ماركت مجاني لذوي الاحتياجات الخاصة في سوريا

خلال افتتاح الماركت بحضور أعضاء المجلس المحلي لمدينة قباسين

يبدو باسل العمر (35 عاماً) مسروراً بفكرة افتتاح “ماركت قباسين الإجتماعي” وهو مركز مخصص لذوي الاحتياجات الخاصة، حيث يحصلون على ما يحتاجون إليه من مواد غذائية وإغاثية، بعيداً عن التوزيع التقليدي الذي كان يفرض عليهم أشياء محددة.

في تجربة هي الأولى من نوعها وبحضور مدير مؤسسة آفاد التركية وعدة منظمات عاملة في المنطقة وممثلين عن المجالس المحلية والهيئات المدنية، افتتح المجلس المحلي لمدينة قباسينفي ريف حلب الشرقي مركزاً اجتماعياً لتقديم الدعم الإغاثي المجاني لعوائل الأيتام وذوي الإحتياجات الخاصة وبشكل شهري.يحمل المركز اسم ”ماركت قباسين الإجتماعي”.

العمر وهو رب عائلة تعرّض لبتر إحدى خلال غارة استهدفت المدينة أواخر العام 2016، يقول العمر: “منذ تعرضت للإصابة وأنا بلا عمل، أعتمد على ما أحصل عليه من مساعدات إغاثية من قبل المنظمات، تشابهت تلك المساعدات لدرجة المملل، غير أن هذا المشروع كان مختلفاً”.

ويضيف العمر: “من الجيد أن يختار المرء ما يحتاجه من أشياء من خلال هذا المشروع، وهو ما يحقق بالفعل الإكتفاء الإغاثي للمستفيد. كونه يحصل على ما هو بحاجته ويستغني عن الأشياء الثانوية. أما مشاريع التوزيع الإغاثي التقليدية فكانت تنحصر بوجود مجموعة محددة من المواد الغذائية والإغاثية للمستفيد”.

ويلفت العمر إلى أن التوزيع التقليدي كان يدفع بقسم كبير من المستفيدين إلى بيع سلالهم الإغاثية وبمبالغ زهيدة بغية إحضار ما هم بحاجته فعلاً.”

أحمد الأحمد (29 عاماً) نائب مدير المجلس المحلي لمدينة قباسين يقول: قدم الماركت منذ تاريخ افتتاحه  وحتى اليوم وفي إطار الدفعة الأولى المساعدات لـ 1200عائلة، والآن يتم العمل على توزيع الدفعة الثانية وقد بلغ عدد المستفيدين منها حتى اللحظة 800 عائلة.”

“المشروع يستهدف الأرامل وذوي الإحتياجات الخاصة، وفق بطاقات توزع على كل عائلة مستفيدة وهي يضم معلومات عن المستفيدين بما يخص عدد أفراد العائلة وتاريخ الإستلام وتاريخ كل دفعة”. بحسب مايوضح الأحمد.

وعن المنظمات الداعمة للمشروع يجيب الأحمد بتسمية بعضها ومنها “منظمة آفاد، هيئة الإغاثة الإنسانية وحقوق الإنسان،الهلال الأحمر التركي، ومنظمة عدالة“. غير أنه يضيف آسفاً “لكن ما نحصل عليه لا يعتبر كافياً، وهو دعم قليل ومتقطع وغير ثابت وغير متوازن، مع الأعداد الكبيرة للمحتاجين في المنطقة”.

ويتابع الأحمد: “يواجه الماركت مؤخراً نقصاً في الدعم المقدم بالمواد الأساسية، مثل السكر والزيت والسمن والعدس والحمص، ونحن بدورنا نسعى للتواصل مع عدة منظمات لإعادة سير المشروع بالشكل الأمثل”.

التوزيع يشمل مناطق عدة ومنها منطقة قباسين والقرى التابعة لها وهي عبارة عن 27 منطقة بين قرية ومزرعة ومخيمات بلغ عدد خيمها 3700 خيمة، قبل أن يأتي مهجرين إضافيين من ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي بعد الهجمة العسكرية الشرسة الأخيرة على مناطقهم.

ويصف الأحمد الوضع الحالي بالمأساوي ويلفت إلى أن أكثر من  80 بالمئة من النازحين باتوا تحت خط الفقر وأن المخيمات المتواجدة هي بمعظمها عشوائية وغير منظمة وغير مدعومة من أي منظمة.

سناء الحمودي (40 عاماً) أرملة نازحة من ريف حماة الشمالي، تصف المشروع بأنه أحد المشاريع الإيجابية والجديدة في مناطق الشمال السوري، من خلال الآلية التي يعتمدها بالسماح للعائلات لزيارة الماركت واختيار المواد التي يحتاجونها، وقد لبّى الماركت حاجتها من المواد الغذائية وبشكل مجاني، وتدعو لاستمرار المشروع وتوسيعه.

الطفل قصي العابد (10 أعوام) وهو من ذوي الإحتياجات الخاصة وأحد المصابين بمتلازمة داون يعتبر أن الماركت يلبّي حاجته من الحلويات والغذائيات التي يحبها والتي اختارها بنفسه حين زيارة الماركت مع والدته. وببراءة يقول: “سأقصد الماركت كل شهر لإحضار أشيائي المحببة والخاصة”.

المرشدة الإجتماعية غيداء الخطيب (27 عاماً) تشدد علىأهمية متابعة عمل مثل هذه المشاريع وضرورة دعمها، فهي سلوك حضاري في التواصل مع الآخرين وخاصة وسط الظروف الحالكة التي يمرون بها. إضافة لأوضاعهم الصعبة ومرضهم، فمثل تلك المشاريع من شأنها أن تسد حاجتهم وترفع من معاناتهم.

وأشارت الخطيب إلى “أن الماركت الإجتماعي يعتبر أحد صور التكافل الاجتماعي، الذي من شأنه التقليل من مآسي الأشخاص المحتاجين للمساعدة. وخاصة أنه يشعرهم بأهميتهم ووقوف الآخرين بجانبهم ويفسح المجال أمامهم للاختيار بحرية ما يحتاجون إليه بدلاً من فرض أشياء محددة عليهم.”

رغم كل الظروف ورغم قلة الدعم يحاول المجلس المحلي في بلدة قباسين العمل على استمرار مشروع الماركت الإجتماعي، من خلال استقطاب الدعم الذي فقد مؤخراً، مما بات يهدد بإغلاق المشروع الذي يعتبر من المشاريع الناجحة في التعامل مع المستفيدين والذي ساهم بتغطية احتياجات أكثر العوائل فقراً وتضرراً من حرب لم ترحم بشراً أو حجراً.