شباب سوريون يتصدّون لظاهرة انتشار للمخدرات في مناطقهم
لقاء في المشفى لعرض دوره في علاج المدمنين تصوير أحمد العكلة
نتيجة للبطالة والظروف المعيشية الصعبة في سوريا، انتشرت حبوب الكبتاغون المخدرة بين الشبان في عدد كبير من المناطق المحررة.
بدأت ظاهرة الحبوب المخدرة في العام 2015 بشكل بسيط بين السكان المحليين. ونشطت بشكل كبير في العام 2018 ومع بداية 2019، حتى بات بيع المظاريف التي تحتوي على تلك الحبوب المخدرة ينتشر بشكل علني بين الناس. ويباع بعضها في الصيدليات دون وجود مراقبة من الفصائل أو الجهات المسؤولة من الشرطة الحرة أو حكومة الإنقاذ.
محمد السامر (23 عاماً) اسم مستعار لشاب من ريف إدلب الجنوبي، وهو أحد المتعاطين لحبوب الكبتاغون يقول: “خلال الأسبوع أتناول حبتين من الكبتاغون، حيث أن كل يومين آخذ نصف حبة تساعدني على السهر حتى الصباح، وتمنحني المزاج الجيد بالإضافة إلى البقاء نشيطاً، وتساعد على عدم الاكتراث بالوضع الحالي من الفقر والحرب”.
ويضيف السامر: “في الليلة الواحدة قد احتاج إلى ما يعادل 3 علب من الدخان عندما أتناول الكبتاغون، لأنها تجعل الشخص يدخن بشراهة، في حين أنه بعد انتهاء مفعولها صباحاً تجعل الشخص الذي يأخذها يشعر بالضيق والدوران بالإضافة إلى عدم شهيته على الأكل بشكل كامل لمدة يوم، بالتالي هي تساعد على إنقاص الوزن بشكل كبير”.
وقد أدى انتشار الحبوب المخدرة في المناطق المحررة إلى تنامي حالات الإصابات بانسداد الشرايين وخصوصاً عند كبار السن، حيث تم إسعاف شخصين من ريف إدلب الجنوبي بعد إصابتهما بجلطة دماغية، نتيجة إفراطهما بتناول الحبوب حيث أن أحدهم قد تناول 5 حبات مخدرة في يوم واحد. ومن الملاحظ ظهور كدمات تحت عيني المتعاطي إضافة إلى تناقص وزنه وانقطاع شهيته عن الطعام.
وفي سبيل مواجهة هذا الأمر أطلقت مؤسسة شباب التغييرحملة “كفى للمخدرات” وهي حملة مجتمعية توعوية، للاهتمام بالشباب في الشمال السوري، من خلال مناشير وحملات بين الشباب تظهر خطر المخدرات على حياتهم. بالإضافة إلى حث الجهات الأمنية على مواجهة هذا الخطر، وذلك بعد أن سادت حالة من التشتت والتهجير والاضطراب النفسي وتدني مستوى المعيشة وانتشار سماسرة الحروب، ونتيجة لذلك تسرب العديد من الطلاب من مدارسهم مما أدى لظهور ظاهرة سلبية في المجتمع وهي الإدمان على المخدرات بصور متعددة.
ويقول محمد سليمان (25 عاماً) وهو أحد النشطاء في حملة شباب التغيير أنه: “انطلاقاً من مسؤولية مؤسسة شباب التغيير المجتمعية واستجابة للتحديات، أطلقنا حملة تطوعية تحت اسم “كفى للمخدرات” والتي تهدف للمساهمة في مساعدة المجتمع للتخلص من الظواهر السلبية والحدمن انتشار المواد المخدرة والمساهمة في توعية المجتمع بخطورة الإدمان”.
وأضاف سليمان: “أهم النتائج التي تم استخلاصها من الزيارات الميدانية أن 80 % من الأدوية المنتشرة وتسبب الإدمان هي ترامادول وبركيتارا وكبتاغون، في حين أكد اصحاب الصيدليات التي تم زيارتها أن غالبية الطلب على الادوية المسبب للإدمان يتم من قبل أشخاص تتراوح اعمارهم بين 15 و35 سنة”.
وبحسب سليمان فقد ” تمت زيارة 3 مراكز صحية وتم التأكد من عدم وجود أخصائيين نفسيين لمعالجة حالة الإدمان التي يواجهونها في المراكز الطبية. وتم التأكيد على أن غالبية الاشخاص الذين تعرضوا لإصابات ناتجة عن الحرب هم عرضة للإدمان، بالإضافة إلى عدم وجود رقابة على تهريب المخدرات ولا على مستودعات الأدوية”.
وعن حملة “كفى للمخدرات” يقول الصيدلاني مصعب العمر أن:” الحملة لن تجد آذاناً صاغية في ظل الفلتان الأمني لأن بعض الصيدليات باتت تبيع المواد المخدرة للمدمنين لقاء أسعار مضاعفة، وخصوصاً الصيدليات التي تم افتتاحها دون وجود صيدلي فيها، أو ما بات يسمى بالدكاكين الطبية التي تصرف الدواء المخدر بدون وصفة من الطبيب”.
ويضيف العمر: “كثير من الشبان فقدوا أهاليهم السيطرة عليهم بسبب إدمانهم على الحبوب، حيث ذهب البعض إلى بيع أثاث المنزل من أجل تأمين سعر الحبوب، وخصوصاً أن المدمن قد يحتاج إلى تناول أكثر من حبة وزيادة الجرعة الدوائية مع بقائه مدمناً لفترة أطول”.
وفي 15 تموز/يوليو 2017، ضبطت القوى الأمنية التابعة لهيئة تحرير الشام، خلية اتجار وترويج للمواد المخدرة، في ريف إدلب الشمالي، حيث تمكنت بعد أكثر من أربعة أشهر من المتابعة من كشف خلايا لترويج المخدرات والاتجار بها في منطقة الدانا شمالي إدلب، وقامت بملاحقتهم واعتقال 3 تجار ومروجين ومتعاطين للمواد المخدرة وضبطت 20 كلغ و10 آلاف حبة مخدرة.
ملهم الأحمد وزير الداخلية في حكومة الإنقاذ وهي السلطة الوحيدة في المناطق المحررة بعد سيطرة تحرير الشام يقول: “تقوم حكومة الإنقاذ في المناطق المحررة متمثلة بوزارة الداخلية بالتصدي لظاهرة انتشار الحبوب المخدرة والمواد المخدرة بشكل كامل، وفي هذه الفترة انتشرت هذه الأنواع من المخدرات ولا سيما موضوع التعاطي، حيث قمنا في الشهر الأول من عام ٢٠١٩ بضبط 6 حالات، وتم تحويل المتعاطين إلى القضاء أصولاً مع تسليم المواد المخدرة المصادرة منهم”.
ويضيف الأحمد: “كما تم ضبط 13 حالة متفرقة عن طريق مخافر الشرطة التابعة لحكومة الإنقاذ وضبط حالة اتجار واحدة، طبعاً المواد المخدرة التي يتم ضبطها تحال إلى القضاء أصولاً ويتم إتلافها في القضاء، حيث أن المناطق التي تمت مصادرة المخدرات فيها وإلقاء القبض على المتعاطين والمتاجرين هي المدن الكبرى والمناطق الحدودية”.
وأعلنالأمن الجنائي التابع لوزارة الداخلية في حكومة الإنقاذ السوريةقبل أيام عن إلقاء القبض على عصابة تمتهن تجارة المخدرات في الشمال المحرر.