مرض الجدري ينتشر بين أطفال ريف إدلب

مرض الجدري ينتشر بين طلاب المدارس في إدلب تصوير سونيا العلي

مرض الجدري ينتشر بين طلاب المدارس في إدلب تصوير سونيا العلي

"ارتفعت نسبة الإصابات بمرض الجدري في ريف إدلب نتيجة ندرة المياه، وقلّة الخدمات الطبية المقدمة للأهالي، وانتشار العدوى بين الأطفال وخاصة بين تلاميذ المدارس."

ما إن أصيب الطفل عمر الخالد (7 أعوام) بمرض الجدري حتى انتقلت العدوى إلى إخوته الأربعة. حارت الأم في أمرها حول كيفية التعامل مع هذا المرض الذي غزا منزلهم فجأة.
ارتفعت نسبة الإصابات بمرض الجدري في ريف إدلب نتيجة ندرة المياه، وقلّة الخدمات الطبية المقدمة للأهالي، وانتشار العدوى بين الأطفال وخاصة بين تلاميذ المدارس.
رئيس المجلس المحلي في قرية أم نير بريف إدلب هجيج الجاسم (46 عاماً) يقول لـ “حكايات سوريا”: “انتشر مرض الجدري في القرية على نطاق واسع، حيث سجلنا أكثر من 70 إصابة، وذلك بسبب قلة المياه وارتفاع أسعارها إضافة إلى عدم تصريف النفايات المتراكمة”.
ويضيف الجاسم: “على الرغم من انتشار المرض بين الأطفال إلّا أنه أصاب الشباب والكبار أيضاً. حيث ينتقل من طفل مصاب إلى أحد أفراد العائلة الكبار، كما أصيب به جميع الأطفال في بعض العائلات، مما دعانا للقلق من انتشاره أكثر، علماً بأننا أطلقنا نداءات استغاثة للمنظمات الطبية ولكن دون مجيب .”
لم تستطع أم عمر (34 عاماً) من قرية أم نير أن تعزل طفلها المصاب لتحمي إخوته من العدوى وعن ذلك تقول: “بيتنا عبارة عن غرفة واحدة لا نمتلك سواها، كما أننا نعاني من قلة المصادر المائية وغلاء صهاريج المياه، حيث نشتري الصهريج بحوالي 5 آلاف ليرة سورية وهو بالكاد يكفينا لمدة 10 أيام، ناهيك عن خلو القرية من المراكز الصحية مما جعلنا نزور الطبيب في القرى المجاورة” .
وتوضح أم عمر “أن الطبيب نصح أولادها بالاستحمام بماء فاتر، وارتداء ملابس قطنية خفيفة، مع ضرورة الراحة التامة وشرب كميات كبيرة من المياه والسوائل” .
طبيب الأطفال عبد القادر البكور (40 عاماً) يتحدث عن مرض الجدري قائلاً :” أنه مرض فيروسي معد وهو سهل وسريع الانتشار، إذ يعتبر من أكثر الأوبئة الفيروسية من حيث الانتشار والتفشي، ويظهر على صورة طفح جلدي يكون على هيئة بقع حمراء اللون، كما تكون هذه البقع متهيجة تسبب حكة شديدة، يبدأ ظهورها في البطن والوجه والظهر وسرعان ماتنتشر على سطح الجلد كله للمصاب، وتكون هذه البقع في البداية بثوراً أو حبوباً صغيرة شفافة اللون ومليئة بالماء لذلك سمي ( جدري الماء ) ثم تمر هذه البثور بمرحلة جفاف الماء بصورة كاملة وتتقلص إلى أن تختفي”.
ويؤكد البكور “أن المرض يشكل خطراً كبيراً على الأشخاص الذين تكون مناعتهم ضعيفة فيصبحون عرضة للإصابة بهذا المرض بسهولة. كما تكون النساء الحوامل والأطفال حديثي الولادة عرضة للمعاناة من المرض أكثر من غيرهم”.
