتحديد أهم المحاصيل والزراعات، وأبرز المشكلات الزراعية والتحديات التي تواجه الفلاحين”.

وبحسب القصير فالمشروع يدعم المزارعين بالمدخلات الزراعية مع توزيع قسائم للبذار والأسمدة والمبيدات ووقود للري على مزارعي الخضار الصيفية، ليقوموا لاحقاً بصرف هذه القسائم من المراكز الزراعية في المنطقة خلال فترة نمو المحاصيل.

كما يقدم المشروع الدورات التدريبية للمزارعين لتوعيتهم حول الأساليب والممارسات الزراعية الأفضل، ومنها الري ومكافحة الآفات الحشرية والفطرية والنضج والحصاد وتحضير التربة. فضلاً عن الزيارات الميدانية للحقول للكشف عليها ومراقبة مراحل النمو، وإرشاد المزارعين إلى الطرق السليمة للحصول على إنتاج وفير بأقل التكاليف.ويشير القصير إلى أن عدد المستفيدين من المشروع وصل إلى 885 مستفيداً بمساحة 1770 دونم (الدونم وحدة قياس تعادل ألف متر مربع) في عدة قرى، منها عرى الشمالي وكريز وسيجر وعين شيب وغيرها.

ويتم اختيار المستفيدين بحسب المعايير الأساسية، وهي أن يكون المزارع مالكاً أو مستأجراً لمساحة دونمين على الأقل من الأرض الزراعية. مع إمكانية الوصول لمصدر ري ضمن المناطق المستهدفة. إضافة إلى خبرة بزراعة الخضار الصيفية، فضلاً عن خضوع المستفيدين لمعايير تفضيل يراعى فيها عدد أفراد الأسرة أو وجود امرأة معيلة للأسرة، أو أفراد مسنين أو من ذوي الاحتياجات الخاصة أو مصابين بأمراض مزمنة. فضلاً عن وجود فرد قادر على العمل بالأرض.المزارع أسعد القدور (37 عاماً) من سهل الروج استفاد من المشروع. وعن ذلك يقول: “مع قيام الثورة عمد النظام السوري إلى إلحاق الضرر بسهل الروج لدوره الكبير في تزويد محافظة إدلب بكافة أنواع المزروعات، وذلك من خلال حرق الأراضي التي يشرف عليها، وقطع المياه عنها. لذلك يعتبر المشروع خطوة غاية في الأهمية في الاتجاه الصحيح لرفع جودة الإنتاج الزراعي في المنطقة”.

ولفت القدور إلى استفادته من المشروع إلى جانب تقديم القسائم من خلال التدريبات الإرشادية للفلاحين على كيفية إعداد الأرض للزراعة ومواعيد الزراعة والتسميد، وكيفية مواجهة الأمراض التي تصيب المحاصيل.

أم محمد (28 عاماً) من قرية عين شيب تقول: “بعد وفاة زوجي قبل ثلاث سنوات، أصبحت المعيلة لأبنائي الأربعة، واصطدمت بواقع أليم مع انعدام فرص العمل، فبدأنا نعتمد في معيشتنا على السلال الغذائية الإغاثية التي لاتغني عن جوع، مما تسبب لعائلتي بمزيد من المشقة والحرمان من معظم لوازم الحياة، وجاء هذا المشروع ليساعدنا في تلبية احتياجاتنا من الخضار، والاعتماد على أنفسنا في تحصيل أرزاقنا والعيش بكرامة”.
المهندس الزراعي عدنان أبو الجود (41 عاماً) من مدينة إدلب يقول: “يقع سهل الروج في القسم الغربي من محافظة إدلب، وهو امتداد لسهل الغاب شمالاً، وهو خسف من الأرض متسع ومغلق محاط بالمرتفعات، يقع بين جبلي الزاوية والوسطاني”. ويشير إلى دور سهل الروج في تزويد أهالي إدلب بكافة أنواع المحاصيل الزراعية من الخضروات والبقوليات والفواكه.

ويضيف أبو الجود: “تعتبر الزراعة مصدر عيش ما يزيد عن 60% من أهالي إدلب، وأبرز مزروعاتهم الزيتون والقمح والشعير والبقوليات، لكن القطاع الزراعي يواصل انهياره في ظل الحرب السورية. بسبب ارتفاع أسعار مستلزمات الزراعة من مبيدات وبذار وأسمدة، ناهيك عن غلاء المحروقات اللازمة للري، مما يزيد العبء على الفلاحين في ظل ضعف إمكاناتهم، ويسبب انخفاضاً في الإنتاج، وتراجعاً في الموسم الزراعي، كما يعتبر نزوح الفلاحين وهجرة أراضيهم من أخطر عوامل تراجع قطاع الزراعة”.

ويختتم أبو الجود حديثه بالقول: “الجوع وشبح انعدام الأمن الغذائي يتهدد ما بقي من سوريين في الداخل. لذلك يعتبر دعم قطاع الزراعة دافعاً لهم للصمود في وجه الظروف القاسية التي يواجهونها، وفرصة لتحسين الواقع الغذائي وتأمين فرص عمل جديدة تؤمن ما يعينهم على الاستمرار”.