فريق ملهم التطوعي جهود جبارة وأعباء كبيرة

قررت شيماء أن تتبرع بثمن طعام أطفالها لأهل مضايا المحاصرين، وكلها أمل أن تستطيع بهذا المبلغ أن تسد رمق مريض أو تنفذ حياة طفل يموت جوعا. كان ذلك يوم الخميس في 7 كانون الثاني/يناير 2016.  شيماء (30 عاماً) من مدينة كفرنبل، واحدة من عشرات النساء اللواتي قصدن أحد مكاتب فريق ملهم التطوعي للتبرع لأهل مضايا المحاصرين منذ أكثر من ستة أشهر من قبل قوات نظام الأسد وأعوانه.

تقول شيماء “ما إن سمعت عن وجود هذا المكتب في كفرنبل حتى بادرت مع أكثر من أربعين 40 إمرأة من نساء كفرنبل إلى هناك، تحمل كل واحدة منا مبلغاً من المال لتقدمه لأهلنا المحاصرين”. تضيف شيماء متأثرة “أنا أستطيع في هذا اليوم أن أحضر شيئا من الحاجيات أو الطعام، فذلك لن يتسب في موتي أو موت أطفالي لأننا سنتدبر أمورنا هو يوم وسيمضي، ولكن ماذا عن أهلنا المحاصرين منذ شهور، ولايجدون ما يعينهم في إسكات أصوات بطونهم الجائعة سوى بعض الأعشاب وأوراق الشجر؟”  تأسف شيماء لما يحدث لأهل سوريا، وكأن القصف اليومي لم يكفهم ليحاربوا بلقمة عيشهم أيضا.

تشيد شيماء بمساعي فريق ملهم التطوعي الذي يعمل ليلاً ونهاراً على جمع التبرعات للمناطق المحاصرة دون كلل أو ملل، والذي أتاح للكثيرين فرصة المساهمة بمساعدة المحاصرين.

ساما طيفور (25عاما ) مديرة قسم العلاقات العامة في فريق ملهم التطوعي تقول “الفريق هو مجموعة من شباب سوريين متواجدين في أكثر من دولة، يعملون منذ بداية عام 2012 على جمع التبرعات،. عملهم تطوعي دون أي أجور أو رواتب”. وتنوه طيفور أن عدد هؤلاء المتطوعين هو 80، ويوجد لهذا الفريق مكاتب متعددة، المكتب الرئيسي في الأردن وهناك مكاتب أخرى في لبنان وفي الداخل السوري المحرر، ومؤخرا حصل فريق ملهم التطوعي على ترخيص منظمة في تركيا”.

يختص فريق ملهم التطوعي عدا عن جمع التبرعات للمناطق السورية المحاصرة بتقديم حملات مساعدات شتوية سنوياً، بالإضافة لحملات شهر رمضان والعيد والطوارئ، وذلك لدعم المشافي الميدانية في الحالات المستعجلة.  وذلك بفضل وجود متطوعين ضمن فريق ملهم في أغلب المناطق السورية، وخارجها. أمّا التبرعات وبحسب الطيفور فهي من أفراد من كل أنحاء العالم،  وهناك تعاون بين فريق ملهم التطوعي وفرق تطوعية أخرى ومنظمات دولية.

إحدى المتبرعات التي قصدت مكتب كفرنبل تدعى أم عبدو (37 عاما) تقول “بارك الله بجهود فريق ملهم التطوعي، فهو قد أتاح لنا أن نساهم بمساعدة غيرنا، والوقوف مع بعضنا في هذه الأوقات العصيبة، فلولا وجود هذا الفريق أنى لنا أن نتبرع، وأن لنا أن نشعر بهذه الراحة النفسية كوننا أسهمنا ولو بشكل بسيط في رفع بعض المعاناة عن أهلنا المعذبين في مضايا”. وتعتبر أم عبدو أن وجود الفريق أتاح لها ولغيرها المشاركة في رفع الظلم عن أهل مضايا وخفف الشعور بالتقصير بدل الإكتفاء بمشاهدة ما يحدث على شاشات التلفزة.

من الوقفة التضامنية للتنديد بحصار مضايا وغيرها من المناطق السورية تصوير هاديا المنصور

يعمل فريق ملهم التطوعي على حملة مضايا منذ ستة أشهر، وقد استطاع إدخال دفعة إليها وهو بصدد إرسال دفعته الثانية، أما بالنسبة لكيفية إدخال هذه الدفعات رغم الحصار،  فيقول المسؤول عن مكتب الفريق في كفرنبل عبدالله السلوم (26 عاما) “إن لفريق ملهم وسائله الخاصة لإدخال المساعدات والتبرعات إلى مضايا وغيرها من المناطق المحاصرة، هذه الوسائل لايمكن الإفصاح عنها لكي لا يتمكن النظام من معرفة سبل إدخال هذه المساعدات”.

