معرض كاريكاتور يجسد الثورة السورية
"مركز مسار للدراسات أقام معرض سراقب الأول للكاريكاتور ضمن حملة "سوريا بعيون إدلب" بمشاركة عدد من الفنانين السوريين من مختلف المحافظات السورية"
لم تتردد أماني العلي (25 عاماً) بالمشاركة بمعرض الرسوم الكاريكاتورية ، الذي أعلن عنه في سراقب. تريد اماني أن تثبت نفسها كرسامة وبأنها قادرة على الإبداع والمنافسة. “في إدلب لا يزال هنالك من يحب الرسم والحياة” بحسب قولها.
مركز مسار للدراسات أقام معرض سراقب الأول للكاريكاتور ضمن حملة “سوريا بعيون إدلب” بمشاركة عدد من الفنانين السوريين من مختلف المحافظات السورية سواءً من المتواجدين في الداخل السوري أو في دول اللجوء.
أماني تصف المعرض بـ “إنه بادرة إيجابية لتشجيع الفن والفنانين، وللتأكيد أن إدلب ليست منطقة عسكرية وإنما هي مفعمة بالحياة المدنية والحركة والمنافسة ولا يزال هنالك مواهب ورعاة للفن”. وتتمنى أماني “أن تستمر مثل هذه الفعاليات التي من شأنها صقل الخبرات وتنميتها”.
أماني شاركت بثلاث لوحات وبمواضيع مختلفة. انتقدت فيها سياسة المنظمات السلبية، وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي على حياة المواطنين، إضافة لمعاناة الناس في المناطق المحررة وجشع التجار.
الفنان بلال الموسى (25 عاماً) وهو أحد الفنانين المشاركين في المعرض. كان يحب الرسم منذ كان في الصف الثالث الإعدادي، ولكنه في ذلك الوقت لم يكن قادراً على إظهار موهبته المدفونة بسبب حالة القمع العامة، غير أنه اليوم وجد رصة للتعبير عن موهبته.
يقول الموسى: “نريد أن نظهر للعالم بأننا موجودون ومستمرون وصامدون”. اختار الموسى في لوحاته إلقاء الضوء على تفان عناصر الدفاع المدني واستماتتهم من أجل إنقاذ أرواح الآخرين. فكانت لوحاته معبرة وبشكل كبير عن دور الدفاع المدني خلال الثورة السورية.
ويوضح الموسى ذلك قائلاً: “أردت أن أجسد لوحة تختصر ما يحدث من قتل ودمار، فاخترت لوحة الدفاع المدني السوري، والصعوبات التي تواجههم”. وفازت لوحته ضمن أفضل اللوحات في المعرض والتي حظيت بأكبر عدد من أصوات الزائرين.
وفي نهاية حديثه لا ينسى الموسى أن يوجه رسالة لرعاة الفن بأن يكون للفنانين في الداخل السوري حصة بالدعم المعنوي والمادي، سواء بدورات تقوية أو بأفكار جديدة أو بمواد رسم وغيرها، ما يشجع على استمرارية الفن والفنانين والمزيد من المعارض.
رواد رزاز (34عاماً) أحد منسقي المعرض يصفه بأنه الأول نوعه في المنطقة. ويقول: “لقد حضره ما يقارب الـ 674 شخصاً من الذكور والإناث، ويأتي المعرض ضمن فعاليات عدة تقام ضمن حملة سوريا بعيون إدلب”.
وحول الحملة الأخيرة وللحديث عن أهداف المعرض التقت حكايات سوريا مع مدير مركز مسار للدراسات الراعي للمعرض عقبة باريش الذي قال: “أردنا أن نؤكد على استمرار الحياة في محافظة إدلب، والقدرة على تنظيم فعاليات أدبية وفنية على الرغم من آلة الحرب من جهة، ولدعم صمود المدنيين الذين آثروا البقاء فيها رغم كل الأهوال التي مروا بها من جهة أخرى”.
