طمعه قاده الى حتفه

نساء مع أطفالهم اثناء زيارة الأقارب- تصوير معهد صحافة الحرب والسلام

نساء مع أطفالهم اثناء زيارة الأقارب- تصوير معهد صحافة الحرب والسلام

"تغيرت أوضاع أيمن بعد الثورة. كان يشتري السلاح من أنصار النظام، ويبيعه للثوار بسعر مرتفع جداً."

نهلة المصطفى

كان ابن عمي أيمن يعمل بتهريب الاسلحه والذخيرة. تلك الليلة جاء لرؤية زوجي. طلب منه منه البندقية لآخر مرة وقال له انه يريد الذهاب الى عمله مع شباب من القرية، واعداً بأنه سيشتري بندقية. زوجي لم يمانع أبداً.

تغيرت أوضاع أيمن بعد الثورة. كان يشتري السلاح من أنصار النظام، ويبيعه للثوار بسعر مرتفع جداً.

أذكرأنني ذهبت معه لرؤية زوجته في منزلهما القريب من منزلنا. سألت زوجته تلك الليلة: “لماذا تسمحين له بالذهاب للقاء هولاء الاشخاص ألا تخافين عليه؟” أجابتني: “كنا نعيش بالفقر والآن لاينقصني شيء”. كانت تتفاخر بملابسها والحلي الذي كان بيديها. قدمت لنا كل ما لذّ وطاب اثناء سهرتنا عندها.

بعد ايام سمعت انها فتحت محلاً للالبسه النسائية. كنت أذهب لاشتري من عندها. ولكن الأسعار غالية. فأعود الى المنزل ويداي فارغتين.
عرض أيمن على زوجي أن يعمل معه ليلاً. أبلغني زوجي رياض بعرض أيمن. كان يفكر جديا بالعرض بسبب وضعنا المادي الصعب. وكيف أن دوره سيكون تأمين الطريق فقط. لكنني رفضت لخطورة هذا اعمل وبسبب خوفي من فقدان زوجي. وبقي رياض يتمنى لو قبل العمل لربما كان سيشتري سيارة مثل أيمن وقطعة أرض ويصبح ثريا أيضاً.

كانت كل القرية تتحدث عن أحوال ايمن وثروته، “أصبح فوق الريح” كما يقولون.

وفي ليلة من ليالي شهر تموز/يوليو من العام 2013، ذهب أيمن كعادته إلى الجبل الغربي

لكي يقوم بعمله بتهريب الذخيرة. لكنه ذهب وحده هذه المرة. قاد دراجته النارية ومعه

مبلغ 10 آلاف دولار أميركي. مبلغ ليس بقليل في تلك الايام.

سمعنا ليلتها صوت إطلاق نار كثيف من الجهة الغربية للقرية. لم نعلم ماذا يحصل. ظن أهل القرية ان شبيحه الجبل ينون اقتحام قريتنا ليلاً. خاف كل أهل القريه مما حدث.

وفيما كنا قلقين جاءت زوجة أيمن إلى بيتنا مسرعة وهي تبكي وأخبرتنا أنه ذهب وحده ومعه مبلغ كبير من المال. صدم زوجي وذهب هو وعدد من أفراج عائلة أيمن ورجال القرية ليروا من بعيد ما يحدث. عرفنا لاحقاً ان في الأمر خدعة. لقد نصبوا له فخاً.

حاولنا الاتصال بأيمن لكن الهاتف ظل يرن من دون جواب. كرر زوجي المحاولة وكانت المفاجاءة أن من على الطرف الآخر من الاتصال قال أنه قتل ايمن واستولى على ماله ودراجته النارية. أحد إخوة أيمن اخذ الهاتف وقال للرجل: “خذ كل شيء. سأبيع سيارته وأرضه وكل ما يملك واعطيك اياه. أرجع لنا اخي”.

اجابه القاتل بصوت جاف: “المبلغ الذي كان معه يفي بالغرض”. أهل أيمن لم يصدقوا، وظلوا يترجون إعادة أخيهم.

لم يصدقوا خبر مقتله حتى بعث لهم القاتل صورته والدماء تغطيه.

ذهبت إلى زوجته لأعزيها، كانت تقول: “فليأخذوا كل شيء ويعيدوا لي ايمن”. لكن فات الاون مات ايمن ولن يعود ولو دفعوا ثقله ذهباً. كانت تضرب نفسها وتقول ليتني لم اسمح له بالذهاب.

مات أيمن جراء بسبب حبه للمال. خسر نفسه وبقيت زوجته واطفاله دون اب يرعاهم. طمعه قاده الى حتفه.

نهله المصطفى (22 عاماً) متزوجة وأم لثلاثة ابناء. ربة منزل من ريف حماه الغربي نازحة في بلدة معرة حرمه.