مجلسا حلب ومحافظتها خاليان من التمثيل النسائي

لينا الحكيم*

ملاحظة: قام فريق التحرير بتغيير أسماء المتحدثين حفاظاً على سلامتهم الشخصية لكونهم يتنقلون بين المناطق التي تسيطر عليها المعارضة وتلك التي يسيطر عليها النظام.

يتطلب تولي الحكومة السورية الانتقالية مهامها وانتقالها إلى الأراضي السورية التي يسيطر عليها “الجيش الحر” عملاً على المستوى المحلي، يهدف إلى سد الثغرة التي نتجت عن زوال الهيئات الحكومية التابعة للنظام. فهذه المحافظة التي أنهكها القتال الدائر منذ شهر آب/أغسطس الماضي، تعد من أكثر المناطق السورية حاجةً إلى الخدمات الأساسية.

رئيس الائتلاف الوطني المعارض المستقيل معاذ الخطيب يلقي كلمة أثناء انعقاد الانتخابات - يوتيوب
رئيس الائتلاف الوطني المعارض المستقيل معاذ الخطيب يلقي كلمة أثناء انعقاد الانتخابات – يوتيوب

في شهر آذار/مارس، نظم “الائتلاف الوطني” المعارض في مدينة غازي عنتاب التركية انتخابات لاختيار أعضاء مجلسي مدينة حلب ومحافظتها، على أن يتولى هذان المجلسان خلال الأشهر الستة المقبلة توفير الخدمات الأساسية، مثل الكهرباء والتنظيف، بالإضافة إلى التنسيق مع “الائتلاف الوطني” والحكومة الانتقالية العتيدة. ونشرت عدة مقاطع مصورة على موقع يوتيوب تظهر فريقاً تابعاً لمجلس مدينة حلب يقوم بتنظيف الشوارع في حي المرجة الذي تسيطر عليه المعارضة، مما يشير إلى بدء المجلس عمله على الأرض.

إلا أن العملية الانتخابية التي وصفها رئيس “الائتلاف الوطني” معاذ الخطيب، الذي استقال مؤخراً، بـأنها تاريخية، لم تكن نتائجها مرضية للجميع، فقد برزت شكاوى من هيمنة مرشحين من أقسام معينة من ريف حلب على مقاعد مجلس المحافظة، وممارسة ضغوط من قبل جهات مسلحة للتأثير على نتائج الانتخابات، بالإضافة إلى ضعف تمثيل الأقليات العرقية والدينية.

النساء كنّ أيضاً ممن اعتبروا أنفسهم متضررين، إذ لم يحتلّين أي مقعد في مجلس المدينة أو مجلس المحافظة.

في حين غابت المرشحات عن اللوائح التي تتنافس على ملء مقاعد مجلس المدينة، سعاد وهي ناشطة مدنية وخريجة من جامعة حلب كانت واحدة من سيدتين خاضتا الانتخابات، ولم تتمكنا من الوصول إلى مجلس المحافظة.

ترجع سعاد سبب غياب التمثيل النسائي في المجلسين المنتخبين إلى فشل النساء في تنظيم صفوفهنّ، مع أنها لا تنفي وجود جهد هدف إلى تغييبهن.

“لا يمكن إخفاء أننا كناشطات أخطأنا لأننا لم نشكل تنظيماً نسوياً نستند عليه لإعلاء كلمتنا، فحقنا لن يعطيه لنا أحد إن لم نسعَ لأجله،” تقول سعاد. “هناك تحالفات قامت لإقصائنا؛ هذا صحيح، ولكنها لعبة سياسية بالنهاية و”الشاطر” هو الذي يصنع تحالفاً أقوى. على الرغم من هذا عليّ الإعتراف بأنها كانت من أنزه الانتخابات التي شهدتها.”

مريم، وهي إحدى الناشطات اللواتي كن متواجدات أثناء العملية الانتخابية، تتهم لجان التنسيق المحلية في حلب وريفها بإقصاء النساء من الهيئة العامة، التي كان لأعضائها الحق في الترشح والانتخاب.

“التنسيقيات لم ترَ ضرورة في ترشيح الثائرات لحضور المؤتمر… واكتفت بترشيح الرجال،” تقول مريم. “(تنسيقية) جامعة حلب طُلِب منها ترشيح شابين وفتاة لكنها…رفضت ترشيح فتاة واكتفت بترشيح طالبين وحسب.”

في رد على هذا الاتهام، قال سليم، أحد أعضاء تنسيقية الجامعة، أن التنسيقية لم تعمد إلى إقصاء الناشطات الإناث، ولكن ما حدث هو أن الناشطات العضوات في التنسيقية رفضن الترشّح لأنهن مقيمات في المناطق “المحتلة”، أي التي تسيطر عليها قوات النظام، وكان لزاماً ذكر الاسم الصريح لأي مرشح.

هادي، وهو أحد أعضاء تنسيقية مدينة الباب في ريف حلب، وهي الجهة الوحيدة من تنسيقيات الريف التي ردت على أسئلة موقع “دماسكوس بيورو”، دافع عن موقف تنسيقيته بعدم ترشيح أي امرأة.

“إننا الآن نخوض حرباً وسيكون من الصعب على المرأة التحرك للقيام بمهامها وتكون فاعلة،” يقول هادي.

بينما يسيطر “الجيش الحر” على معظم أنحاء ريف حلب، تتواصل الاشتباكات في المناطق الغربية من الريف، التي تحاذي المدينة ولا تزال تحت سيطرة القوات النظامية. أما في المدينة نفسها، فلا زال النظام يسيطر على الأحياء الغربية، بينما يسيطر “الجيش الحر” على الأحياء الشرقية وهي المناطق الفقيرة من المدينة. ويتقاسم فريقا النزاع السيطرة على منطقتي صلاح الدين وسيف الدولة جنوبي حلب. وتشهد المدينة القديمة مواجهات مباشرة، بينما يتبادل الجيشين “الحر” والنظامي القصف المدفعي ويستعمل النظام الطائرات الحربية لقصف المناطق التي خسرها.

يؤيد كمال، أحد المرشحين الذكور الذين فشلوا في انتخابات مجلس المدينة الفكرة القائلة إن الخطر الأمني يمنع المرأة من القيام بالمهام المطلوبة، مضيفاً أن “لا مصلحة للمرأة أساساً بالتواجد في المجالس المحلية لأنها غير مهيّأة للّعبة السياسية المعروفة  بـعدم نظافتها،” على حد تعبير المرشح.

سالم، وهو مرشح نجح في انتخابات مجلس المدينة، يقول أيضاً إن “لامكان للنساء في مجلس خدمي، فالمرأة لن تستطيع القيام بالأعمال الواجب القيام بها،” مشدداً في الوقت نفسه على أن استبعاد النساء لا ينطوي على “أي عنصرية تجاهها.”

لا تبدو سعاد، المرشحة التي قررت خوض الانتخابات، متأثرة كثيراً بغياب التمثيل النسائي عن مجلسي مدينة حلب ومحافظتها، فهي تعد العدة لمنح النساء دوراً أكبر بعد ستة أشهر، عندما تنتهي مدة عمل المجلسين الحاليين.

“الآن كثائرات علينا العمل من أجل الدورة القادمة،” تقول سعاد.

*لينا الحكيم هو اسم مستعار لصحافية تعيش داخل سوريا