مدرستي سر سعادتي مع بنفسج
أحرف وكلمات ضمن أنسطة بنفسج لتلوين خيام النازحين تصوير رزان السيد
شذا (11 عاماً) التي كانت تحلم بمواصلة تعليمها بعيداً عن الخوف والقصف المتواصل كما غيرها الآلاف من الطلاب السوريين في ريف إدلب. وجدت فرصة لتحقيق حلمها حيث نزحت مع عائلتها إلى مخيمات الشمال بعد الأنشطة التشجيعية التي أطلقتها منظمة بنفسج.
تقول شذا: “لقد حولوا الصف الدراسي إلى مكان للاحتفال واللعب، كان يوماً جميلاً وشدنا للدراسة أكثر فأكثر “
بدأت منظمة بنفسج أنشطتها لاستقبال العام الدراسي الجديد في مناطق إدلب وريفها وريف حلب الغربي، باحتفالات وحملات توعية وأنشطة رياضية ومساعدات تعليمية لآلاف الطلاب في المراحل الدراسية الأولى، ضمن حملة أطلقوا عليها اسم “مدرستي سر سعادتي”.
منسق برنامج الحماية بمنظمة بنفسج ابراهيم السرميني (36 عاماً) يقول: “تعد حملات العودة إلى المدارس هي إحدى إستراتيجياتنا الرئيسية، وهذه الحملات هي عبارة عن جهود مكثفة للتوعية تهدف لتعبئة المؤسسات المدنية والمجتمعات المحلية والجهات المانحة والمنظمات الشريكة”.
ويؤكد السرميني “أن حملات العودة إلى المدارس هي بمثابة فرص لتعبئة الموارد وإدخال ابتكارات لتحسين نوعية البيئة التعليمية على المدى الطويل”.
ويلفت السرميني إلى “أن الأنشطة الرياضية أو الترفيهية أو التعليمية أو الثقافية التي تقيمها بنفسج في المخيمات تندرج تحت إسم نشاطات الدعم التفسي الاجتماعي. وتسعى المنظمة من خلال هذه النشاطات لهدف قيّم، نحن لا نلاعب الأطفال بهدف التسلية واللعب فحسب، بل إن جميع الأنشطة سواءً كانت المسارح، خيال الظل أو مسرح الدمى أو الماراثونات الرياضية وغيرها، الهدف منها التعليم والفائدة للطفل”.
ويعطي السرميني مثالاً على ذلك نشاط بنفسج في أحد المخيمات، كانت تنظيف الخيام وكتابة أحرف اللغة العربية عليها، كل خيمة كتبوا عليها أحد الحروف وعمدوا لتلوينه وكتابة كلمة تحتوي هذا الحرف كحرف الألف، أرنب.
والهدف من ذلك بحسب السرميني “أن يتحول المخيم إلى مساحات دائمة للتعلم، وخاصة وأن الأطفال في بعض المخيمات منقطعين عن التعليم في المدارس بشكل كامل. وأبسط ما نقدمه لهؤلاء الأطفال هو أن يتذكروا الأحرف والأرقام. حولنا الخيام من شكلها الذي يدعو للحزن في قلوب الأطفال وتذكرهم بمعاناة النزوح إلى أشياء جميلة تعطيهم جانب من التعلم والأمل”.
أنشطة متعددة تندرج تحت مسمّى “مدرستي سر سعادتي” التي تبنتها بنفسج ومنها استقبال الأطفال في باحة المدرسة وتنفيذ نشاط الرسم بالباحة، توزيع الأطفال على الصفوف، بناء جسور التواصل بين المعلمين والأطفال بأنشطة داخل الصف، وضع قوانين صفية وتشكيل مجلس طلابي وتعيين مسؤول له ونائبه.
كما تتضمن الأنشطة تزيين الصفوف والمدرسة، تزيين الكتب وتوزيعها على الأطفال، توزيع القرطاسية وتقديم الحلوى للأطفال، دعوة أولياء الأمور للمدرسة وتشكيل مجلس أولياء أمور وتوزيع بروشور لأهمية المدرسة والخدمات التي تقدمها المدارس.
تعشق الطفلة لمار القطيني (12 عاماً) الرسم وإذ تبدي سعادتها بنشاط الرسم الذي أقامته المنظمة داخل باحة مدرستها تقول: “كان يوماً مفعماً بالفرح، حصلنا على دفاتر رسم وألوان رائعة. رسمنا الكثير من الأشكال والقصص التي تدور في مخيلتنا، كانت الأجواء حماسية، وضجت الباحة بالضحك والألوان”.
كما وتضمنت أنشطة بنفسج التعليمية تجهيز سيارة متنقلة وتنفيذ أنشطة حماية من خلالها مع فريق مختص. إضافة لوجود مكتبة مع السيارة وفريق متابعة لتوفير فرص للأطفال من أجل القراءة وإجراء اختبار آيسر للأطفال الذين لا يستطيعون القراءة.
مازال في جعبة بنفسج العديد من الأنشطة الإضافية التي رافقت حملة “مدرستي سر سعادتي” ومن تلك الأنشطة كانت الأنشطة الرياضية المتنوعة، التي أقامتها بنفسج في الأراضي الزراعية واستهدفت من خلالها الأطفال النازحين في المخيمات العشوائية وفي العراء.
وتضمنت الأنشطة الرياضية مسابقات الركض والقفز على الحواجز وشد الحبل وركوب الخيل. وذلك في محاولة للترفيه عن أطفال المخيمات وإخراجهم من واقع النزوح والألم الذي يعيشونه بعيدا عن بيوتهم ومناطقهم ومدارسهم.
لايستطيع الطفل عمران العوض (13 عاماً) أن يخفي مقدار سعادته بتلك النشاطات ويقول: “آخر ما توقعته هنا أن أعيش لحظات ممتعة ومسلية في هذه المخيمات، معظم أوقاتنا الاعتيادية نقضيها بحزن وملل غير أن الأنشطة الرياضية أخرجتنا ولو قليلاً من واقعنا المؤلم، شاركت بماراثون الركض وكنت من الفائزين فيه”.
يتمنى عمران أن يرى مثل تلك النشاطات الرياضية بشكل مستمر كونها تساعده في التأقلم مع المكان الذي نزح إليه مع عائلته وفق تعبيره.
تتركز أنشطة بنفسج في كل من إدلب المدينة، ملس، بسليا، مخيم عائدون، مخيم قادمون، حربنوش، مصبين، تفتناز، ريف المهندسين والأتارب. والمستفيدين من النشاطات هم الأطفال في سن الدراسة، المجتمع المحلي، أولياء الأمور بين نازحين ومقيمين.
في الوقت الذي يعاني فيه قطاع التعليم في مناطق إدلب وريف حلب من تحديات كبيرة تمثلت بقصف المدارس والنزوح، والتسرب المدرسي، وتحول معظم المدارس إلى مراكز إيواء، يضاف إلى كل ذلك انقطاع الدعم عن هذا القطاع الهام، تحاول بنفسج أن تعيد الأمل للأطفال بالتعليم من جديد من خلال أنشطتها المتنوعة التي زرعت في قلوبهم البسمة والبهجة والعلم.