فقد ساقه وأصبح الأول في سباق الكرسي المتحرك

حمزة خلال إحدى السباقات التي فاز بها

ما كاد حمزة بركات يخرج من المدرسة حتى استهدفت طائرة حربية مدينة أورم غرب حلب بسلسلة غارات رمت خلالها عدداً من الصواريخ التي تسببت بسقوط العديد من الضحايا كان معظمهم من الأطفال.

لم يهرب حمزة، وكان يومها في الـ 11 من عمره، بل ركض مسرعا لمساعدة المصابين وإسعافهم إلّا أنه وقع ضحية للغارات المتجددة التي استهدفت المكان نفسه كما جرت العادة بهدف إلحاق أكبر قدر من الخسائر بالأرواح.

أصيب حمزة، وتم اسعافه من قبل أهله، وبعدها تم نقله إلى تركيا بسبب خطورة وضع ساقه. عندما استيقظ  حمزة  لم يجد ساقه. صرخ باكياً: “أمي أبي أين قدمي”. لم يكن بجانبه سوى والده الذي احتضنه محاولاً التخفيف عنه. أغمي على حمزة من شدة الصدمة. طفل صغير أمامه مسيرة طويلة وشاقة بساق وحيدة.

عاد حمزة مع أبيه إلى مدينته بعد تلقيه العلاج اللازم في تركيا، وأصبح الخوف يلاحقه عند سماع صوت أي طائرة أو قذيفة أو صاروخ. لم يعد يستطيع إكمال تعليمه بسبب الخوف الذي أصابه.بقي في المنزل مع أهله رغم محاولات والديه أن يعيدانه إلى المدرسة لكن الخوف تغلب عليه ومنعه من ذلك.

بعد فترة من الزمن استطاع حمزة أن يخرج من منزله. ساعده والده على افتتاح سوبر ماركت صغيرة ليساعده في مصروف المنزل. بات تدريجيا يتأقلم مع حياته الجديدة.

محمود اليوسف خال حمزة وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة، أسس مع عدد من أصدقائه من ذوي الاحتياجات الخاصة مركزاً لهم في مدينة أورم غربي حلب. نجح محمود في أن يقنع حمزة بالانضمام للمركز وبأن يتحول إلى عنصر فاعل يتشارك مع الشباب والحزن والفرح كما الألم والمعاناة والإصرار على الحياة.

أصبح حمزة ينظم وقته بين محله والمركز. عاد حمزة إلى نشاطه وحيويته لكنه بقي دون مدرسة. وهو يتمنى أن يكمل تعليمه ويعود للمدرسة.يحاول خاله محمود عن طريق المركز أن يدربه ويعلمه ويساعده على بناء نفسه.

أقيم في الشمال السوري العديد من المسابقات لذوي الاحتياجات الخاصة. استطاع حمزة ان يحل بالمرتبة الأولى دائماً بسباق الكراسي المتحركة، بين جميع أصدقائه والمصابين مثله.حصول حمزة على المرتبة الأولى بالمسابقات أعطاه دفعاً قوياً نحو التدريب والمثابرة. وأصبح من المميزين في المركز وبالتدريب.

حمزة يحب الكمبيوتر ويحب التعلم عليه، لكنه لم يجد من يسانده ويعلمه. والمركز يفتقد لتلك المقومات والأدوات لتعليم حمزة ما يحبه. صديق حمزة وليد أيضا من ذوي الاحتياجات الخاصة يقف دائما مع حمزة ويساندان بعضهم البعض.

عندما يكون “حمزة” مكتئباً يلتف أصدقائه في المركز حوله يخففون عنه. وإن غاب عنهم حمزة يتفقدونه في منزله ويزورنه فهم يتشاركون الألم والفرح معاً في هذه الحياة.

 بسام وهو شاب متخصص بمجال الدعم النفسي والاجتماعي يقول:” ترك حمزة التعليم سينعكس على مستقبله سلباً. العمل الذي يقوم به حمزة ليعيل اسرته سببه الفقر وسوء وضع أسرته. والأموال بيد الطفل تغير نفسيته وتبعده أكثر عن التعليم”.

ويشدد بسام على وجوب “أن يعتمد الشخص من ذوي الاحتياجات الخاصة على التعليم والمثابرة بالعلم، لأنه سيكون سلاحه القوي في تخطي صعوبات المستقبل. لقد قمنا بجولات توعوية وتثقيفية على جميع منازل أهالي ذوي الاحتياجات الخاصة. وقدمنا لهم توعية عامة حول عمالة الطفل وخطرها على المجتمع.”

لم يستطع المجلس المحلي للبلدة تقديم أي شيء لعمالة الأطفال وتحديداً ذوي الاحتياجات الخاصة. لكن مركز أورم  الذي أسسه محمد اليوسف خال حمزة مع عدد من أصدقائه، تطوع فيه عدد من المدرسين والمختصين النفسيين ساعدوا حمزة وأصدقائه على تخطي الكثير من الصعاب التي يمرون بها.

رغم ضعف امكانياته إلا أن مركز أورم يقوم بواجبه حيال جميع ذوي الاحتياجات الخاصة. واستطاع تشكيل فريق كرة القدم وفريق كرة السلة. ويتدرب اللاعبون بشكل مستمر لللخروج من جو الحرب والإصابة إلى جو المرح والسرور. فالحياة لا تقف على فقدان يد أو رجل بل تستمر باستخدام الأمل والعمل.

يمارس حمزة حياته بشكل طبيعي يتعلم ما يقدمه المركز له. ويتدرب على السباق ولعب كرة القدم ويمرح مع أصدقائه. وهو لا يزال يعمل في محله. ويتمنى أن يجد من يساعده ويساعد أصدقائه في التعلم ويفضل التعلم على الكمبيوتر.