مركز مجاني للعلاج الفيزيائي في إدلب

تمارين مجانية لمن يحتاجها تصوير نايف البيوش

تخطو رانيا خطواتها الأولى بعد رحلة شاقة مع العلاج الفيزيائي استطاعت من خلالها العودة إلى حياتها الطبيعية بعد أن غدرت بها الحرب في سوريا .

خطوات رانيا الأحمد (15 عاماً) باتت ممكنة بعد أن افتتحت جامعة الحياة للعلوم الطبية، مركزاً مجانياً للعلاج الفيزيائي في مدينة سرمدا في ريف إدلب الشمالي. يعمل المركز على متابعة الحالات المرضية حتى مرحلة الشفاء، بعد أن خرجت معظم المراكز الطبية والإسعافية عن الخدمة نتيجة إستهدافها الممنهج من قبل الطيران الحربي .

المشرف العام لهيئة التعليم الطبي فايز مطر (42 عاماً) يقول: “مع ازدياد أعداد المصابين والمبتورين في إدلب وريفها نتيجة الحملة العسكرية التي تستهدف المدنيين، وما رافقها من إستهداف متعمد للمراكز الصحية والعلاجية وخروج معظمها عن الخدمة، إفتتحنا مركزاً للعلاج الفيزيائي لمساعدة الأهالي والأشخاص من ذوي الإحتياجات الخاصة من جهة، ولإدخال طلاب المعاهد والكليات الطبية في الحياة العملية، وتطبيق المقررات النظرية على أرض الواقع مما يتيح لهم إكتساب الخبرات وتأمين فرص عمل في المستقبل”.

ويضيف مطر: “يستقبل المركز المرضى لتبدأ عملية المعالجة الأولية بإجراء التحاليل الطبية والصور الشعاعية لتوصيف الإصابة وتحديد نوعها، ونوع العلاج اللازم الذي يكون من خلال التمارين الرياضية أو العلاج بالأشعة بالإضافة للتنبيهات الكهربائية. ولوضع الخطة العلاجية ومتابعة المصاب عن كثب وتقديم النصائح والإرشادات لأسر المصابين والطرق المثلى للتعامل معهم لتحقيق النتائج المرجوة”.

يستقبل المركز جميع الإصابات والحالات المرضية ومن كافة الفئات العمرية، ويشرف على المركز نخبة من الأطباء والأخصائين في المعالجة الفيزيائية بالإضافة للأكاديمين من طلاب الكليات والمعاهد الطبية.

 الطالبة ريما الجنيد (27 عاماً) تقول: “نعمل على إستقبال المريض وإجراء التقييم الأولي والشامل له، وإستخدام أحدث الأجهزة والأساليب المتبعة لتحقيق الهدف من العلاج”.

وتتابع الجنيد: “أتاح لنا المركز توظيف دراستنا العلمية واستخدامها بالشكل العملي، ما يتيح لنا خدمة تلك الفئات المتضررة والتي حرمتهم الحرب من أدنى حقوقهم في الحركة والتنقل. ويعمل العديد من الطلاب والطالبات في المركز حيث ازدادت خبرتهم العملية أضعافاً مضاعفة عن المناهج النظرية، فمعظم الحالات شفيت بنسب ممتازة. كما ويتزايد الإقبال على المركز من جميع المناطق في الشمال السوري وخاصة بعد موجة النزوح الذي تسبب بها النظام للأهالي من ريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي ليصل عدد المراجعين لأكثر من 75 حالة مرضية يومياً معظمهم من النساء والأطفال”.

الطبيب والمعالج الفيزيائي محمد الصبي (38 عاماً) يقول: “يواجه المركز العديد من الصعوبات أثناء العمل، أهمها ضعف التمويل وعدم وجود الدعم الكافي. بالإضافة لصعوبة وصول المرضى والمصابين إلى المركز. وهناك سوء الوضع الأمني في المنطقة مما يؤدي لعدم إلتزامهم بتواقيت الجلسات مما يؤخر عملية شفائهم”.

ويضيف الصبي: “تحتاج عملية العلاج الفيزيائي إلى المتابعة والالتزام بمواعيد الجلسات، حيث يخضع المصاب للعديد من الجلسات العلاجية تمتد بين الحين والآخر وعدم حضور المراجعين في الوقت المحدد يؤثر على عملية شفائهم”.

ويلفت الصبي: “يتم بشكل مستمر تقييم الحالة المرضية لمعرفة نسبة إستجابة المريض للعلاج، علماً أن بعض الحالات يتماثلون للشفاء، وخلال فترة تتراوح بين الشهرين إلى 3 أشهر. آخرون تطول فترة علاجهم تبعاً لإصابتهم وسرعة إستجابتهم وإلتزامهم بجلسات المعالجة”.

ويعد العلاج الفيزيائي من أهم وسائل العلاج الطبيعي، حيث يعتمد على التمارين الرياضية للطرف المصاب لمساعدة المريض على استعادة قدراته الجسدية. كما يناسب جميع الفئات العمرية عندما تصبح وظائفهم الحركية مهددة نتيجة لتقدم العمر أو الإصابات أو الإضطرابات الحركية أو أي عوامل بيئية أخرى.

محسن الخطيب (32 عاماً) أحد المستفيدين من المركز يقول لحكايات سوريا: “أكثر ما يريحني في المركز هو مجانية العلاج، لاسيما في هذه الظروف الإقتصادية والمعيشية الصعبة. أصبت بغارة جوية استهدفت منزلي في مدينة كفرنبل ما أدى لإصابتي إصابة بليغة، تمثلت بكسور جسيمة في يدي اليسرى مما دفعني إلى الجلسات العلاجية. فحالتي المادية سيئة، وأضطر لقطع مسافة تزيد عن 20  كيلومتراً بسبب مجانية العلاج في المركز. فلا استطاعة لي على دفع تكاليف الجلسات العلاجية في المراكز الخاصة وخاصة بعد أن أصبحت تكلفت الجلسة نحو ألفي ليرة سورية  وهو مالا طاقة لي به”.

ويستمر مركز العلاج الفيزيائي التابع لجامعة الحياة بالعمل بطاقته القصوى وبجهود طلابه الذين لم يدخروا جهداً في مساعدة هذه الفئة التي عانت طيلة سنوات الحرب من ألم الإعاقة والإصابة والفقدان.