مكتب لتشغيل اللاجئين السوريين في الأردن

" وتعينت في مشغلٍ صغيرٍ مجاورٍ للمخيم، بدوام لا يتجاوز الـ 8 ساعات يومياً، وبراتبٍ شهريٍ يمكّنني من مساعدة زوجي لتأمين متطلباتنا اليومية"."

لم تكن خبرة مالك (35 عاماً) كافية لمزاولة مهنة الحدادة في مخيم الزعتري، بسبب القوانين التي تمنع قاطني المخيم من الانتقال إلى خارج أسواره.
مالك الذي قدم من محافظة درعا قبل سنوات إلى مخيم الزعتري يقول: “أعيش مع عائلتي في مخيم الزعتري، حيث يوجد أكثر من 80 ألف لاجئ سوري، جاؤوا من مختلف المحافظات السورية منذ بداية عام 2012 “.
مخيم الزعتري أقامته السلطات الأردنية في محافظة المفرق الأردنية، في منطقة صحراوية تبعد عن الحدود السورية الأردنية قرابة الـ 10 كيلومترات. وبحسب مالك فإن المخيم عبارة عن خيام قماشية وغرف من الصفيح، تنتشر بينها الشوارع وأعمدة الكهرباء وقد غزتها المحال التجارية.
ويضيف مالك: “رغم خبرتي ومهارتي في مهنة الحدادة التي عملت بها أكثر من 20 عاماً، إلا أن إدارة المخيم تمنعنا من الخروج للبحث عن فرص، إلا بموجب موافقة تحتاج إلى معاملة رسمية قد يستغرق إنجازها عدة أيام، لتسمح لنا الإدارة فيما بعد بالخروج لمدة لا تتجاوز الـ14 يوماً فقط”.
ويعتقد مالك “أن الاجراءات المتعلقة بمنع اللاجئين من حرية الحركة أدت إلى تردي الأوضاع المعيشية لأكثر من 90 بالمئة من قاطني المخيم، وخاصة من أصحاب المهن الحرفية، فالمساعدات الإنسانية عبارة عن 20 دينار للفرد الواحد شهريا (ما يقارب 30 دولار أمريكي)، توضع في بطاقة ائتمان يمكن بموجبها شراء المواد الغذائية والألبسة من المحال التجارية المتواجدة في سوق المخيم حصراً”.
عبد الرحمن (41 عاماً) وبالرغم من أنه يعيش خارج مخيم الزعتري منذ وصوله إلى الأردن بداية عام 2013، إلا أنه يقيم في منزل يزيد إيجاره على 400 دولار أمريكي. وهو يعاني لتحصيل لقمة العيش بسبب أحكام وزارة العمل الأردنية التي منعته من العمل بشكل رسمي.
يقول عبد الرحمن: “عند وصولي إلى العاصمة الأردنية عمان ظننت أنه بإمكاني العمل في مهنة الديكورات التي اتقنها تماماً، وهذا ما شجعني للعيش خارج مخيمات اللجوء الأردنية، ودفع مبلغ مرتفع إيجار المنزل”.
ويضيف عبد الرحمن: “لم اتمكن من العمل بشكلٍ قانونيٍ لفترة زادت عن 5 أعوام، تخللها الخوف من إلقاء القبض عليّ، كوني لا أملك تصريح عمل قانوني، ما قد يؤدي لترحيلي إلى مخيم الزعتري الأشبه بالسجن الكبير، فالعيش في المحافظات الأردنية والعمل فيها يحتاج لبطاقة أمنية تخول حاملها العيش بحرية، وهذا ما كانت السلطات الأردنية تمنعه عن جميع اللاجئين”.
ويتابع عبد الرحمن قائلاً: “صدر قرار ينص على منحنا بطاقات أمنية وتصاريح عمل تمكننا من العيش بشكل طبيعي في بداية عام 2016، لكن لم يبدأ تطبيق هذا القانون إلا منذ شهرين فقط، عندما تم الإعلان عن افتتاح مكتب لتشغيل اللاجئين السوريين في الأردن”.
نظراً للظروف الصعبة التي يعيشها اللاجئون السوريون في الأردن عامة وفي المخيمات خاصة، ولا سيما في مخيم الزعتري، قامت منظمة العمل الدولية في الأردن بافتتاح مكتب لتشغيل اللاجئين السوريين، بتمويل من الاتحاد الأوروبي، يساهم في إيجاد عنوان واضح للاجئين خلال البحث عن فرص العمل والتقدم بطلب للحصول على تصاريح خاصة بالعاملين.
