عادة السوريين في حياتهم.. النكتة وسيلتهم الوحيدة للصبر…

“بين العصر والمغرب مرقت لمّة دبابات، مرقت لمّة دبابات، ماعرفنا سلفية ولا مندسة، كأنها جاية من إمارة، كأنها جاية من إمارة”.

بهذه العبارة يستقبلك أهالي حمص، بعد أن عامت شوارعها بالدبابات، فالسائل عن أي منزل يفاجأ بالجواب الذي يتلقاه مع إشارة من اليد “هناك، بعد الدبابة الثالثة على اليمين تجد شارعاً فرعياً، تدخله فتجد دبابة، واقفة امام مدخل بناية، موجهة سبطانتها إلى الأرض، دعها واذهب نحو الدبابة الواقفة خلفها، تجد المنزل”.

لم يرفع المطالبون بالحرية، أي سلاح، في حمص أو بانياس أو درعا، وإنما رفعوا مطالبهم التي نادت بالكثير من الحرية، بطرق سلمية بحتة، لكن النظام واجههم بوابل من الرصاص يرافقه دخول الدبابات إلى المدن الثائرة على الوضع الاقتصادي المتهالك أولاً، وعلى الوضع السياسي المتردي ثانياً.

دخلت مدرعات النظام السوري المدن السورية، واحدة تلو الأحرى، لتواجه بمئات من النكات ـ الأسلحة التي يملكها السكان، والتي عبرت عن سخطهم وحنقهم من عدم تفهم النظام السوري بطيفه الواحد، أن هذه الجموع محقة. وترافق ذلك مع برنامج يحضر عدداً من المسلسلات التي ستعرض قريباً. كما ذكرت صفحات التواصل الاجتماعي بأن أحدث المسلسلات لهذا العام هي (أكشن: متخبي عالكوع وعم يشم مسيل دموع) و(دراما: في بيتنا مندس)، و(للكبار فقط: دبابة في سريري)، و(البيئة الشامية: دبابة الحارة)، وعن (الحب والغرام: القذيفة الحمراء)، ولـ (تراجيديا:يوميات دبابة مندسة)…

ولم تهمل النكات نصيب الأطفال مما يحدث حولهم، فذكرت أن هناك مسلسلين مهمين هما (السلفي الطائر) و(شبيح في مهب الريح)…

لم يستطع الرصاص المنهمرعلى سكان حمص ان ينسيهم أنهم أهل نكتة، أو أن يبعد عنهم روح المرح الذي يتميزون به، فنشأت، مع بداية الأحداث، وعلى صفحات التواصل الاجتماعي “الفيس بوك”، صفحة خاصة كمغسل ومشحم لتصليح الدبابات، وتنهمر عليها مئات التعليقات التي تسخر من الوضع الذي يعيشه الأهالي، في ظلّ عشرات الدبابات النائمة على الطرقات.

تمتلئ الصفحة بالكثير من التعليقات الساخرة التي تؤكد اصرار أهالي حمص على ما عزموا عليه. فعلى الرغم من قلة معرفة الناس بالدبابات وعدم إطلاع الكثيرين على ما تفعله أو طريقة صنعها، إلا أن الأفكار التي خرج بها الشباب في حمص تدل على أن المشارك في  هذه الصفحة لابد أن يكون ممن خدم في الجيش سابقاً ويملك من الخبرة، الكثير.

وفيما وضع أحد الشباب إعلاناً ذكر فيه أن وزارة النقل عازمة على منح إجازات لقيادة الدبابات لأصحاب النظر الضعيف وللعميان، لا سيما وأن حوادث الدبابات بالنسبة للمبصرين كثيرة في هذه الأيام، كذلك، تعلن إمارة حمص السلفية، وبالتعاون مع مغسل ومشحم حمص الدولي للدبابات، عن تنظيم دورة فنية للمهارات القيادية بعنوان (ياغافل الك الله) لتعليم فنون قيادة الدبابات وصيانتها، باشراف المدرب العالمي المميز (أبو نظير ربي يسر)، علماً أن الأماكن محدودة، فسارعوا بالحجز، كما طالبت الإناث بمدربات نساء تحقيقاً لحقوق المساواة مع الرجال.

وتفتح الصفحة آفاقها على كافة المدن التي داهمها الجيش السوري، فيعلن البعض ان محافظة درعا جاهزة لأرسال العدد المناسب من الدبابات لأي محافظة في حال  طلب منها، خاصة وانها تفيض بالكثير منها، ليعلق أحد المتفائلين على الوضع في درعا بمثل “دبابة في حوران أفضل من دبابة بالجولان، فكل نص ساعة إلها زبون”، فيما يعلق أخر “دبابة جنب البيت أفضل من قناص فوق البيت”.

ولاتكتفي التعليقات بهذا الأمر، بل تتعدى ذلك للكلام على امتلاك  الكثير من الشباب لعدد من الدبابات، إذ ينادي أحدهم  وعبر شبكات التواصل الاجتماعي لمن اوقف دبابته في وجه دبابته  صفاً ثانياً أن يخرجها لأنه تأخر عن العمل.

قد تكون الخاتمة مع بعض الأمثلة التي طرحها المندسون في سورية في الآونة الأخيرة كشعارات لابد من السير على هداها: (الدبابة بتدب مطرح مابتحب)، (شبيح مفترس أمامك خير من قناص غادر)، (دباباتنا يتوارثها المندسون)، (إن لم تملك دبابة دهستك الدبابات)…

ولابد في النهاية، من ذكرالمشهد الذي قام أهالي حمص بتصويره على أنه مواجهة مسلحة  للجيش السوري، والذي عبر من خلاله شباب حمص عن رفضهم، بواسطة بعض الألعاب النارية، والأدوات المنزلية. هذه هي الأسلحة التي يذكرها الإعلام السوري وبسببها يقوم الجيش بمداهمة المناطق المحتجة.