مايا والدّجال

رجل كبير في السن من سكان المرج نازح لمدينة زملكا

رجل كبير في السن من سكان المرج نازح لمدينة زملكا

"طلب 15 ألف ليرة سورية ليخلصني من الكوابيس التي أعيش فيها. وقال لي أنني أخطأت في شيء ما فاستدعيت الجان بدل الملك."

ذهبت إلى بيت خالتي حنان وحيدة. طرقت بابها، سمعتها تسأل من الطارق؟ أجبتها: أنا مايا. فتحت خالتي الباب والابتسامة تعلو وجهها، رحبت وأدخلتني إلى غرفة الجلوس.
لاحظت خالتي حالة القلق التي كانت ظاهرة على وجهي. سألتني: ما بك مايا؟ ما الذي تخفينه وتترددين بإخباري عنه؟
أجبت: أجل خالتي، جئت أخبرك بأمر لا أستطيع أن أخبر به أحداً غيرك.
خالتي بصراحة من فترة سنة تعرفت على شاب، ابن خال صديقتي رفيدة.
توقفت قليلاً لألتقط أنفاسيـ وأعاين رد فعل خالتي التي بادرتني بالسؤال: وماذا بعد؟
أجبتها: خالتي سأحكي لك كل الحكاية. نشأ بيننا إعجاب ثم حب. هو يريد أن يخطبني وأمه تريد أن تخطب له ابنة خالته. كنت أتصفح الفايسبوك، حين وجدت صفحة للرقية الشرعية. فتحت الصفحة وسألت نفسي لمَ لا ألجأ إلى شيخ يساعدني في الحصول على عبد الله!
رأيت الدهشة على وجه خالتي وهي تسمع الحديث عن الرقية والشيخ، إنها أعمال سحر وشعوذة. كنت أعلم ذلك ولكنني مغرمة. قاطعت خالتي سهوي تحثني على مواصلة الكلام.
تواصلت مع شيخ صاحب الصفحة، وسألني ما الذي أريده. وسألني عن إسمي واسم أمي. حصل على إسمينا وقال أنه سيحسب لي ويخبرني بعد فترة. وأن علي أن أنتظر.
ولم تكد تمر ساعة حتى أرسل لي ليخبرني أنني أعاني من تنميل بالأطراف، وحالة سرحان طوال النهار، حب للنوم، قلق، خوف، عصبية، ثم سألني أليس هذا هو الذي يحصل معي؟
أحسست بصدمة حقيقية، فهذا كل ما يحصل معي يا خالتي، فقلت له نعم يحصل معي هذا.
فقال سأساعدك. الآن عليك اختيار إسم من أسماء الله الحسنى. قلت في نفسي هذا شيء عادي، هو طلب اسم من أسماء الله الحسنى، سأكمل معه طالما أنه يساعدني بجعل عبد الله يتمسك بي. واخترت اسم الهادي. فقال لي إن كل اسم من أسماء الله الحسنى له ملك يخدمه، وأعطاني الطريقة لجعل الملك الموكل بخدمة هذا الاسم يساعدني بكل ما أريده”.
قاطعتني خالتي حنان مستغربة: ملك أم جان؟!!!
أخبرتها أنه أبلغني أنه ملك. وقال لي أن أتوضأ وأصلّي ركعتين وأردد اسم الهادي 21 مرّة، وأدعو بدعاء أعطاني إياه، ثم أكرر الاسم 21 مرة، وهكذا حتى يصبح التكرار 21. وقبل ذلك أعطر المنزل لأن الملائكة تحب رائحة العطر.
وقال لي أنني بعد فترة من تكرار هذه الطقوس سأبدأ برؤية علامات تدل على أن الملك بدأ بخدمتي. سأراه بداية في المنام، ثم أراه حقيقة، وينفذ لي ما أطلبه منه. نفذت ما قاله لي من تعليمات، بعد ذلك أصبحت أرى أشياء لا يراها أحد غيري.
أصبحت أخاف من النوم. ولا أستطيع الأكل أنا خائفة خالتي، أنا خائفة كثيراً، لا أدري ماذا أفعل!
كتبت للشيخ عن حالتي، لن تصدقي ما قاله لي. طلب 15 ألف ليرة سورية ليخلصني من الكوابيس التي أعيش فيها. وقال لي أنني أخطأت في شيء ما فاستدعيت الجان بدل الملك. هذه هي قصتي يا خالتي”.
سألتني خالتي غير مصدقة: هل حقاً ترين أشياء لا نراها؟!!! مايا أهلك لم يتركوا شيئا إلا فعلوه من أجلك صور أشعة وتحاليل ومراجعات الأطباء، وعندما يئسوا لجأوا إلى الشيوخ لقراءة القرآن عليكِ. كل هذا وأنتِ لا تبوحين بقصتك؟!
أخبرتني خالتي أنها ستقوم بنفس الطقوس التي قمت بها. خالتي تمتلك شخصية قوية وهي تؤمن أن الجان لا يستطيع أن يؤذي الإنسا.، ثم أخبرتني أنها نفذت الطقوس وهي الآن ترى الملك. وأقنعتني أنها تعيش معي الأجواء نفسها، وعندما أرى شيئا أخاف منه أخبرها به فتقول لي هذا أمر عادي، أنا أرى ذلك لكنني لم أخف لأن هذا ملك.
واستمرت معي على تلك الحال حتى أخبرتها أني مثلها لا أخاف، وأن عافيتي عادت إليّ وذهبت كل الأعراض التي كنت أعاني منها وأصبحت أعيش حياتي بشكل طبيعي.
مضى 5 أشهر، بعدها تقدم عبد الله لخطبتي. وافق أهلي عليه وتمت حفلة الخطوبة.
جاءت خالتي حنان لزيارتنا بعد فترة، جلسنا سوياً نتحدث، بادرت خالتي بالكلام قائلة: مايا تعالي إلى جانبي، حبيبتي إحساسك أمر عادي، نحن في حرب، نقلق، نخاف. ألّا تنامي هذا أمر عادي، فأنت خائفة أن تفقدي عبد الله، خائفة أن يخطب ابنة خالته.
سألتها إن كانت فعلاً نفذت الطقوس وعاشت التجربة. أجابتني: أنا لم أرَ شيئا، اما امرأة مؤمنة لا يمكن أن أنخدع بهذه الخزعبلات ولكن كنت أساعدك لتشعري أن هذا ملكاً وليس جان.
وأضافت ضاحكة: هل يبقى عندي عقل لو رأيت جنياً؟! مايا أنتِ كنت تعانين وهماً، هو أشعرك بذلك ليأخذ المال. فليكن إيمانك أقوى بحيث لا يحتال عليك أحد، وها هو عبدالله أصبح خطيبك من دون سحر وسحرة.
سألتنا والدتي: ما الذي تتحدثان فيه، مضى ساعتان؟
أجابتها الخالة حنان: لا شيء أختي، كنت أقول لمايا أني أرى شخصاً يقف بجانب الباب، وسألتها إن كانت تراه؟
قلت لأمي: كأنه يوجد شخص يقف هناك.
أصابت الدهشة والحيرة والخشية والدتي وقالت: أنا لا أرى أحداً. قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق…
علا الحسين (34 عاماً) أم لطفلتين، مطلقة تعمل كمدربة في مجال الدعم والإرشاد النفسي في مدينة سراقب.