في يومي الأول للثورة
سمر جيفارا
10/2/2015
ثورة بدأت حين كنت في السنة الثالثة من دراستي الجامعية, بدأت في درعا الصمود في 18 آذار/مارس 2011 . هناك من يقول بدأت في حوران الأبية ي 15 آذار/مارس 2011 . ربما لم يكن المهم اين ومتى كانت البداية، المهم انها بدأت لتلغي نظاما عاث فسادا وحرق أرضا دون ان يضرم بها النار.
عند بداية أحداث الثورة كنت أتطلع إلى ما يجري وأتساءل: أي الإعلاميين هو المضلل؟ وحين بلغت الشتات قررت التواصل مع من هم بأرض الحدث، فهؤلاء هم كانوا وما زالوا أصدق من يروي لنا القضية…
كان أخي ما يزال حينها املازما في جيش النظام، يقضي خدمته العسكرية. كنت أعرف أن تحركاتي ستحمل وقعاً سلبياً على حياته، وربما تهددها إن تطور الأمر قبل أن يتم عملية انشقاقه. لكن لم استطع أن أكون شيطاناً اخرساً.
بدأنا بالسلمية، إنضممت إلى مجموعة من الشبّان والشابات لمساندة أهلنا النازحين من حمص الأبية الى حلب التي كانت ما تزال راقدة حينها. رغم نيتي الصادقة أن أكون أختاً لهم لم يستطع فضولي الّا يستغلّ وجودنا بصحبتهم لمعرفة تفاصيل ما جرى ويجري في حمص. من يوم اجتماع الساحة عند الساعة إلى أن استبد بهم عدو الله ليقهر وجودهم في منازلهم ويرغمهم على تركها.
تزامن ذلك مع الشرارة الاولى لجامعة حلب، وهنا بدأت ثورتي الحركية في مواجهة الألم. وبسبب اعتقال شبان جامعيين بتهمة التظاهر، أعلنّاها سلمية وفي اعتصام كليتي في الهندسة المعمارية بتاريخ 4 نيسان/أبريل 2012 .
لأول مرة تجسّدت وحشية النظام بالصوت والصورة وبالرصاص الحي. لا عن طريق شاشة التلفاز أو عبر صفحة انترنت ما فتئنا نعتقد أن أصحابها يضللون الحقيقة.
لا أزال أذكر كلمات أصدقائي ومنسقي الاعتصام “نريده اعتصاماً صامتاً، إياكم أن يرّد أحدكم بكلمة مهما استفزه جند النظام وشبيحته”.
ارتفعت مطالبنا على لافتات كتب عليها
“الحرية للمعتقلين”
“الحرية للكلمة ”
“اعتصام صامت”
حملت اللافتات اللون الاسود لتعلن عن غضبنا
الأحمر دالين أنّ دمنا فداء لمن اعتقل
والأخضر لنثبت لهم اننا ماضون في إنماء بلدنا وأنّ ثورتنا ثورة نهضة وعطاء وليست ذلّ ورخاء.
لحظات فقط وكانت سيارات الجيش تقف أمام باب الكلية، يترجل منها حملة السلاح والعصي المكهربة.
الآن وبينما تلامس أصابعي حروف الماضي أعود بالكلمات التي أطلقها مجيّشهم لنا:
“ليش متجمعين يا أوباش؟؟”
لم يرد احد
“ولا ك…..عم أسألكم ليش متجمعين”.
أشار أحدنا إلى اللافتة المكتوبة “اعتصام صامت”.
كان واضحا أنه لا يجيد القراءة فاستّفز وأمر عناصره بتفرقة المتظاهرين ولو بضربهم.
حينها انهالت عصيهم ضرباً، وقد تلقى الضربات من تقدّموا الصفوف. لحظات وتفرّق بعدها قرابة الـ 500 شاب لا يقل مؤهل احدهم العلمي عن سنة ثانية جامعة. تفرّقوا وأسلحة نحو30 شابا تكفّلت الشوارع بتربيتهم.
وكان أن تحصنت الفتيات داخل الكلية، فقام أحد العناصر الامنية بإلقاء 3 قنابل غازية مسيلة للدموع داخل البهو الكلية.
انتهى اليوم الأول من حياتي الثورية الفعلية. انتهى باعتقال قوى النظام المسلّحة لشباب عزّل حملوا كلمتهم على لافتات أبت إلا ان تتكلم بصمت صاحبها، حاملها وكاتبها، وبصمت المعتقلين الذين حملوها لتندد بسجنهم بتهمة الصمود، بتهمة الثورة بتهمة الحرية.