مكتب يهتم بشؤون الجرحى والمفقودين السوريين

"تم إطلاق مكتب شؤون الجرحى والمفقودين في إدلب عام 2012، بهدف جمع شتات الأسر السورية التي تفرق أفرادها بين الفقد والموت والإصابة"

تعرض الشاب أيمن لإصابة خطيرة في رأسه إثر غارة جوية. تم إسعافه ونقله إلى إحدى المشافي التركية لتلقي العلاج، دون أن تعلم أسرته مكان وجوده. وبعد رحلة بحث مضنية، تمكن ذووه من معرفة مصيره، عن طريق مكتب شؤون الجرحى والمفقودين في إدلب.
تم إطلاق مكتب شؤون الجرحى والمفقودين في إدلب عام 2012، بهدف جمع شتات الأسر السورية التي تفرق أفرادها بين الفقد والموت والإصابة، نتيجة الأوضاع التي تمر بها المناطق المحررة من قصف ومعارك واعتقالات وتردي الأوضاع الأمنية، إضافة إلى العثور على العديد من الجثث المجهولة الهوية.
مدير مكتب شؤون الجرحى والمفقودين حذيفة الحمود (45 عاماً) يتحدث لحكايات سوريا عن أهمية عمل المكتب قائلاً: “لا يكاد يخلو منزل في إدلب من مريض أو مصاب أو مفقود، وهناك العديد من المصابين يتم نقلهم بحالات حرجة وأسماء وهمية إلى المشافي التركية دون أن يعلم ذووهم أي أخبار عنهم، وقد لاحظت ذلك بعد نقلي إلى إحدى المشافي التركية إثر إصابة حربية تعرضت لها”.
ويوضح الحمود بأنه أراد من خلال عمل المكتب طمأنة أهالي الجرحى والمفقودين وجمعهم مع ذويهم. ويتم التواصل مع إعلاميين ومسعفين وأطباء في تركيا للحصول على معلومات وبيانات وصور للأشخاص الذين يصلون إلى هناك دون مرافقين، ليقوم المكتب بدوره بنشر وتعميم هذه الصور والمعلومات على مواقع التواصل الإجتماعي” .
ويضيف الحمود: “نعمل أيضاً على نشر صور المخطوفين والمفقودين ومجهولي المصير بالتواصل مع نشطاء في أرياف حماه وحلب وإدلب واللاذقية للتحري عن مصيرهم. أما بالنسبة للجثث المجهولة الهوية فيتم محاولة الوصول إلى أهلهم، وفي حال عدم إمكانية ذلك يتم التنسيق بشأنهم مع مكتب الطبابة الشرعية في إدلب لأخذ مواصفات المتوفى بدقة قبل القيام بدفنه، ليتمكن ذووه من معرفة مصيره عند التعرف عليهم.”

وعن الوسائل التي يعتمدها الناشطون في مكتب شؤون الجرحى والمفقودين لجمع المعلومات يجيب الحمود: “نقوم بالتنسيق مع فرق الإسعاف والدفاع المدني إضافة إلى قيامنا بجمع البيانات من المشافي التركية والسورية والمراكز الطبية وعدد من المراصد الميدانية، حيث قمنا بتعميم رقم المكتب على كافة الجهات المعنية لتلقي البلاغات عن المفقودين والجرحى على مدار الساعة”.
ويعمل فريق المكتب بحسب الحمود على مساعدة ذوي الجرحى والمفقودين من خلال تأمين مساعدات إغاثية ومبالغ مالية لهم تساعدهم على قسوة الحياة وضيق العيش، إضافة إلى المساهمة في إسعاف الجرحى والمصابين من خلال الفريق الطبي التابع للمكتب.
الشاب عبد الكريم الأسود (26 عاماً) نزح من ريف حلب إلى مدينة إدلب، ليقرر بعد ذلك التطوع بمكتب شؤون الجرحى والمفقودين، وعن سبب ذلك يقول لحكايات سوريا: “غاب أخي البالغ من العمر ١٥ عاماً عن المنزل لعدة أيام، وأثناء بحثنا عنه علمنا من خلال المكتب أنه فارق الحياة إثر تعرضه لحادث سير، وقد وثق المكتب مواصفاته قبل دفنه، فقررت منذ ذلك اليوم التطوع في المكتب للمساهمة بعمله الإنساني ومساعدة الناس بالتخفيف من همومهم ومصائبهم”.
الطفلة سارة الكردي (12 عاماً) استفاقت من غيبوبتها لتجد نفسها وحيدة في أحد المشافي التركية، رغم جراحها وآلامها، لكن بريق الأمل عاد يلتمع في عينيها من جديد، بعد قيام مكتب شؤون الجرحى والمفقودين بنشر صورتها عبر غرف الأخبار ومواقع التواصل الاجتماعي، فتمكنت والدتها من معرفة مكانها ولحقت بها إلى تركيا لتظل إلى جانبها وتقدم لها الرعاية والحنان.
وتقول والدة سارة: “كانت ابنتي عائدة من مدرستها عندما قامت إحدى الطائرات الحربية بقصف سوق المدينة، ما أوقع العديد من الضحايا، وقد كانت ابنتي بينهم. قامت فرق الإسعاف بنقل الجرحى إلى المشافي الميدانية، فيما نقلت الإصابات الحرجة إلى المشافي التركية” .
وتؤكد أم سارة بأن مشاعر الحزن والترقب راودت قلبها الذي اشتعلت النيران فيه، باحثة عن خبر يعيد السكينة والطمأنينة إلى نفسها، فقصدت مكتب شؤون الجرحى والمفقودين الذي قام بالتحري عن الموضوع، وأرشد الأم إلى مكان ابنتها ومدى إصابتها .
أما الحاج أبو عدنان (51 عاماً) من قرية جرجناز بريف إدلب فقد وافته المنية في حادث سير عندما كان بعيداً عن قريته، دون أن يكون معه أوراقه الثبوتية. وبعد قيام المكتب بنشر صورته وتعميم خبر وفاته تمكن أبناؤه من معرفة مصير والدهم ومكان وجوده. قاموا بإحضاره لإيصاله إلى مثواه الأخير.
يؤكد الحمود في نهاية حديثه لحكايات سوريا: “نعمل بشكل تطوعي منذ سنوات، لم نركن لليأس وإرادة الحرب بل نقوم بعملنا الإنساني الذي جاء استجابة سريعة للواقع الصعب بهدف لملمة أطراف العائلة السورية الواحدة، والتخفيف من المحن المروعة لآلاف الجرحى والمفقودين من الصغار والكبار .”