مراصد المعارضة لإنذار المدنيين والعسكريين

للمراصد دور مهم للغاية عسكرياً كما تلعب دورا محورياً في إنذار المدنيين من القصف والطيران

عمر الحسين

(كفرنبل-سوريا) “من القصير…إلى كفرنبل هل تسمعني؟ أجب”، محمد العكل (26عاما) كان ينادي مراصد منطقته جبل الزاوية، هو الذي كان مع مجموعة من مدينة كفرنبل تساند المعارضة في معركة

عندما يجتمع المراصد في جلسة واحدة وحيد في الوسط  تصوير عمر الحسين
عندما يجتمع المراصد في جلسة واحدة وحيد في الوسط تصوير عمر الحسين

القصير في مدينة حمص. فوجئ العكل برد المرصد “وحيد” من كفرنبل.

مع بداية الحراك المسلح كان لا بد من وسيلة لرصد تحركات القوات النظامية، فعمد العديد من الثوار إلى اقتناء الأجهزة اللاسلكية، وتحولوا بعد ذلك إلى “مراصد” مساندة لتحركات المعارضة المسلحة في المعارك. والمرصد باللهجة المحلية هو نسبة إلى الشخص الذي يتولى مهمات الرصد وليس موقع الرصد فقط.

وحيد الحسني (43 عاماً) والذي عرف مرصد كفرنبل باسمه يقول: “بعد عسكرة الثورة وتحويلها الى مسلحة، كان من الصعب الهجوم على حواجز النظام المقامة في مدن و قرى ريف إدلب الجنوبي، فكان لابد من وجود صلة بين القادة في غرفة عمليات الجيش الحر والنقاط الطبية، فتم إنشاء شبكة من المراصد الموثوق بها لتصل قادة المعارك مع بعضهم البعض”.

لم يكن الحسني المرصد الوحيد في ريف إدلب الجنوبي، فهناك العديد من المراصد التي تتواصل مع بعضها عن طريق ترددات خاصة، ومع كل مرصد جهاز(يونيدن) يخترق التردد الذي تستخدمه الطائرات الحربية للتواصل مع قواعدها عند شن الغارات، وعندما يرصد الطيار حركة سير داخل المدينة من ازدحام سيارات و غيرها، يقوم المرصد بتعميم الخبر على المدنيين لفض الازدحام والتزام الأقبية.

عامل المرصد عبد الرزاق سلطان (46 عاماً) يقول :”كنت مدرس لغة انكليزية، بعد قيام الثورة كان لي الشرف بالانضمام الى صفوفها، وكنت في صفوف المقاتلين على الجبهات أراقب تحركات العدو بقبضة بسيطة (جهاز لاسلكي يدوي)، ألتقط من خلالها مكالمات الجيش النظامي وأخبر المقاتلين لتفادي ضرباتهم، وفي شهر شباط/فبراير عام 2013 وبعد ازدياد وحشية النظام، كنا نحذرهم من قصف الطيران ليختبئ المدنيين في أماكن آمنة”.

ويقول سلطان: “لقد انجزنا عملاً ضخماً بعدة بسيطة، هي قبضة لاسلكية (hyt-508) تحتوي على تردد قصير، وتستخدم للتواصل بين مجموعات المعارضة المسلحة أثناء المعارك. وقبضة “weierwei-ويروي” تحتوي على تردد طويل تقوم المعارضة من خلالها باختراق الاتصالات اللاسلكية للقوات الحكومية. وجهاز “يونيدن -uniden” وهو جهاز خاص لاختراق ترددات الطيران الحربي التابع للقوات الحكومية”.

ويضيف سلطان:” من الصعوبات التي كنا نواجهها، بساطة الأجهزة الموجودة وقلة الدعم المادي، فالمراصد تعمل على دراجات نارية والسيارات الخاصة، والقليل من المراصد  يحصل على دعم بسيط من الوقود لسيارته”.

يشرح القائد الميداني في لواء فرسان الحق التابع للمعارضة المسلحة في ريف إدلب الجنوبي أحمد النهار( 38عاماً) عمل المراصد ويقول: “في ساحة المعركة، مهمة المراصد كشف تحركات الآليات الثقيلة لجيش النظام، حيث يصعب على المقاتل كشفها، ومن ثم التواصل مع غرفة العمليات وإبلاغنا بذلك، ويقوم أيضا بتسهيل عمل إسعاف المصابين في المعركة، لقدرته على التواصل مع طاقم الإسعاف والقادة الميدانيين أثناء الاقتحام”.

ويضيف النهار:” للمراصد دورهم في أرض المعركة، هم يعملون كبوصلة لتوجيه مجموعات الاقتحام التابعة للمعارضة المسلحة من خلال رصد تحركات القوات الحكومية”.

للمراصد دور مهم للغاية عسكريا كما تلعب دورا محورياً في إنذار المدنيين من القصف والطيران، حيث يقول عامل البناء رامي المحروق (30 عاماً): “عند قصف حواجز النظام للمدينة نستطيع ان نتفادى ضرباتها بسبب قيام المراصد بإنذارنا، وعند إقلاع الطائرة من المطار نعرف إلى  أين متجهة بفضل المراصد”.

من جهته يعتقد الشرطي المنشق قدور الحميدو(36 عاماً): “أن هذه المراصد تنشر أحياناً أخباراً كاذبة، حيث يحاول البعض منهم رفع معنويات المدنيين من خلال هذه الأخبار، ويعمل البعض من مؤيدي النظام ممن يحملون القبضات (الأجهزة اليدوية) على التشويش على عمل المراصد أيضاً، وهو ما يسبب القلق للمدنيين بسبب عدم سماع الخبر من أرض المعركة بشكل جيد”.

لا يغفل الحسني عن الإشارة إلى الصعوبات التي تواجهها المراصد، من خلال بث الأخبار الكاذبة ويعزو الحسني ذلك إلى دخول أشخاص على العمل بدون خبرة ما يؤثر سلبا على عمل المراصد، “عندما يسمعون خبراً كاذباً ينقلونه إلى المدنيين، مما يؤدي إلى إحباط معنويات المدنيين والمقاتلين على الجبهات”.

القائد الميداني محمود الغزول (41 عاماً) يقول:” أعمل على رشاش عيار14,5 مضاد للطيران، ويقوم المرصد بترقب حركات الطيران من إقلاع وهبوط، وتحديد مكان الأهداف التي ستضربها الطائرة، حيث يكون المرصد في مكان مرتفع يستطيع من خلاله التواصل مع الجميع”.

يبدو الفتى محمد وحيد الحسني (12 عاما) فرحاً بعمل والده في الرصد ويقول بفخر: “أحب عمل المرصد، لأنه ينقذ حياة الكثير من الأطفال، من خلال الإنذار الذي يرسله أبي للمدنيين لدخول الملاجئ، وعند القصف على المدن من حواجز النظام ومن الطائرات”.