لم يقتصر نشاط فريق ملهم على تأمين التبرعات لمضايا، وإنما عمل سابقا على تأمين تبرعات للزبداني وحمص والقصير والمناطق الشمالية السورية ومخيمات النازحين السوريين في الداخل السوري والدول المجاورة. وقد شملت المساعدات المساعدات المادية من مواد غذائية، لباس وخيام.، وحتى الدعم المالي.

بلغ عدد حملات تبرعات فريق ملهم منذ تأسيسه أكثر من 11 حملة لمناطق عدة، ومن هذه الحملات حملة مضايا وحملة ((خيرك دفا تسعة )) وهي تتضمن مواد تدفئة وأغطية ومدافئ وهي خاصة بفصل الشتاء للمخيمات السورية.

“ملهم  هو شاب سوري مغترب في السعودية، اتجه إلى سوريا عند بداية الثورة وعمل متطوعاً لمساعدة إخوته السوريين في إدلب وحمص ودرعا. استشهد وهو في طريقه إلى اللاذقية في عام 2012″، يقول السلوم ويتابع “قام رفاق الشاب بإنشاء فريق ملهم التطوعي نسبة إليه، وعلى هذا الأساس انطلقت الحملة وتوسعت في سبيل متابعة الطريق الذي بدأه ملهم.”

“نيرون مات وروما لم تمت بعينيها تقاتل…. وحبوب سنبلة تجف ستملأ الوادي سنابل” و “بالتجويع والحصار لن تفنوا شعبا… فالشعب باق وأنتم زائلون”، كانت هذه الكلمات مع غيرها من العبارات التي كتبت على لافتات خلال الوقفة التضامنية للتنديد بحصار مضايا وغيرها من المناطق السورية،  التي دعت إليها نساء كفرنبل ومعرة النعمان وجبالا واحسم ومعرة حرمة يوم الأربعاء في 20 كانون الثاني/يناير 2016، وكانت مظاهرة حاشدة.

هذه المظاهرات لفتت الانتباه إلى فريق ملهم، وهو صلة الوصل بين مئات المتضامنين والمتبرعين وبين أهالي المناطق المحاصرة. وتعرّض فريق ملهم لحملة شنتها ضده بعض المواقع متهمة بعض أفراده باستغلال حاجات الناس وأموال المتبرعين لغايات خاصة. وهو ما رد عليه القيمون على الفريق واصفين الاتهامات بأنها مغرضة. داعين إلى مراجعة صفحة الجمعية على الفايسبوك، حيث يتم توثيق الحملات والتبرعات والمدفوعات، وفق المناطق والمشاريع. ولدى سؤال بعض المتبرعين عن رأيهم تلاقت أغلب اجاباتهم على اعتبار ان بعض الاتهامات غايتها فقط التشكيك بعمل الآخرين، وأكبر مثال على ذلك الاتهامات التي طاولت مركز مزايا والمكاتب الثورية وراديو فرش وغيرها. لافتين إلى ما تقوم به هذه المراكز من خدمات للثورة وللمواطن السوري في المناطق المحررة.

نزح أبو عمر (42 عاما) من معرة النعمان إلى كفرنبل، بفعل الحرب، إلّا أن ظروفه لم تمنعه عن التوجه للتبرع لمضايا، وهو يبدي إعجابه بمساعي وجهود حملة ملهم، ويقول “لقد أثبت الفريق منذ تأسيسه مسؤوليته ومصداقيته في تحمّل الأعباء التي وقعت على كاهله، فهو عمل ويعمل بكل الوسائل على جمع التبرعات من معظم المناطق والدول وإيصالها لمحتاجيها بكل أمانة وصدق”. ويلفت أبو عمر إلى أن سمعة الفريق التي سبقته هي التي دفعته للتبرع وكله ثقة بأن تبرعاته ستصل إلى حيث يريدها أن تصل”بعون من الله”.

“هم شبان سوريون تبنوا قضية المحتاجين والجائعين في سوريا، وعملوا بكل طاقتهم في سبيل هذه القضية. لايبغون من وراء ذلك جزاء ولا شكورا، وجود مثل هؤلاء يدفعنا للتفاؤل بأن الثورة السورية مستمرة ومنتصرة لامحالة”.  بهذه الكلمات ختم أبو عمر حديثه.

بإمكانكم قراءة هذا المقال باللغة الإنكليزية على الرابط التالي