مسطحات مائية لتخزين مياه الأمطار في ريف إدلب

""تمت الاستفادة من الرامات الرومانية القديمة أو الحفر الطبيعية الموجودة في هذه القرى، حيث عمل المشروع على تعميقها وتوسيعها بعد تنظيفها وتجريف الأوساخ منها."

رئيس المجلس المحلي الموحد في جبل الزاوية طارق علوش

كان أبو محمود يعاني من عبء شراء صهاريج المياه لري الأشجار المزروعة في حقله. لكنه لم يعد مضطراً لذلك بعد مشروع توسعة المسطحات المائية في قريته الذي ساهم في تقليل أزمة المياه وآثارها على المزارعين.
وأطلقت منظمة شفق مشروع المسطحات المائية في ريف إدلب، بهدف الحد من الأزمة المائية وزيادة الطلب والضغط على المياه. ورغبة بالاستفادة القصوى من تساقط الأمطار، واستخدامها في أغراض متعددة لتخفيف الأعباء الاقتصادية على المزارعين.
رئيس المجلس المحلي الموحد في جبل الزاوية طارق علوش (39 عاماً) يتحدث لحكايات سوريا عن أهداف المشروع قائلاً:” تظهر أزمة المياه في إدلب وبشكل صارخ بسبب قلة الموارد المائية المتوفرة، لتأتي الحرب وتزيد الألم ألماً، وتزيد حجم المعاناة وتوسع فجوة العجز المائي. لذلك عمل المشروع على توسيع السدود السطحية بهدف تخزين أكبر كمية ممكنة من مياه الأمطار التي تتساقط شتاء”.
ويلفت علوش إلى “أن مياه الأمطار والثلوج تعتبر من أهم مصادر الري لكثير من المزروعات، إذا تم استغلالها بشكل جيد، حيث تكون الحاجة ملحة لهذه المياه المخزنة خلال فصل الصيف، حين يزداد الطلب على المياه وترتفع أسعارها”.
ويضيف علوش:” استفادت خمس قرى في جبل الزاوية من مشروع السدود المائية السطحية وهي: بليون، بسامس، كنصفرة، أرنبة والموزرة”.
وبحسب علوش فقد “تمت الاستفادة من الرامات الرومانية القديمة أو الحفر الطبيعية الموجودة في هذه القرى، حيث عمل المشروع على تعميقها وتوسيعها بعد تنظيفها وتجريف الأوساخ منها. ويختلف حجم الرامات وسعتها حيث كان أكبرها رام بليون. كما تختلف نسبة التخزين من سنة لأخرى حسب غزارة الأمطار”.
ويوضح علوش “أن المشروع عمل على تنظيم سواقي مائية تأتي من التلال المجاورة لتصب في الرامات، وقد تصل هذه السواقي في بعض الأحيان إلى ما يتراوح بين ٢ و 3 كيلومترات. وتكون هذه الرامات عادة قريبة من ممرات مائية تسيل عند هطول الأمطار لتصب في الرامات وتعمل على تغذيتها.
ويؤكد علوش “أن أقل هذه الرامات تسرباً هي الرامات الرومانية القديمة، التي تكون عادة على قاعدة صخرية تمنع تسرب المياه. كما تعمل الرواسب المتجمعة في حوض السد على تقليص التسرب إلى باطن الأرض”.
وأسهم المشروع بتوفير فرص عمل لنحو٨٠٠ عامل من أبناء القرى المستفيدة. سليم القاسم (٢٦ عاماً) من بلدة بليون يقول: “نحتاج إلى مثل هذه المشاريع الحيوية لتساعدنا في الحصول على عمل أمام ما نعيشه من فقر وغلاء وندرة في الأعمال، لنتمكن من كسب قوتنا من كدنا وتعبنا. استفدنا من المشروع من حيث تشغيل عدد من الشبان وتأمين مياه الري لمزارعي البلدة .”
المزارع محمد الخطيب (43 عاماً) من قرية كنصفرة في ريف إدلب وجد في مشروع المسطحات المائية وسيلة غير مكلفة لري غراس التين والمحلب التي زرعها في حقله، لتلبية حاجتها من الماء ليشتد عودها.
ويقول الخطيب: “تعتبر هذه المسطحات حلاً متاحاً لسد العجز المائي الذي نعاني منه منذ سنوات، وخاصة بعد أن ارتفع سعر صهريج المياه ليصل إلى ٣٥٠٠ ليرة سورية. وهو ماجعل معظم المزارعين يعزفون عن ري أراضيهم، لكن المشروع ساعد على جمع وتخزين مياه الأمطار لحين حاجتها علماً بأننا نستقبل في كل عام كميات جيدة من مياه الأمطار والثلوج .”
أما أبو حمزة (55 عاماً) من قرية أرنبة فقد كان يعتمد على مياه البئر الذي حفره في حقله، لكنه وجد في المسطحات بديلاً أكثر توفيراً وعن ذلك يقول: “يحتاج استخراج المياه الجوفية إلى المحروقات وهي غالية الثمن، كما أعاني من جفاف الماء داخل البئر في فصل الصيف، لذلك تحولت للاستفادة من مياه المسطحات لري المزروعات ومواجهة مشكلة نقص المياه في فصل الصيف، وقد بات بإمكاننا زراعة المحاصيل التي تحتاج للري”.
علي الحمادو (40 عاماً) من قرية بسامس في ريف إدلب يمتلك سيارة لنقل صهاريج المياه للأهالي يتحدث عن سبب ارتفاع أسعار المياه بالقول: “نالت شبكات المياه في إدلب نصيبها من الخراب والدمار، كما أن غلاء أسعار المحروقات تسبب بغلاء أسعار المياه الجوفية وأجور النقل على حد سواء. ناهيك عن ازدياد الطلب على الماء في فصل الصيف، وشح المياه الجوفية بعد تحول الكثير من الأهالي لحفر الآبار العشوائية في أراضيهم”.
المهندس الزراعي أبو كمال (44 عاماً) من ريف إدلب يتحدث عن أهمية السدود السطحية قائلاً: “يعتبر مخزون المسطحات المائية مصدراً مائياً هاماً لريف إدلب الذي يواجه تحديات جدية وحقيقية في موارد المياه. حيث يستخدم لأغراض الري بشكل رئيسي لتأمين احتياجات المزارعين والحفاظ على استمرار الإنتاج الزراعي والاستخدامات الأخرى كسقاية الماشية.”
ويضيف أبو كمال: “تعتبر استراتيجية التخزين الأكثر اتباعاً نتيجة محدودية الموارد المائية في إدلب، لذلك ساعد المشروع على تعزيز هذا المصدر المائي الحيوي، واستغلال مياه الأمطار التي تعتبر شريان الحياة، ومن أهم النعم التي ينعم الله بها علينا .”