مركز لتعليم الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في إدلب

فرحة الأطفال في مركز سند تستحق الصورة

تحمل الطفلة عهد (7 أعوام) حقيبتها كل صباح لترافق أخوتها أثناء ذهابهم إلى المدرسة، فيما هي تقصد مركز سند لذوي الاحتياجات الخاصة حيث تتلقى العناية اللازمة.

مركز سندلذوي الاحتياجات الخاصة في بلدة كفرتخاريم في ريف إدلب الشمالي يحظى بالدعم من منظمة بنيانضمن مشروع “التعليم أولاً”.

والدة الطفلة عهد تتحدث عن استفادة ابنتها من خدمات المركز بالقول: “تعاني ابنتي من مرض التوحد، ولم يكن يبدو عليها أي تحسن تعليمي في المدرسة لعدم وجود معلمين مؤهلين للتعامل مع حالتها، ولكن بعد انضمامها إلى زملائها في مركز سند تحسنت كثيراً، كما أصبحت تعتمد على نفسها في بعض الأمور التي كانت غير قادرة على القيام بها سابقاً”.

منسق مشروع “التعليم أولاً” والمسؤول عن متابعة مركز سند لذوي الاحتياجات الخاصة عبد الكريم بركات (31 عاماً) يقول: “يستهدف المركز الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين حالت ظروف الحرب بينهم وبين تعليمهم، منهم أطفال التوحد ومتلازمة داون والمعوّقات السمعية والبصرية والحركية، من سن 6 حتى 14 عاماً، حيث يستقبل المركز حوالي 109 أطفال، ويهدف لتأهيلهم ومساعدتهم في الاعتماد على أنفسهم وصقل شخصيتهم، بالشكل الذي يناسب قدراتهم، وتحسين نوعية حياة الطفل مع أسرته ومجتمعه”.

ويشير بركات إلى وجود كادر تعليمي مؤهل ومتخصص حرصاً على التعامل الأمثل مع الحالات الموجودة، وتقديم أفضل الخدمات لهم، والتي تشمل التربية البدنية، والنطق والتخاطب، والتدريب السلوكي.

ويطمئن بركات إلى “أن المركز يعمل أيضاً على إخراج الأطفال من الحالة النفسية التي يعيشونها، ويقوم بتدريبهم على نشاطات يومية ومجتمعية ليتمكنوا من المشاركة في المجتمع، حتى لا يكونوا عبئاً على أسرهم في منازلهم، فضلاً عن تدريبهم على التعايش بشكل سليم”.غالية الحسن (33 عاماً) معلمة في مركز سند للتعليم تقول: “يعاني الأطفال السوريون وتحديداً ذوي الاحتياجات الخاصة من وضع مأساوي، بسبب التهميش، وغياب الرعاية الطبية والنفسية والتعليمية، في وقت هم بأمس الحاجة لمن يهتم بهم، ويساعدهم على التحرر من أثقال احتياجاتهم التي تحد من قدراتهم، وتطمس هويتهم وإمكاناتهم”.

وتبيّن الحسن أن التعليم يعد من أهم حقوق الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، لأنهم بهذا التعليم يستطيعون العمل والعيش بكرامة والتفاعل مع المجتمع، وتحقيق مكانة اجتماعية مهمة، ومن هنا يجب منح الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة حقوقهم التعليمية .

وعن كيفية تعاملها مع الأطفال في المركز تقول: “أثناء التعامل مع الطفل المعوّق أحاول بث روح الأمل في الطفل، ودمجه مع زملائه بكل الطرق الممكنة مع تجنّب نقده وإحراجه، وأؤمن أنه من الضروري إبراز موهبة هذا الطفل وتميزه في أي مجال لإعادة الثقة إليه، ودمجه في الحياة المدرسية”.

وتشدّد الحسن على إشراك الوالدين في البرامج التعليمية باعتباره أمراً يؤثر على تكيف الطفل المعوّق مع المدرسة.  وتنصح الأمهات بأنه لا يجب الضغط على الطفل أثناء التعليم المنزلي، لأن أي طفل يحتاج إلى اللعب والترفيه، والتعليم طوال الوقت يولّد الكبت.

وتؤكّد الحسن على “وجوب مراعاة الحالة المزاجية المتقلبة لديه، كما يجب ألا نتركه في المنزل طوال الوقت لتجنب نظرات الناس وكلامهم السيّء، فالطفل المعوّق لا ذنب له بما هو فيه، ولا يجب أن نحمله فوق طاقته لإرضاء الناس”.

أم علي (41 عاماً) من مدينة سلقين استفاد ولدها من المشروع. تقول أم علي: “كنت أعزل ولدي البالغ من العمر عشر سنوات، والمصاب بمتلازمة داون عن الآخرين لحمايته من أية مخاطر قد يتعرض لها، فأكثر ما يثير حزنه وغضبه هو أن يسخر منه بقية الأطفال”.

وتضيف أم علي: “كأي أم كنت أطمح إلى إلحاق ولدي بالمدرسة، حتى لا تضيع عليه فرصة التعلم أسوة بإخوته، وأكثر ما كان يقلقني أن التعليم في إدلب بصورة عامة يسيطر عليه الإهمال، فكيف الحال بالنسبة لذوي الاحتياجات الخاصة الذين يحتاجون المزيد من الرعاية”.

وتضيف أم علي: “بعد افتتاح مركز سند سارعت لتسجيل ولدي، وكانت فرحتي كبيرة حين أبدى تحسناً ملحوظاً، وهو ما جعلني أؤمن بأن الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة لديه قدرة إيجابية يستطيع بها تخطي واقعه والاستمرار بحياة صحية سليمة إذا توافرت له الشروط والظروف المناسبة”.

المرشد النفسي عادل الشيخ (34 عاماً) من مدينة إدلب يتحدث عن معاناة الأطفال ذوي الإحتياجات الخاصة بقوله: “الأطفال الذين يعانون من معوّقات حركية أو حسية أو عقلية أو نفسية، هم من أكثر الأطفال المهمّشين في مجتمعنا، يعانون من الإقصاء وتلتصق بهم وصمة اجتماعية تنعكس سلباً على كافة مناحي حياتهم، وذلك بسبب تفشي الجهل بالتعامل معهم، وعدم توافر الدعم الذي يحتاجونه”.

وينوه الشيخ بأن الأطفال من ذوي الإحتياجات الخاصة يمتلكون الكثير من القدرات، ولكنهم يحتاجون إلى طرق التعليم التي تتناسب مع احتياجاتهم وقدراتهم، مع وجود برامج تدريبية ووسائل تعليمية خاصة من شأنها أن تطلق مواهبهم وقدراتهم، وتصل إلى مناطق الإبداع لديهم”.

من حق الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة أن يتمتعوا برعاية خاصة اجتماعية وتعليمية ونفسية تنمي اعتمادهم على أنفسهم، وتيسر اندماجهم ومشاركتهم في المجتمع، لذلك وفر مركز سند للأطفال المعوّقين بصيصاً من نور يدفع بهم من ظلمة العجز إلى الحياة الكريمة بالتعلم والتدريب، وتحسين المستويات المهارية لديهم .