طفلي هو عرسي الحقيقي
A nurse in a hospital in rural Idlib examines an infant. Photo: IWPR
متاعب كثيرة كنا قد تعرضنا لها حتى وصلنا إلى تركيا. استقرينا أنا وأهلي في منزلٍ صغير بالقرب من أحد أقاربنا، كان قد نزح مع عائلته قبلنا إلى هناك. وبعد فترة من الزمن بدأتُ البحث عن عمل… ووجدتُ وظيفة في أحد معامل الكرتون.
صرتُ أقضي معظم وقتي في عملي، في محاولةً لمساعدة عائلتي في إيجار المنزل ومصاريفه، عدا عن أننا كنا نحتاج لكثيرٍ من المستلزمات… والحمد لله استطعت أن أؤمّن قسماً كبيراً منها.
في أحد الأيام وبعد عودتي من وظيفتي متعبة، أمسكتُ بهاتفي كي أشاهد صور منزلنا في سوريا، والذي أحلم دوماً بالعودة إليه… قطع تصفحي للصور اتصال من إحدى نساء بلدة حاس، وكانت قد استقبلتنا في منزلها لفترة، بعدما نزحنا من بلدتنا.
أثناء الحديث، سألتني إن كنت قد تزوجت أم لا، وأخبرتها بأني لم أتزوج بعد… عندها قالت لي أنها تريد خطبتي لأخيها… كانت فرحتي كبيرة لأني كنت أتمنى بالزواج من أحد أبناء بلدي، خاصة أني في تركيا. لكني لم أظهر لها ذلك، وقلتُ لها أني أريد أن أُعلم أمي بالموضوع.
وافقت أمي على الشاب، وتشجعت لأنهُ ممن انضمّوا للجيش الحر… كما أنّ أبي لم يمانع الأمر، وتمت خطبتي دون أن أرى الشاب بعد. أمّا زواجي فلن يكون في تركيا لأنّ العريس في سوريا، ولا يستطيع المجيء، لذا أرسل لنا أخاه الكبير وأمه، لاصطحابنا… وذهبتُ أنا وأمي وأخي الكبير إلى سوريا، لأننا كنا قد حصلنا على الهوية التركية، ويسهل علينا السفر والعودة.
مكثنا في منزل أخ العريس فترة قصيرة، حتى قام وأهله بتجهيز الغرفة التي سنسكن فيها… لكنا لم نُقم عرساً كما كنتُ أحلم… ولم تأتِ صديقاتي للمباركة لي كما تحلم كل فتاة… لم يكن والدي بجانبي…
لكن ماذا أقول؟ سوى الحمدُ لله…
بعد الزواج، أقمنا في غرفة صغيرة في منزل أهل زوجي، وعشنا حياةً هادئة مليئة بالحب. وبعد انقضاء شهرين، علمتُ بأني حامل… وكانت فرحتي أنا وزوجي كبيرة.
بعدها بفترة ذهب زوجي إلى إحدى المعارك في جبل الأكراد، وغابَ عني قرابة الأسبوع. طال غيابه من دون خبر، لم يأتِ في موعد عودته… شعرت بالخوف الشديد، وأفكار كثيرة صارت تدور في رأسي…
هل هو مصاب، أم أنه قد استشهد وسأُنجب طفلاً يتيماً؟!
حاول أخوه أن يستخبر عن الموضوع من أحد أصدقائه، فأخبره أنّ زوجي قد أصيب بإحدى قدميه في المعركة، وتمّ نقله إلى أحد المشافي الميدانية… لم أعلم بالأمر فوراً، وعندما أتى شقيق زوجي ليخبرني، لم أصدّق كلامه من شدة خوفي… كنتُ أظن أنّ زوجي قد استُشهد! لكن الحمدلله، لم يحصل ذلك.
احتاجَ زوجي لعملية في قدمه، وبعدها لم يستطع المشي لمدة شهر. كان ذلك الشهر من أصعب أيام حياته، فهو غير معتاد على الجلوس في المنزل لمدة طويلة، وأنا كانت المسؤولة عنه مع أني في فترة الحمل.
تجاوزنا المحنة، وجاء الوقت الذي وضعتُ فيه طفلنا وزوجي معي…
عادت الفرحة إلى منزلنا، وكان عرسي الحقيقي بابني الأول. إبنٌ ينعم بوالدين فوق رأسهُ، ذلك صارَ الحلم الحقيقي في سوريا، وأهم من ليلة العرس!
نور المصطفى ( 26) عاماً من كرناز في ريف حماه. متزوجة ولديها طفل، وهي ربَّة منزل. نزحت عدة مرات لتستقر حالياً في إدلب.