عجز الأمهات أمام ألم الأبناء
أستاذ سوري يجلس مع الأطفال على العشب أثناء أعطائه درس في الرسم بأحد روضات الأطفال في مدينة درعا جنوب سوريا.
" أخذناه إلى المشفى الخاص حيث قالوا لنا أن تكلفة العملية 1500 دولار أميركي. ولا يوجد معنا منها ولا ليرة."
مضت 3 ليال ونحن في المشفى ننتظر دورنا لإجراء اللعملية. أتى الطبيب ونظر إلى فخذ ابني وقال لي ربما اليوم قد نستطيع إجراء العملية. والحمدالله أتى دورنا وأخذوا طفلي الساعة الثامنة مساءً. كنت لوحدي ﻹن زوجي ترك المشفى وتوجه إلى البيت ليطمئن على ابني الثاني.
ساعتان في غرفة العمليات وانا منهارة من كثرة البكاء والخوف. اتصل زوجي وسألني عن الحال فأخبرته. كنا نقيم في منطقة بعيدة عن المشفى، ولا يستطيع المجئ إلّا في الصباح. أخرجوا محمد من غرفة العمليات وأخبرني الطبيب أن عمليته ناجحة والحمد لله.
ولكن محمد لن يستطيع المشي لمدة 3 أشهر. شكرت ربي وحمدته. وجدته في الغرفة وكان مخدرا من البنج. وعندما صحي بدأ بالبكاء لرؤية ساقه المجبرة من الفخد لأسفل القدم. وانا محتارة في أمري كيف اسكته.
وفي الصباح فحصه الطبيب وقال بأنه يمكننا إخراجه من المشفى. اتصلت بزوجي فقال لي أنه في طريقه إلينا. وعند وصولنا للبيت كانت الكهرباء مقطوعة واضطررنا للصعود على السلالم. وكان زوجي يعاني من آلام في الظهر، توجع كثيراً.
كان ابني الآخر ينتظرنا عند باب الشقة هو وأختي، ضممته وقبلته. كانت عائلتي بانتظارنا وتمنوا لمحمد الشفاء. وكان قد بدأ بالصراخ والبكاء من الألم. وفي كل ليلة كنت أعجز عن مساعدته. ولا اعرف ماذا أفعل له.
أمضى عدة ليال وهو يبكي. اتصلنا بالطبيب واخبرناه، فقال لنا بأن نحضره للمشفى. وفي المشفى فتح له طاقات تهويه لفخذه، لانه من كثرة الحر تحسس جسمه. عدنا للبيت وأمضى شهراً على هذا الحال من البكاء الدائم بسبب الوجع ومن التحسس تحت الجبيرة.
أخذناه إلى المشفى للمراجعة فقال الطبيب وضعه جيد لكن لن يستطيع إجراء عملية له الآن لإخراج السياخ بسبب مواعيد العمليات لمدة شهر. وقال لنا إذا لم يصبر يمكنكم أخذه لمشفى خاص.
أخذناه إلى المشفى الخاص حيث قالوا لنا أن تكلفة العملية 1500 دولار أميركي. ولا يوجد معنا منها ولا ليرة. قرر أخي أن يساعدنا مع مجموعة من أقربائي والحمدلله مشي الحال. وأخذناه للمشفى وأجرينا له العملية وأخرجنا السياخ. وقال لنا الطبيب لن يمكنه المشي اﻵن، يجب أن يخضع لمعالجة فيزيائية.
وجدنا مركزاً تابعاً لمنظمة خيرية، تلقى ابني التدريب لمدة شهر. وكان زوجي يعمل وكنت أصطحب ابني ذهابا وإياباً، لوحدي. وفي بعض الاوقات يساعدني ابن عمي، لانه كان يعمل في نفس المنطقة.
لم أكن عاجزة أمام أمر مثل عجزي أمام ابني وخوفي على قدمه. والحمدلله شفي ولكن مشيته لا زالت يشوبها بعض العرج. وكلما رأيته يمشي بجانب أخيه أبكي عليه.
وبعدها عادت إليه نوبات الربو. كنا نذهب به من مشفى لآخر إلى أن وجدنا مشفى رخيصاً بعض الشيء. كانوا يتقاضون منّا على كل جلسة 60 دولاراً اميركياً، إلى أن أتت جدتي لزيارتنا ورأته على هذه الحالة. فقالت لي أن اولاد عمتي عانوا نفس الحالة وأن عمتي احضرت لهم جهازاً من الصيدلية.