قانون الأحزاب في سوريا من وجهة نظر كردية
مع بدء الاحتجاجات في سورية ومطالب تغيير مواد في الدستور السوري والمزيد من الحريات والانتخابات الديمقراطية والتعددية الحزبية، بدأ الرئيس بشار الأسد جملة من الإصلاحات منها إصدار قانون الأحزاب. وصدر القانون الجديد حسب التصريحات الرسمية لإتاحة الفرصة للتعددية السياسية وتعزيز الحراك السياسي ومبدأ الديمقراطية الشعبية وفتح مجالات أوسع لكافة شرائح المجتمع للتعبير عن رغباتها وتطلعاتها بما يسهم في تحقيق المصلحة العامة للوطن والمواطن.
إلا أن ما جاء في بعض نصوص هذا القانون خيب الآمال لدى القوميات والأقليات التي تعيش في سورية ومنها القومية الكردية التي يقدر عددها ب 3 مليون نسمة. وتتمركز مناطق استقرارهم في المناطق الشمالية والشمالية الشرقية من الجزيرة السورية، وفي مناطق محيطة بحلب وفي المدن الكبيرة. وتتركز أهم مطالب الاكراد في سورية بالإعتراف الدستوري بالقومية الكردية كثاني قومية في البلاد، وضرورة الحصول على الحقوق الثقافية والتعليم والمشاركة في بناء المجتمع السوري. قانون الأحزاب الجديد وجّه ضربة لكل أمل بالحرية وخاصة البند الذي ينص على الإلتزام بالدستور الذي ينص بدوره على أن حزب البعث هو قائد الدولة والمجتمع.
ينتقد مصطفى إسماعيل المحامي والناشط الحقوقي الكردي كيفية وضع القانون ويقول: “كان لافتاً أن السلطة السورية لم تشرك المنظمات الحقوقية في صياغة قانون الأحزاب وكذلك قيادات حزبية سورية من الوسط المعارض.” قرأ إسماعيل نص القانون بدقة ولاحظ أنه يمنع فعلياً الأحزاب من الظهور وفي حال ظهورها هنالك العديد من المواد التي تضع العصي في عجلاتها، حسب قوله. فأحد الشروط يمنع تأسيس الأحزاب على أسس دينية أو قبلية أو مناطقية أو فئوية أو مهنية أو عرقية، مما يعني حسب رأي إسماعيل خطوة للحيلولة دونَ ظهور أحزاب وتنظيمات كردية تحمل طابعها القومي. ويرى الناشط السياسي أن قانون الأحزاب يجب أن يطور الحريات الديمقراطية في البلاد، إلا أن مسودة مشروع قانون الأحزاب الحالية لا تتناسب مع متطلبات الحياة الحزبية السليمة.
أما الجانب السلبي الآخرحسب رأي مصطفى إسماعيل فهو إعطاء صلاحيات واسعة للجنة شؤون الأحزاب. فهي حسب هذا المشروع لا تنحصر مسؤوليتها في مسألة البت بطلبات تأسيس الأحزاب، بل كما يتضح من مواد المشروع لها صلاحية في متابعة نشاط الأحزاب والطلب بمعاقبتها وحلها: “هذا الشيء حسب قناعتنا العميقة يجب أن يكون حصراً من مهام الجهاز القضائي، كما أنه من غير المسموح لغالبية المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي مجرد التفكير بتأسيس حزب سياسيي أو حتى المشاركة في تأسيسه.”
المحامي محمود خلو ينتقد بدوره القانون الجديد ويقول بأنه لا يشبه مبادئ قانون الأحزاب في أي دولة أخرى لأن أهم المبادئ الأساسية التي تقوم عليها قوانين الأحزاب في العالم والتي تريد الإصلاح والديمقراطية هو مبدأ التداول السلمي للسلطة واحترام هذا المبدأ. ويوجه خلو الأنظار إلى لجنة شؤون الأحزاب التي تبت بطلبات تأسيس الأحزاب وهي حسب القانون تكون برئاسة وزير الداخلية. “أن ترك بند تأسيس الأحزاب بيد وزير الداخلية انتهاك خطير للديمقراطية وانتكاسة لها لان هذه الوزارة في النهاية لا تتمتع بالاستقلالية.”
الناشط الحقوقي جوان إبراهيم يقول: “القانون لا يلبي الحريات السياسية المطلوبة التي خرج من أجلها الملايين من أبناء الشعب السوري بمختلف مكوناتهم، وهو قانون يجعل من الأحزاب السياسية، سواء الموجودة أو التي ستنشأ في ظله، مجرد أحزاب تابعة لحزب البعث الذي يقود المجتمع والدولة.”
من الواضح أن هذا القانون جاء بهدف امتصاص غضب الشارع السوري. ولكنه لم يغير شيئاً من الواقع السياسي المفروض على السوريين. ويجب القول أن المشروع في صيغته الحالية لا يتلاءم مع متطلبات المرحلة الحالية في البلاد وآفاق تطورها الديمقراطي.
المشكلة أيضا أنه لم يعد للشعب ثقة بقرارات وقوانين النظام. فخلال الأشهر الخمسة الأخيرة صدرت الكثير من القرارات، ولكن الأوضاع سارت من سيئ إلى أسوأ. ولذلك يعتبر الكثير من الأكراد بأن صدور هذا القانون أيضا لن يغير شيئاً، خاصة في ظل استمرار الدستور الحالي.