مطبخ متنقل لتوزيع الوجبات على النازحين

المطبخ المتنقل يوفر وجبات ساخنة وصحية للنازحين تصوير دارين الحسن

بابتسامة ترتسم على وجهه يركض الطفل مصطفى ليخبر إخوته عن وصول سيارة المطبخ المتنقل، الذي يحمل الوجبات المطبوخة الساخنة إلى الأسر النازحة التي تقطن في المخيم .

يعاني مصطفى (9 أعوام)  من ظروف النزوح القاسية، وكغيره من الأطفال النازحين لم يعد بإمكانه الحصول على الغذاء المتنوع اللازم لصحته. نزح مصطفى مع أسرته من ريف حماة الشمالي إلى أحد المخيمات الحدودية.

مطبخ القلوب الرحيمة المتنقل الذي أطلقته جمعية عطاء للإغاثة الإنسانية أمّن لمصطفى وغيره من النازحين وجبة طعام يومية في ظل ضيق العيش، وغلاء أسعار المواد الغذائية. وتأتي هذه المبادرة ضمن إطار حملة “ادعموا صمودهم” التي انطلقت بهدف تلبية احتياجات النازحين الأساسية من غذاء وإيواء وطبابة.

يتضمن مشروع المطبخ المتنقل سيارة مزودة بجميع المعدات، تم تجهيز المطبخ بثلاثة طباخات مجوفة ضمن طاولة مطلية حرارياً، وطاولة أخرى للتعبئة والتغليف مع وجود خزان ماء وصنبور. اما السيارة فهي بمواصفات حديثة قادرة على أن تجوب القرى والبلدات في الشمال السوري، وتستطيع الوصول إلى مراكز الإيواء لتلبية احتياجات النازحين والمحتاجين فيها .

منسق مشاريع جمعية عطاء للإغاثة الإنسانية محمد أبو حامد (37 عاماً) يتحدث عن المشروع ويقول: “انطلقت فكرة مشروع المطبخ المتنقل بسبب التوزع الجغرافي الواسع للنازحين، واستحالة إقامة مطابخ ثابتة في كل مخيم أو مركز إيواء بسبب التكاليف المرتفعة، فضلاً عن عدم الاستقرار والتنقل المستمر. وجاءت فكرة المطبخ المتنقل كنوع من الاستجابة للظروف الصعبة التي يعيشها الأهالي والنازحون، في سبيل سد بعض احتياجاتهم وإعانتهم على الحياة .”

ويلفت أبو حامد إلى “أن الطقس لا يساعد على إيصال الوجبات من المطاعم التقليدية إلى أماكن تواجد النازحين، فهي تصل باردة شتاء وفاسدة صيفاً، لذلك كان المطبخ المتنقل حلاً عملياً ومناسباً، حيث يقدم بين 125 و 200 وجبة طعام يومياً، ويستهدف عدة مناطق منها حزانو وباريشا وزردنا وكتيان ومعرة مصرين وغيرها”.

أبو محمد (33 عاماً) يعمل داخل المطبخ المتنقل وهو يقول: “نراعي الشروط الصحية والنظافة العامة، ونحاول أن نغلف الأطعمة لوصولها إلى المستفيدين ساخنة ونظيفة، كما نقوم بتوزيع الطعام في موعده المحدد .”

ويضيف أبو محمد: “كان الأهالي قبل النزوح معتادين على التنوع في غذائهم بما هو معروف عن المطبخ السوري. لكنهم باتوا يعانون من نقص حاد في الغذاء، بعد أن هجروا من بيوتهم وأراضيهم، وأصبح معظمهم لا يمتلك ما يكفي لشراء الحاجات المتنوعة التي كانت تعتبر من أساسيات المطبخ، لذلك نحاول أن نساعدهم بالإمكانات المتاحة لدينا”.

أم عبد القادر (45 عاماً) نزحت من خان شيخون إلى  قرية باريشا في ريف إدلب الشمالي، تستفيد من مشروع المطبخ المتنقل. وعن ذلك تقول لحكايات سوريا: “بعد موت زوجي، وهجرة ولدي الوحيد أصبحت أعيش مع عائلة ابنتي التي نزحت إلى هذا المكان. نشكر القائمين على مشروع المطبخ المتنقل الذي يوفر لنا غذاء صحياً ومتنوعاً بشكل يومي .”

اضطرت عائلة عبد الله للنزوح حالها كحال مئات الآلاف من العائلات السورية التي غادرت بيوتها وقراها، واتجهت نحو الشمال حيث الأوضاع أكثر أمناً. عبدالله الرجل الخمسيني يقول: “خرجت مع عائلتي من بيتنا لا نحمل متاعاً إلا الثياب التي نرتديها، كما فقدت العمل بأرضي التي تعتبر مصدر الدخل الوحيد لدينا، لذلك نعتمد في عيشنا على المساعدات التي تقدم لنا، ومنها وجبات المطبخ المتنقل”.

إضافة إلى مشروع المطبخ المتنقل أطلقت جمعية عطاء للإغاثة الإنسانية مشروعاً لتوزيع مادة الخبز المجاني بسبب الحاجة الملحة إليه بحسب أبو حامد الذي يوضح: “الخبز هو مادة الغذاء الأساسية لدى السوريين، ونتيجة الحرب الدائرة في سوريا أصبح الحصول على رغيف الخبز أمراً متعذراً لدى بعض الأهالي بسبب قلة وجوده وغلاء أسعاره، فضلاً عن خروج الكثير من الأفران والمخابز عن الخدمة”.

ويضيف أبو حامد: “أطلقنا هذا المشروع لتلبية حاجة بعض الأهالي، حيث يستفيد منه حوالي 12 ألف شخص، ويتم توزيع 3 آلاف كيس خبز يومياً، في ثلاثة مناطق وهي سرمدا ومخيمات أطمة وكفرناها بريف حلب الغربي” .

أم وائل (41عاماً) نازحة في ريف حلب الغربي، أم لسبعة أبناء، تستفيد من مشروع الخبز المجاني وعن ذلك تقول: “نعمة الخبز صارت منالاً صعباً بالنسبة إلينا، حيث كنت أضطر لشراء ثلاثة أكياس يومياً، وفي كثير من الأحيان لا يتوفر لدي ثمنها، وبعد استفادتي من مشروع الخبز، أصبحنا نحصل على الخبز مجاناً، مما خفف بعض الأعباء المادية عن كاهلنا .”

نظراً لحاجات النزوح المستمر في الفترة الأخيرة تحت وطأة القصف المتزايد، اضطرت الكثير من العوائل للنزوح إلى العراء دون مأوى أو مأكل، لذلك انطلق مشروع المطبخ المتنقل والخبز المجاني لتأمين وجبات الطعام لهذه العائلات المنكوبة والتخفيف عنهم بعضاً من مرارة الحرب .