مرح إرادة تتحدّى الإعاقة
مرح تحدت واقعها ونجحت تصوير رزان السيد
نهضت مرح (22 عاماً) من إصابتها وبعد خسارتها لزوجها في 2 آذار/مارس 2013، وبدأت بالعمل لإعالة طفلها الوحيد وائل (4 أعوام).
لا تنسى مرح تلك اللحظات التي كانت تجمعها مع زوجها وابنها في غرفة صغيرة. تشعر بها وبدفئها الأسري وكأنها قصر واسع. غير أن قذائف الغدر ومصدرها حاجز الحامدية القريب من قريتها كفروما لم تدعها وأسرتها البسيطة وشأنها، بل سرقت منها سعادتها، أفقدتها زوجها وتسببت لها بإعاقة دائمة بعد تعرضها لبتر جزء من قدمها اليسرى. وفقد زوجها الحياة فوراً وقبل أن يتم اسعافه للمشفى.
سلّة غذائية ومبلغ من المال كانت تحصل عليها مرح من إحدى الجمعيات الخيرية كونها زوجة شهيد. ولكن هذه المساعدة سرعان ما انقطعت بعد فترة قصيرة، فلم تجد مرح سبيلاً لتعيل نفسها وطفلها سوى أن تبحث عن عمل علّها تؤمن بعضاً مما يحتاجونه. فقررت حينها أن تتقدم بطلب وظيفة في إحدى الروضات، وأن لاتستسلم للجلوس عاجزةً في المنزل.
واجهت مرح صعوبات كبيرة أثناء بحثها عن ذلك العمل، فهي لا تحمل سوى شهادة التعليم الأساسي ولذا كان بحثها دون جدوى. وبتشجيع من والدتها وأخيها بدأت التفكير في إكمال تعليمها، وقررت تحقيق حلمها القديم والعودة إلى دراستها. وبجد وعزيمة وتحدٍ للإعاقة أستطاعت مرح تحقيق النجاح والتخرج من معهد إعداد مدرسين وبمعدل جيد.
مروان (32 عاماً) ساعد اخته مرح بالتكاليف، وكان الحافز الأكبر لها في مشوارها الصعب. فرحت مرح بنجاحها فرحاً عظيماً، ولكن فرحتها لم تكتمل بعد أن فجعت باستشهاد أخيها الذي راح ضحية القصف الذي أودى بحياته حين استهدفت الطائرات الحربية ورشة الحدادة التي كان يعمل بها وسط السوق الشعبي للقرية بتاريخ ١٧ آب/أغسطس 2018.
“أوجعني فقدانه وجعلني أشعر بانهيار وضعف، لقد كان الجانب الجميل في حياتي الذي يبعث فيّ الأمل كلما خمد بريقه داخلي ، شعرت وكأن هذه الحرب استعرت ضدي وحدي، ضد أحلامي بعد أن سرقت مني زوجي وأخي وتسببت بإصابتي وتيتم طفلي”.
مرح مسحت دموعها ورفضت الخضوع للحزن، وقررت أن تكمل مابدأت به، من أجل تحقيق ما شجعها عليه أخيها الشهيد .
بعكازبن تستند عليهما مرح لم يكن بإمكانها الحصول على وظيفة. بادرت لشراء طرف صناعي تستند عليه بعد أن باعت بعض ما تركه لها زوجها من أثاث منزل. لم يكن العضو غال الثمن نظراً لنوعيته الرديئة، وبعد التدرب عليه بعدد من جلسات المعالجة الفيزيائية لقدمها المصابة.
استطاعت مرح السير مستعينة بالطرف بخطوات واثقة مع عرجة صغيرة، ومع أول مسابقة لمديرية التربية في إدلب بادرت مرح لتقديم أوراقها وإجراء الاختبارات التحريرية والمقابلة لتنجح ويتم تعيينها ضمن الكادر التدريسي في مدرسة قريتها الابتدائية.
تمضي مرح وقتها بين الدوام اليومي وتدريس الأطفال مبادئ القراءة والكتابة والحساب، وبين الاهتمام بطفلها وائل وأمها وأخوتها الصغار في المنزل.
“أشعر بالرضا والتفاؤل بعد تحقيقي لحلمي ولذاتي، وبعد أن غدوت منتجة وقادرة على الإعالة بنفسي وبطفلي، المصاعب والحرب لن تعيقني عن متابعة طريقي الذي رسمته لنفسي ووضعت فيه كل آمالي وأحلامي”.تختم مرح رواية قصتها.