ويضيف باريش: “حرصنا من خلال حملة سوريا بعيون إدلب على إظهار دور سوريا الحضاري ومساهمتها بالناتج الإنساني العالمي عبر إظهار أعمال المبدعين السوريين”.
حملة سوريا بعيون إدلب طرحت على صفحتها الرسمية الإعلان عن مسابقات أدبية وفنية، وحول هذه المسابقات يقول باريش: “تتضمن الحملة ثلاث مسابقات أدبية وفنية. حملت الأولى اسم مسابقة أبو العلاء المعري للفنون الأدبية في مجالي القصة القصيرة والقصيدة الشعرية”.
أما عن المسابقة الثانية وهي المسابقة السينمائية فيشير باريش إلى أنها “حملت اسم دورة المخرج نبيل المالح في مجال الأفلام القصيرة ، والمالح كما يعرفه باريش هو أحد الأعمدة الفنية في السينما السورية. أما بالنسبة للمسابقة الثالثة فكانت معرض رسوم الكاريكاتور، وقد حدد لاختيار الفائزين في تلك المسابقات لجان تحكيمية مختصة بالمجالات الأدبية والسينمائية”.
وتضمن المعرض 22 لوحة بمشاركة 8 فنانين، وشهد اقبالاً كبيراً من مختلف الفئات الإجتماعية داخل مدينة سراقب وخارجها.
أحمد علوان (35 عاماً) أحد زوار المعرض لفت انتباهه “العمل الجيد والخطوة الجريئة في المناطق المحررة والتي من شأنها تعزيز دور الشباب الفني والمدني”. وعبر عن إعجابه باللوحات قائلاً: “إنها تتحدث عن واقع الثورة السورية ابتداء بالقصف والدمار والفقر، وانتهاء بالاعتقال والتهجير”.
أما بالنسبة للطبيبة روان الحسين (30 عاماً) فقد أعجبت بالمعرض “كونه أعاد الحياة للمدينة وأظهر للعالم بأن إدلب ليست سوداء ومكبلة، وإنما هي متألقة بإبداع شبابها وعطاء أدبائها وفنانيها” على حد قولها.
المدرس أحمد شردوب (39 عاماً) وخلال تجوله في المعرض لفت انتباهه النشاط الاجتماعي وظهور التطورات الثورية الأخيرة التي حدثت، في اللوحات بصورة تحاكي الواقع وتنقل ما يحدث من إجرام بحق الشعب السوري لأكبر عدد من الناس والذي من شأنه “نقل الحقيقة بطريقة فنية، تعكس ما يحدث فعلاً وما لا يمكن التعبير عنه ربما إلا من خلال تلك اللوحات”.
ويعرف المدرس الشردوب فن الكاريكاتور بأنه أحد فروع الرسم الذي يمثل الأشياء أو الأشخاص إما بطريقة بسيطة أو مبالغ فيها، وذلك للتعبير عن خاصية أو أكثر تتسم بها الشخصية أو الشيء، وعادة ما يتم تقديم الكاريكاتور بطريقة ساخرة لنقد السلبيات أو لمدح الإيجابيات.
وعن بدايات ظهور هذا الفن يرجعها الشردوب للفنان الإيطالي ليوناردو دا فنشي الذي كان أول من بدأ برسم بعض الشخصيات بطريقة مشوهة، وعلى الرغم من أن التشوهات في أعمال دي فنشي لم يكن القصد منها سوء إضافة جاذبية للصور إلا أنها أصبحت نواة فن الكاريكاتور.
لم يعجز السوريون عن إيجاد الوسائل التي من شأنها إيصال معاناتهم للعالم طيلة سنوات الثورة. وآخر الوسائل معرض رسوم الكاريكاتور التي أظهرت مآسيهم بطريقة فنية ساخرة، لم يخف تأثره بها كل من شاهدها.