مكتب تشغيل اللاجئين السوريين في مخيم الزعتري لقي إقبالاً كبيراً جداً من قبل اللاجئين بمجرد افتتاحه، حيث تقدم نحو 1450 لاجئا سورياً للحصول على تصريح عمل للقطاع الزراعي، و950 طلباً لقطاع الإنشاءات، و108 طلبات للبحث عن عمل في القطاعات الأخرى، إضافة لوجود 400 طلب للحصول على التدريب في قطاع الإنشاءات.
ويقول أبو المجد الحمصي (45 عاماُ): “بعد الإعلان عن افتتاح المكتب بعدة أيام، أقامت المنظمات والشركات التي تحتاج عمال وموظفين معرضاً لفرص العمل في ساحة مخيم الزعتري، فوضعت الطاولات التي جلس خلفها أكثر من 50 مندوباً لها، وعرضوا الطلبات والشروط الواجب توفرها بالمتقدمين”.
الحمصي سجّل اسمه لدى أكثر من 15 منظمة ممن يهتم بالقطاع الزراعي كونها مهنته الرئيسية في سوريا. ويضيف الحمصي: حالفني الحظ وتعينت كمنسق للحدائق العامة في منطقة قريبة من المخيم، وحصلت على تصريح عمل أحمي به نفسي من اللجان التابعة لوزارة العمل الأردنية، وهذا ما ساهم بشكل كبير في معالجة الضغط النفسي الذي كنت أعيشه، وحصلت على راتب شهري استطيع من خلاله تأمين متطلبات عائلتي”.
الحمصي لم ترق له الدورة التدريبية التي أجبر على الالتحاق بها قبل تسليمه وظيفته الجديدة، ويقول في ذلك: “رفضت المنظمة تسليمي مهامي في العمل الجديد قبل الانتهاء من دورة تدريبية استغرقت 15 يوماً، قدم من خلالها المهندسون الزراعيون طرق العمل التي تخص الزراعة، فكان من الصعب جداً سماعي تلك الملاحظات التي تقدم لمستجد في مجال الزراعة، بعد قضائي أكثر من 25 عاماً فيها”.
أم رياض (29 عاماً) كانت مهتمة بالخبرة التي ستكتسبها من الدورة التدريبية. وتروي أم رياض لموقعنا: “منذ لجأت إلى مخيم الزعتري في الأردن وعملي يقتصر على مهامي في مسكني فقط. كنت في دمشق ربة منزل، ولا أمتلك خبرة في أي مجالات العمل، وهذا ما منعني من البحث عن فرصة عمل من قبل”.
وتضيف أم رياض: “بعد افتتاح مكتب تشغيل اللاجئين والإعلان عن دورات تدريبية فيه في مختلف المجالات قمت بالتسجيل في عدة شركات ومنظمات تختص بمجال الألبسة والتصميم، وخضعت لدورة خياطة دامت قرابة الشهر، تعلمت فيها المبادئ الأساسية في المهنة، وهذا هو هدفي من التسجيل”.
وتختم أم رياض بالقول: “اليوم ولو لم أحظ بفرصة عمل في إحدى هذه المنظمات، بات من الممكن الحصول على تصريح عمل في الأردن والبحث عن فرصة في مكان آخر خارج المخيم، بفضل الخبرة التي اكتسبتها من الدورة التدريبية. المنظمة التي دربتنا تكفلت بإيجاد فرص عمل للمتدربين، وتعينت في مشغلٍ صغيرٍ مجاورٍ للمخيم، بدوام لا يتجاوز الـ 8 ساعات يومياً، وبراتبٍ شهريٍ يمكّنني من مساعدة زوجي لتأمين متطلباتنا اليومية”.
رغم التسهيلات التي قدمتها منظمة العمل الدولية، وتأمين فرص عمل لآلاف اللاجئين السوريين في الأردن، إلا أن أبو خالد لم يتمكن من العمل في أي وظيفة كانت.
يقول أبو خالد (63 عاماً): “لم أكن استطيع البحث عن فرصة عمل خارج أسوار المخيم من قبل، بسبب القوانين المفروضة علينا، وتأملت كثيراً عند سماعي بافتتاح مكتب التشغيل، وبعد تقديم عروض الفرص من قبل المنظمات والشركات الموجودة في معرض فرص العمل، ذهبت للتسجيل فيها، وقابلت مندوبي جميع المنظمات، وعرضت العمل في أي وظيفة كانت، ولو كانت كعامل نظافة، لكن جميعهم رفضوا وبدون استثناء بسبب تقدمي في السن”.