مركز لتدريب الشرطة الحرة في ريف إدلب الجنوبي

إحدى المحاضرات في مركز تدريب الشرطة الحرة تصوير نسرين الأحمد

إحدى المحاضرات في مركز تدريب الشرطة الحرة تصوير نسرين الأحمد

“ستة أيام أمضيتها في الدورة، عرفتُ فيها الكثير من المعلومات المفيدة من مدربين مختصين. وكَوني كنتُ عنصراً في شرطة النظام ثمَّ انشقيت، لدي دراية ببعض المواضيع التي يتم طرحها، لكني اكتسب خبرات جديدة تلائم وضع الحرب، كطرق التخلص من القنابل العنقودية وتفكيك العبوات الناسفة وكيفية تنسيق عمل الشرطة مع فرق الدفاع المدني لانتشال الضحايا ورفع الأنقاض”. بهذه الكلمات يروي الشرطي خالد الحسين (35 عاماً) عن تجربته بمتابعة إحدى دورات مركز تدريب الشرطة الحرة  في ريف إدلب الجنوبي.

في 2 تشرين الأول/أكتوبر 2016، افتُتح أول مركز تدريب للشرطة الحرة في ريف إدلب الجنوبي، ليُخفف العبء عن المراكز الأخرى في الريف الشمالي، كما يخفف أعباء السفر عن عناصر شرطة الريف الجنوبي، الذين كانوا يقطعون مسافات طويلة للتدرب في مراكز الشمال، ويضطرون للمبيت فيها… اليوم صاروا يحضرون تدريباتهم ويعودون إلى منازلهم في اليوم نفسه.

يهدف المركز، كغيره من مراكز التدريب، إلى تطوير عمل عناصر الشرطة، وزيادة خبراتهم من أجل الوصول إلى شرطة حرة مجتمعية، ترقى بالعمل إلى المستوى المطلوب وتزيد من ثقة المواطنين بها، وتعمل مع منظمات المجتمع المدني.

وكانت أول دورة في المركز الجديد الذي تمّ افتتاحه في بلدة كفرومة في ريف إدلب الجنوبي، عن المخدرات وكيفية مكافحتها، بدءاً بالتعريف بها وبأخطارها وأنواعها وطرق المكافحة وأساليب التفتيش.

يستقبل المركز الجديد 30 متدرِّباً في كل دورة، وتُقام الدورات أسبوعياً لعناصر الشرطة الحرة القادمين من بلدات ريف إدلب الجنوبي… على أن تكون مدة كل دورة ستة أيام، ويتم تخريج المتدربين أسبوعياً مزوّدين بالشهادات.

من جهته، المقدّم أحمد درويش (41 عاماً) رئيس مكتب التدريب في قيادة الشرطة الحرة، وهو أحد المدرّبين، يتحدث لموقع حكايات سوريا، عن تدريبات الشرطة الحرة، بالقول: “يقوم فرع التدريب والتأهيل في مركز الشرطة الحرة بتدريب العناصر في قيادة شرطة إدلب بالكامل، وذلك ضمن برنامج وخطة عمل مدروسة، تتضمّن المواد والمعلومات الأساسية اللازمة، لتأهيل العنصر بما يتناسب مع عمل الشرطة المجتمعية”.

وعن التدريبات التي يُعطيها، يقول المقدم درويش أنهُ يشرح للعناصر كيفية إدارة مسرح الجريمة والتعامل معه وكيفية تطويقه، ودور المحقق وفريق التحقيق بالوصول إلى اكتشاف المجرم، وتنظيم الضبط اللازم بشكل مُحكم وقانوني وتقديم الضبط للقضاء”.

رمضان حميدو (43 عاماً) مدير مركز التدريب في بلدة كفرومة، يقول: “تتطوّر خبرات ومهارات المتدربين في مختلف مجالات العلوم البوليسية… وأبرز مواضيع التدريب، والتي بدأنا فيها في أول مركز تدريب في ريف إدلب الجنوبي لتماثل التدريبات في ريف إدلب الشمالي، هي: إدارة مسرح الجريمة ومكافحة المخدرات… مهارات التواصل، مواضيع حقوق الإنسان، الإسعافات الأولية، ومواضيع تتعلق بالخدمة اليومية التي تقدمها الشرطة الحرة لأهلنا في المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام”.

ويُضيف حميدو: “نحنُ نطوّر معارف ومهارات المتدرب، كما نعمل من خلال مواضيعنا لتعميق التواصل بين الشرطة والمجتمع، حتى نصل إلى مفهوم الشرطة المجتمعية ونحقق شعار (منكم وفي خدمتكم)”.

وعن كادر التدريب، يقول حميدو أنهُ مؤلف من نخبة من أساتذة جامعيين وأطباء وضبّاط كفوئين، لديهم خبرة كبيرة، كل بحسب مجال اختصاصه.

القاضي زياد الباشا (37 عاماً) محاضر في مركز الشرطة في موضوع حقوق الإنسان ورجال الشرطة، يتحدث لموقعنا عن أهمية هذا النوع من التدريبات، بالقول: “يعتبر تدريب الشرطة في مجال حقوق الإنسان أمراً مهماً من أجل حماية المواطن وحقوقه التي ينبغي أن تكون الشرطة على معرفة تامة بها، وهو ما افتقدته الشرطة لدينا في ظل نظام بشار الأسد… فنعمل اليوم على تعزيز العلاقة بين العناصر والمواطنين، وتعميق الطابع الإجتماعي والإنساني للعملية الأمنية والشرطية، من أجل الخروج بنتائج إيجابية في تعزيز واحترام حقوق الإنسان والعدالة الجنائية”.

لا تقتصر التدريبات على عناصر الشرطة المنشقة عن النظام، بل هناك عناصر في صفوف الشرطة الحرة، ممن جاؤوا من العمل الثوري، وليس لديهم خبرة سابقة في عمل الشرطة.

خالد الحسين (31 عاماً) أحد الثوّار المنضمّين إلى الشرطة الحرة، يقول: “انضممت إلى الشرطة الحرة منذ سنة تقريباً، واكتسب من خلال التدريبات معلومات ومهارات هامة… وأنا سعيد جداً في عملي من أجل خدمة مجتمعي”.

كما تُردم الهوّة بين العناصر المنشقين وعناصر الشرطة الجدد، كذلك تُردَم في المسافة بين ريف إدلب الشمالي وريف إدلب الجنوبي… ليكون أول مركز تدريب في الريف الجنوبي، البداية، نحو مزيد من المراكز، ومزيد من تعميق دور الشرطة الحرة في المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام… فيتدرّب العناصر بشكل مستمر، من أجل تطوير أدائهم.