في تركيا بحثاً عن أمل وعمل
دكان لبيع الفطائر في زملكا
"واستقروا في مدينة الريحانية على الحدود السورية التركية. هناك استأجروا منزلاً. ودفعوا مبلغاً كبيراً لأن صاحب المنزل رفض أن يؤجّر المنزل دون أن يقوموا بدفع أجر 6 أشهر. "
عندما تزوجت من ابن عمها لم يرضَ أهله عن زواجهما. كان ميسور الحال يملك معملاً للرخام ويملك حصة في معمل آخر مع إخوته .أنجبت منه طفلين، أسمت الأول ليث والثاني تيم…
كانت تعيش مع زوجها وأمها وولديها في المنزل. كان ذلك مع بداية اندلاع الحرب. كانت المنطقة ما تزال آمنة، لكنها لم تكن بمأمن من حملات المداهمات والاعتقالات…
كان زوجها يدعم الثوار بالنقود. لكن ليس بشكل مباشر بل عن طريق شخص آخر. بسبب الخوف من الاعتقال. لانه بسبب طبيعة عمله كان يضطر للذهاب إلى أماكن النظام كثيراً، كي يحضر مواد وأدوات لازمة للمعمل.
لم يدم الحال والأمان كثيراً، حيث برز يلوح خطر دخول داعش إلى المنطقة. وكان الرعب موجودا في نفوس الجميع الصغار والكبار والنساء والرجال. وفعلاً في فجر أحد الأيام بدأ صوت الرصاص يعلو، والرعب يخيم، عرفنا أنهم دخلوا. التزم الجميع منازلهم ولم يجرؤ أحد على الخروج. وبدأوا بحملات المداهمات للبيوت واعتقال من يسمونهم “مطلوبين”.
الاعتقالات أعقبتها الإعدامات الميدانية وقطع رؤوس الشباب في الشوارع .ولسوء حظ زوجها في ذلك الوقت قاموا باعتقاله أثناء مغادرته المعمل باتجاه المنزل. كانوا قد طلبوا منه مبلغاً من المال، ورفض بحجة أنه لا يملك النقود التي يطلبونها فاحتجزوه.
بقي عندهم ما يقارب الشهر، ولشدة أنواع التعذيب التي عاناها لديهم والضرب، خرج ويده اليسرى شبه مشلولة. لا يستطيع تحريكها أبدا ولا تساعده في عمل. بقي مع عائلته بضعة أيام ثم خرجوا باتجاه منطقة أخرى هرباً وخلسةً. تركوا خلفهم بيتهم وذكرياتهم وأموالهم وخرجوا بأنفسهم…
خرجوا باتجاه مدينة الطبقة في محافظة الرقة. أقاموا فيها عدة أيام. لم تكن الأوضاع تسمح بالبقاء أكثر. قرروا مباشرة أن يعبروا إلى تركيا . في تلك الفترة كانت الحدود مغلقة ولايوجد طريق للدخول إلى تركيا إلّا عن طريق التهريب، وعن طريق الجبال. وبعد عدة محاولات نجحوا بالدخول إلى تركيا بدفع مبلغ ليس بقليل من المال.
واستقروا في مدينة الريحانية على الحدود السورية التركية. هناك استأجروا منزلاً. ودفعوا مبلغاً كبيراً لأن صاحب المنزل رفض أن يؤجّر المنزل دون أن يقوموا بدفع أجر 6 أشهر. ولأنهم كانوا مضطرين دفعوا له ما طلب.
لكن بعد انقضاء الشهر الأول قام الرجل بإخراجهم من المنزل دون سبب. وقام بالتهجم عليهم هو وابنه حيث قاما بإخراجهم من المنزل دون أن يعيدا لهم مادفعوه من نقود. فاضطروا للذهاب إلى منزل أحد أقاربهم حيث أقاموا بضعة أيام…
وبدأوا بالبحث عن منزل يأويهم. الزوج لم يكن قد شفي بالكامل. وكانت يده ما تزال تؤلمه وهو يعاني من آثار التعذيب. وبعد عدة أيام من البحث تم العثور أخيراً على منزل. هذه المرة كانت صاحبة المنزل إنسانة طيبة. وقامت بمساعدتهم وإعطائهم بعض الأغراض والأغطية.
مكثوا في المنزل لفترة وفي صباح أحد الأيام، سكب طفلها الماء على الارض أثناء لعبه دون أن يراه أو ينتبه له أحد. وكان بالقرب من الماء الذي أنسكب شريط كهرباء على الأرض، هو شريط المروحة الأرضية التي كانوا يستخدمونها بسبب حرارة الجو. يومها دخل الزوج على عجل ودون أن ينتبه ودعس على الشريط بقدمه فصعقته الكهرباء مباشرة مما أدى إلى شلل قدمه اليسرى.
أصبح لا يستطيع تحريك يده أو قدمه مما زاد وضعهم سوءاً أكثر فأكثر. وأصبح وضع الزوج يتطلب تدخل الطب بشكل عاجل. حيث أن الصعقة لم توثر على يده وقدمه فحسب، بل أثرت على أعصاب وجهه. أصبح لسانه ثقيلاً وكلامه غير مفهوم.
جالوا على الأطباء والمشافي على أمل أن يتعافى، وحالهم من سيء إلى اسوأ. لم يعد لديهم المال ولايملكون أي عمل، وبدأت الشهور تمضي وإيجار المنزل يتراكم، ولا يدرون من أين سيدفعون أو من أين سيعيشون. لكن ولله الحمد كانت صاحبة المنزل تصبر عليهم لأنها تعلم بحالهم.
بعدها والحمدلله جاءت جمعية خيرية وقامت بدفع جزء من إيجار المنزل المتراكم. الجمعية أخذت الزوج للعلاج الفيزيائي. لكن العلاج لم يستمر حيث أن المركز أغلق أبوابه بعد فترة، وبدأت هي بالبحث عن عمل لتعتاش منه مع عائلتها. وما يزال وضع زوجها على حاله دون تحسن، وها هم الآن يشقون طريقهم بمفردهم معلقين آمالهم على الغد الأفضل. وماتزال حياتهم تمضي دون جديد وولداهما يكبران.
حلا عبدالله (25 عاماً) متزوجة وأم لولدين نازحة في تركيا وتبحث عن عمل