أما عن أعراض الإصابة بالمرض فيردف الطبيب قائلاً : “يترافق ظهور البقع الحمراء في جسم المصاب مع الإصابة بالصداع وارتفاع في درجة حرارة الجسم. كما يصاب المريض بحكة شديدة في الجلد، وقد تصاب بعض الحالات بألم في الظهر وبعض المفاصل وفقدان الشهية، وقد يسبب بعض المضاعفات عند الكبار مثل السعال الشديد وضيق التنفس يصل إلى حصول التهاب في الرئتين “.
ويشير البكور إلى أن الإصابة بالمرض في مرحلة الطفولة قد تكون أقل شدة من الإصابة به عند الكبار، إذ يكون هناك خوف من حدوث المضاعفات، مما يستوجب عناية أكثر وقد يطول فترة أطول .
الطفل أمين برق (10 أعوام) من معرة النعمان أصيب بمرض الجدري الذي انتقل إليه عن طريق أحد زملائه في الصف. وعن ذلك تقول والدة أمين: “قمنا بزيارة الطبيب الذي نصحنا بضرورة عدم الاختلاط مع الآخرين والبقاء في المنزل حتى تنتهي فترة حضانة الفيروس المسبب للمرض، وقد وصف لولدي خافض للحرارة ودهوناً موضعية لتخفيف الحكة المزعجة لأنها تسبب التهاب الجلد وتؤدي لترك ندبات مكانها”.
يعمل الممرض نذير الشيخ أحمد (31 عاماً) في أحد المراكز الصحية. يتحدث أحمد لحكايات سوريا قائلاً: “على كل طفل أن يتلقى جرعتي لقاح ضد المرض، الجرعة الأولى في عمر يتراوح بين 11 و 14 شهراً، أما الثانية فتكون داعمة في عمر يتراوح بين 15 و 23 شهراً. ويمكن أيضاً للبالغين تلقي التطعيم ضد المرض غير أن التطعيم لايكون ضرورياً في حال تعرض الشخص للإصابة في الطفولة، لأن من يصاب به مرة لا تعاوده الإصابة، لأنه يكتسب مناعة فيكون محصناً ضد هذا المرض، أما في حال عودة المرض إليه (وهي حالات نادرة) فيكون بأعراض خفيفة وبسيطة .”
كما يلفت الشيخ أحمد إلى أن الكثير من الأطفال في إدلب لم يحصلوا على حقهم في اللقاح خلال سنوات الحرب، مما جعلهم عرضة للإصابة بهذا المرض. بسبب غياب المراكز الصحية في مناطقهم وعمليات النزوح وتغيير أمكان السكن باستمرار .
أبو مازن (45 عاماً) وهو مدير لإحدى مدارس ريف إدلب، يطلب من المعلمين تفقد التلاميذ باستمرار، لمعرفة المصابين بمرض الجدري ليرسلهم إلى منازلهم حتى الشفاء. خوفاً من انتقال العدوى وانتشار المرض بين بقية الأطفال.
وعن ذلك يقول أبو مازن: “لقد أثرت الحرب السورية بشكل بالغ على أطفالنا، جوعاً وخوفاً ومرضاً، لذلك اتسعت مآسيهم لتسرق طفولتهم وحقوقهم بعيش حياة كريمة. وقد لاحظت مع الكادر التدريسي وجود بعض الإصابات، لذلك نعمل جاهدين على الحد من انتشار المرض بشكل أكبر”.
الطبيب وفي نهاية حديثه لحكايات سوريا يقدم بعض النصائح لتفادي الإصابة بالمرض قائلاً: “يجب توخي الحذر لأن المرض ينتقل من خلال استعمال الأدوات الخاصة بالشخص المصاب، والاقتراب منه أثناء السعال أو العطاس أو الكلام، كما ينتقل من خلال تناول الأطعمة والمشروبات الملوثة بالفيروس، أو عند ملامسة البثور والبقع الموجودة في جسم المصاب، حتى تنتهي فترة العدوى وحضانة المرض التي تبدأ من يومين وقد تصل إلى 24 يوماً “.